"العطر الفرنسي" انساب على حكومة ميقاتي | أخبار اليوم

"العطر الفرنسي" انساب على حكومة ميقاتي

| الأربعاء 02 نوفمبر 2022

هذه دوافع موقف باريس من حكومة تصريف الأعمال


 "النهار"- وجدي العريضي

بات جلياً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قد حصّن حكومته ولعبها بدهاء، ممارساً هواية تدوير الزوايا التي يتقنها جيداً، قاطعاً الطريق على مواقف واجتهادات "البرتقاليين" من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الى صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، عندما اعتبروا حكومته مستقيلة ومنتهية الصلاحيات، وبالتالي بصمة التوقيع في الدقائق القاتلة على استقالتها من عون كانت شعبوية ولزوم ما يلزم بفعل المواقف المحليّة والدوليّة التي تعتبر حكومة ميقاتي دستورية ويحق لها تصريف الأعمال وكل القراءات صبّت في هذا الاطار، في حين أن مرجعا دستوريا لبنانيا بارزا تواصل مع حقوقيين ودستوريين فرنسيين ليؤكّد المؤكّد حول هذه المسألة.

في السياق، كان لافتا أن فرنسا الأمّ الحنون للبنان ومن يمسك بزمام الملف اللبناني ويتواصل وينسّق مع المملكة العربية السعودية وسائر المعنيين بهذا الملف، أصابت اجتهادات "البرتقاليين" في مقتل عندما أكّد مصدر فرنسي رفيع (امس عبر "النهار") أنه يتعيّن على الحكومة اللبنانية وبإلحاح القيام بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، والمضي قدماً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكن المصدر نفسه شدد على ضرورة السير بالإصلاحات، ما يترك أكثر من تساؤل: هل هو تسليم بالفراغ الرئاسي واعتراف واضح بحكومة ميقاتي لتصريف الأعمال، أي أن العطر الفرنسي انساب على الحكومة الميقاتية وحصّنها؟
هنا، تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن ميقاتي جاء الى رئاسة الحكومة بدعم من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصياً، وباريس كانت الى جانبه في كل المحطات، أضف الى ذلك، وهنا بيت القصيد، ثمة معلومات بأن الفرنسيين قاموا بأكثر من استشارة قانونية ودستورية حول شرعية حكومة ميقاتي منذ أسابيع ليتأكدوا بالملموس أنه يحق لها تصريف الأعمال، ما يعني ان كل ما يجري على الساحة اللبنانية ينطلق من خلفيات سياسية، وهم على بيّنة بكل ما يحصل في هذا البلد، ويدركون أيضاً أن من الضرورة بمكان تحصين حكومة ميقاتي ودعمها، والأمر الذي ربما فاجأ البعض هو دعوتها الى التواصل مع صندوق النقد نظراً الى الحاجة الملحّة في ظل ما يعانيه لبنان من انهيارات مالية واقتصادية وحياتية. والعنوان الأساسي لباريس يتمثل بضرورة الشروع في الإصلاح حتى من قِبل حكومة تصريف الأعمال. والمصدر الفرنسي كان واضحاً حيال هذه النقطة المركزية، من دون اغفال أن هناك تماهيا وتنسيقا فرنسيا – سعوديا في شأن هذه المسألة، وقد جرى تحضير وتنسيق واضحين تيقناً من باريس والرياض بأن الفراغ الرئاسي آت، ولكن أن يُترك لبنان من دون حكومة فذلك سيغرقه بالفوضى ويؤدي الى منزلقات خطيرة، على أن يواكبا الحكومة الميقاتية من خلال توفير مستلزمات الدعم. وفي هذا الاطار عُلم أن السفير السعودي وليد البخاري وقّع قبل أيام بروتوكولات جديدة تخصّ الصندوق الفرنسي – السعودي.

وتضيف المصادر أنه سبق للرئيس الفرنسي ان اصر على الرئيس ميقاتي بأن تجري الانتخابات النيابية التي حصلت أخيراً في موعدها وكان سعيداً بحصولها، واليوم تعمل باريس على تسوية دولية إقليمية من أجل انتخاب الرئيس العتيد، وثمة تواصل مع الفاتيكان وواشنطن والرياض والقاهرة وطهران لهذه الغاية، علماً ان طبخة التسوية تحتاج الى وقت لأكثر من معطى لإنضاجها، من الحرب الروسية – الأوكرانية وما تعانيه أوروبا من أزمات اقتصادية صعبة، والتحولات الأخيرة بعد ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والتي هي أكثر من مسألة ترسيم بحري بل لها ارتباط بما يشبه الصفقة الأميركية – الإيرانية ومن ضمنها "حزب الله". بمعنى انه جرى خلط أوراق في الآونة الأخيرة انما ذلك لا يعني أن باريس أقرّت بالفراغ لكنه قد يطول، ودرءاً لما قد يحدث في الوقت الضائع نتيجة عدم وجود رئيس للجمهورية وفراغ قاتل، تهيّبت باريس الموقف على الساحة اللبنانية الخصبة والقابلة لأي تطورات سياسية وأمنية وسواها، موجهة رسالة الى المعنيين في لبنان بأن حكومة ميقاتي دستورية وقادرة على أن تقوم بالمهام المطلوبة بما في ذلك الحوار والتواصل مع صندوق النقد، أي أن يتخطى دورها ومهامها الدور الداخلي.

وتخلص المصادر الى أن ميقاتي حصّن حكومته بدءاً من الرد الناعم على حملات عون والصهر وزار بكركي والتقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وقيل إنه خاطبه حرفياً بما معناه انه ليس في وارد أن يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، ومهام حكومته واضحة دستورياً وانه ضنين بانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، الى تواصله مع "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب، ناهيك عن التماهي والتناغم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري واستقباله في السرايا منذ أكثر من أسبوع السفير السعودي. ثم ان الموقف الفرنسي الداعم لحكومته ينسحب على أكثر من عاصمة غربية وعربية وهو ما دفعه الى مغادرة لبنان للمشاركة في القمة العربية في الجزائر، مرتاحاً لهذا لدعم الذي تلقّاه حيث سيتوّجه من خلال لقاءاته بالمشاركين في القمة المذكورة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار