نفط لبنان بلا روسيا وعقوبات باسيل نحو رفعٍ "إداري" لا "قضائي"! | أخبار اليوم

نفط لبنان بلا روسيا وعقوبات باسيل نحو رفعٍ "إداري" لا "قضائي"!

| السبت 05 نوفمبر 2022

نفط لبنان بلا روسيا وعقوبات باسيل نحو رفعٍ "إداري" لا "قضائي"!

هل هناك أمور تمّ الاتفاق عليها على هامش اتفاق الترسيم المُنجز؟


"النهار"- سركيس نعوم

شعر رئيس مجلس النواب نبيه بري دائماً بأن هناك من يسعى الى إلغاء أي رصيد له من جرّاء مساهمته أو بالأحرى تولّيه خلال سنوات عدّة التفاوض باسم #لبنان مع الولايات المتحدة ومبعوثيها إليه لترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل، بعدما ثبت بالملموس أن المنطقة عبارة عن "منجم" كبير للنفط والغاز، وأن الأخيرة بدأت العمل الجاد للتنقيب عنهما ولاستخراجهما ثم لتصديرهما الى الخارج المحتاج إليهما بقوة.

ذلك أنه كان "المسؤول" اللبناني الوحيد عن هذا الملف منذ سنوات طويلة بموافقة من "الرئيسين" الآخرين في الدولة اللبنانية، كما من "حزب الله" الذي لا يمكن لأي تفاهم من هذا النوع ومع إسرائيل تحديداً أن يمر من دون اطلاعه ثم موافقته. أسباب ذلك معروفة لكل اللبنانيين كما للمنطقة والعالم ولا حاجة الى تكرارها. بهذه الصفة استقبل بري مرّات عدّة الموفد الأميركي الأول فريدريك هوف الذي كلّفته إدارة بلاده العمل مع لبنان وإسرائيل لإنجاز الترسيم البحري من جرّاء حاجتهما رغم استمرارهما في حال حرب منذ 1948 ورغم اتفاق الهدنة الموقّع بينهما عام 1949 الى استخراج ثروتهما الغازية واستخدامها لحل مشاكلهما الداخلية ذات الطابع الاقتصادي والمالي والتنموي. طبعاً تعاطى هوف أيضاً مع رئيس الحكومة في بداية عمله وكان في حينه نجيب ميقاتي كما مع مسؤولين آخرين. بعد سنتين من التجوال بين بيروت وتل أبيب وأحياناً القدس توصّل هوف الى تسوية أعطت لبنان 55 في المئة من مساحة المنطقة المتنازع عليها وترك لإسرائيل الـ45 في المئة الباقية، وهذا أمرٌ معروف من زمان. ومعروف أيضاً أن بري رفض العرض فعاد هوف الى تحرّكه المكوكي بين العاصمتين اللبنانية والإسرائيلية ونجح في رفع حصة لبنان من المساحة المذكورة أعلاه بنحو 150 كيلومتراً مربعاً فسارع الى إطلاع بري على هذا التطور.

لكن الأخير لم يغيّر موقفه. بدا لهوف في حينه أن دوره انتهى فـ"ضبضب" أغراضه وغادر. وكما هو معروف تعاقبت على هذه المهمة شخصيات أميركية كان أولها آموس هوكشتاين الذي لم يعرفه اللبنانيون في حينه ولا سيما الذين يعتبرون أنفسهم أكثر معرفة من غيرهم بأميركا والمتعاطين من العاملين في إدارتها مع المسائل المتنوّعة والمعقّدة في الشرق الأوسط. لكنه أخفق في حينه فحلّ مكانه سفير سابق في لبنان هو ديفيد ساترفيلد، وفشل أيضاً لأنه سعى الى إقناع لبنان بنتائج مساعي هوف، ولم يستمر لأنه كان يعدّ نفسه لتسلّم موقع جديد في وزارة الخارجية وكان تولّي سفارة بلاده في تركيا. أتى بعده في المهمة نفسها سفيرٌ أميركي سابق في لبنان أيضاً هو ديفيد هيل لكنه لم يحقّق النجاح المأمول لأن نقطة انطلاق التفاوض كانت نفسها وهي النتائج التي حقّقها هوف.

طبعاً توقّفت واشنطن عن إرسال موفدين مهمتهم الوحيدة إنجاز اتفاق #ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. لكنها عادت الى تحريك هذا الملف بواسطة هوكشتاين نفسه الذي أخفق في تعاطيه الأول مع هذه القضية بعد خروج هوف منها وفشله في تحقيق أي تقدّم فيها. لم يبدُ في البداية أنه كان مقتنعاً بإمكان إنجاز المهمة الصعبة ولاحقاً بإمكان إنجازها في سرعة. فأبطأ تحرّكه الى أن غزت روسيا أوكرانيا في 24 شباط الماضي وواجهتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بدعم الثانية بالسلاح المتنوّع والمتطوّر والمال والخبرة والتدريب. تسبّب ذلك طبعاً بعجز موسكو عن الانتصار السريع في الحرب وبنجاح كييف في صمود لم يكن يتوقّعه أحد، وبدا ولا يزال يبدو أن مصير هذه الحرب لا يزال يتأرجح وأنها ستستمر وتالياً أن فصل الشتاء البارد جداً والمثلج جداً سيكون السلاح الأمضى الذي يراهن عليه الروس للتخلّص من الإخفاق، والدافع الأقوى لمبادرة الغرب المتنوّع المذكور أعلاه الى تأمين مقوّمات الصمود في الفصل المذكور للشعب الأوكراني وأيضاً لشعوب دوله. وكان الغاز أولاً ثم النفط أبرز مقوّمات الصمود.

هذا الواقع جعل أميركا بايدن تعيد الحياة والسرعة الى حركة هوكشتاين اقتناعاً منها بأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لا بد أن يفرض استقراراً أمنياً وعسكرياً واقعياً "دوفاكتو" في المنطقة، ويمكّن الثانية من تصدير الكميات الضخمة من غازها الى أوروبا مع غاز دول أخرى في المنطقة منها مصر. ونجحت أميركا هذه في مسعاها من جرّاء إقناع بايدن إسرائيل وحكومة تصريف الأعمال فيها بالإقدام على هذا المشروع وبإعطائها ضمانة بلاده وموافقتها على أن تكون ذات دور مهم فيه وضامنة لنجاح تطبيقه والضمان أُعطي لإسرائيل وللبنان في آن واحد.

في هذا الجو المشحون بالخوف والشك والتفاؤل، بدأ آموس هوكشتاين تحرّكه وحقّق نجاحات فيه. لكنه كان يعرف أن خلافات "رؤساء لبنان الثلاثة" المتنوّعة الأسباب قد تعرقل مهمته. فبدأ في المراحل الأخيرة بعدما صار الرئيس الأول مسؤولاً عن ملف الترسيