عداء نتنياهو وترامب وبن سلمان لبايدن هل يُنهي "الترسيم"؟ | أخبار اليوم

عداء نتنياهو وترامب وبن سلمان لبايدن هل يُنهي "الترسيم"؟

| الجمعة 04 نوفمبر 2022

اللبنانيون يدفعون الثمن مرة جديدة

"النهار"- سركيس نعوم

اللبنانيون على اختلاف شعوبهم وطوائفهم ومذاهبهم كانوا يأملون أن تسفر الانتخابات العامة في إسرائيل يوم الثلثاء الماضي عن بقاء الائتلاف الحزبي الحكومي الذي يترأسه يائير لابيد في السلطة. فهو الذي توصّل مع دولة لبنان وبموافقة علنية من "حزب الله" الى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين برعاية الإدارة الأميركية التي يترأسها بايدن، وهو الذي تعرّض لهجمات منافسه في الانتخابات بنيامين نتنياهو من جرّاء تراخيه أمام تهديدات "حزب الله" وأمينه العام السيد حسن نصرالله أو بالأحرى من جرّاء خوفه من تنفيذها فيما دولة إسرائيل هي الأقوى عسكرياً في المنطقة العربية بل في الشرق الأوسط كلّه.

وهو الذي احتاج الى تأييد الرئيس الأميركي وتشجيعه فحصل عليهما أولاً بواسطة رعاية إدارته التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل بواسطة مبعوثه النفطي آموس هوكشتاين. وقد عبّر سيّد البيت الأبيض علناً عن تأييده التفاوض المذكور وفعل مثله مسؤولون كبار في إدارته. كما أنه اتصل هاتفياً بلابيد مشجّعاً إيّاه على المضيّ قدماً في التفاوض حتى توقيع الاتفاق. اعتقد الاثنان أن التأييد الأميركي هذا غير المسبوق في قضيّةٍ "حزب الله" طرفٌ فيها سيدفع معارضي التفاوض ولاحقاً اتفاق الترسيم الى قبول الأمر الواقع، كما سيشجّع الناخبين الإسرائيليين على عدم الاستماع الى تحذيرات نتنياهو وحلفائه من الأحزاب الإسرائيلية المتطرّفة، وتالياً على التصويت بكثافة بحيث تُبعد نتائج الانتخابات منافس لابيد وتحالفه الانتخابي عن السلطة، كما حصل في الانتخابات الأربع الأخيرة في انتظار إخراج القضاء له من الحياة السياسية من جرّاء فساد ارتكبه خلال ترؤسه حكومات عدّة سابقاً بحكم قضائي نهائي قد يكون السجن أحد بنوده.

لكن أمل اللبنانيين المُشار إليه أعلاه خاب مثلما خاب أو سيخيب قريباً جداً أمل لابيد وائتلافه الانتخابي. لهذا فإن أسئلة كثيرة تُطرح اليوم مثل: هل يستطيع نتنياهو أن "يبلع" كل ما قاله عن اعتبار اتفاق الترسيم خضوعاً من لابيد للسيد حسن نصرالله و"حزبه"؟ وإذا عجز عن ذلك فهل يذهب الى حدّ نقض هذا الاتفاق وعدم احترامه أي عدم تنفيذه رغم أن موقفاً كهذا قد يُشعل نيران الحرب بين بلاده ولبنان "حزب الله" وجيشه وشعوبه ومكوّناته؟ هل تتخلى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وأجهزتها الاستخباراتية عن مواقفها السابقة المؤيّدة بمعظمها لاتفاق الترسيم والرافضة نشوب حرب مباشرة مع "حزب الله" كلفتها العسكرية والمدنية والإعمارية والاقتصادية ستكون باهظة، إذ إنها لن تكون نُزهة بسبب ترسانته الصاروخية العسكرية الضخمة وتحوّله جيشاً لا تنقصه إلا الدبابات والسلاح الجوي لكنه عوّض عنهما بصواريخه الدقيقة وغير الدقيقة التي تُعدّ بعشرات الألوف كما بطائراته المسيّرة. وهل سيترك الرئيس بايدن "إنجازاً" رعاه لمصلحة حليفة أميركا الأولى في المنطقة كما لمصلحة لبنان فيها بسبب نتنياهو؟ وهل سيدع نتنياهو يعطّل سياسته الشرق أوسطية هو المنهمك في حرب روسيا على أوكرانيا وتداعياتها السلبية على العالم وفي مقدمها أوروبا ثم دول العالم كلّها؟ الحقيقة أن لا أجوبة سهلةً وسريعةً عن هذه الأسئلة وأخرى كثيرة غيرها. لكن ذلك لا يمنع الإشارة الى أن نتنياهو "ليس حبتين" كما يُقال. وهو لا بد أن يحاول الإفادة من الظروف الداخلية الأميركية ومن صعوبات الغرب الاقتصادية من جرّاء الحرب على أوكرانيا، كما من التبدّل في بعض المناخ العربي المؤيّد لأميركا وذلك من أجل تلافي ضغط واشنطن لتنفيذ اتفاق الترسيم البحري مع لبنان أو على الأقل من أجل إرجاء تنفيذه أو تعطيل تنفيذه إذا استطاع الى ذلك سبيلاً. في هذا المجال لا بد من الإشارة الى أن أعداء الرئيس الأميركي بايدن كثيرون لكن أبرزهم حالياً ثلاثة. الأول أميركي وهو الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يقود بوصفه رئيساً فعلياً للحزب الجمهوري معركة الانتخابات النصفية التي ستجري في الولايات المتحدة بعد أيام قليلة ضد بايدن وحزبه الديموقراطي. وقد أشارت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات متخصصة عدة أكثر من مرة في الأشهر القليلة الماضية الى أن بايدن وحزبه سيخسران فيها الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ، وأنهما سيكونان محظوظين إذا احتفظا بغالبية أحدهما وتحديداً مجلس النواب. دافع ترامب في هذه المعركة الانتقام لفشله في الحصول على ولاية ثانية عام 2020. ودافع حزبه بشقيه المؤيّد لترامب أو الخائف منه على الحزب إستعادة السلطة في الكونغرس والاستعداد للانتخابات الرئاسية بعد سنتين وفي الوقت نفسه تنفيذ الأجندة الترامبية التي يعتقد خبراء كثيرون أنها ستعمّق انقسامات الداخل وتزيد العنف والفوضى، وربما تضع الأميركيين أمام احتمال نشوب حرب أهلية هي الثانية منذ تأسيس دولتهم قبل أكثر من ثلاثة قرون.

العدو الثاني للرئيس الأميركي نتنياهو الفائز في انتخابات إسرائيل الأخيرة. والأوراق التي سيستعملها مهمة أولاها تحالفه مع ترامب منذ كان رئيساً للولايات المتحدة وتحقيقه معه إنجازات عدّة أبرزها "اتفاقات أبراهام" التي فتحت دولاً خليجية مهمة أمام إسرائيل سواء بتطبيع أو بسلام رسمي أو بتعامل غير رسمي وغير معلن ولا سيما في مجالات الأمن. ثانيتها منظمة "إيباك" الأميركية ذات البرنامج الرسمي الواضح والمعترف به أميركياً المدافع عن مصالح إسرائيل التي سيكون رئيس حكومتها نتنياهو. وقد يؤمّن تعاون الفريقين الفوز لمعارضي بايدن فتستعيد إسرائيل المذكورة دورها ونفوذها الأميركي. طبعاً يعتقد كثيرون أن نتنياهو قد يفشل في العمل المباشر للتسبّب بخسارة بايدن وحزبه مثلما خسر معركة إسقاط الرئيس الأسبق أوباما في معركة تجديد ولايته الرئاسية قبل سنوات رغم خوضه إياها من واشنطن ومن الكونغرس ومن مدن أميركية عدة. وقد تساعده في ذلك مجموعات يهودية أميركية ضاقت ذرعاً بإسرائيل المتشدّدة ولا سيما بعد حكم نتنياهو الذي تجاوز عشر سنوات.

أما "العدو" الثالث للرئيس الأميركي فقد يكون على الأرجح ولي العهد السعودي الأميركي محمد بن سلمان بعد إخفاق محاولات ترتيب العلاقة بينهما. وقد بدأت تردّيها في الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية الأخيرة إذ هاجم فيها بايدن ولي العهد لدور ما له في قتل صحافي من بلاده في اسطنبول. واستمر بعد دخوله البيت الأبيض في معارضته له وتجنّب اللقاء به. وعندما التقاه أخيراً في قمة جدة قبل أشهر لم يبدُ أن الجليد ذاب. يقول الأميركيون إن العاهل المقبل للمملكة لم يصفُ قلبه حيال بايدن فلم يتجاوب مع دعوته الى اتخاذ إجراءات نفطية وغازية تساعد حلفاء أميركا على مواجهة النتائج الاقتصادية لحرب روسيا على أوكرانيا. وكان قرار أوبك+ خفض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يومياً "القشة التي قصمت ظهر البعير". طبعاً "طار عقل" المسؤولين في واشنطن وأكدوا أن انعكاسات ذلك ستكون صعبة على العلاقة بين الدولتين المتحالفتين منذ نحو ثمانية عقود. يبدو أن أحد أسباب العداء بين الرجلين هو العلاقة الوثيقة لولي العهد السعودي مع سلف بايدن أي ترامب والتأييد "الفعلي" من الأول للثاني في معركتي الانتخابات النصفية ثم الانتخابات الرئاسية بعد سنتين.

في النهاية ما يهم اللبنانيين هو أن لا يدفعهم كل المشروح وبتفصيل أعلاه الى دفع ثمن مرّة جديدة وهو هذه المرة اعتبار "اتفاق الترسيم البحري" كأنه لم يكن وتسبّب نتنياهو بحرب عسكرية مع لبنان مدمّرة للدولتين.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار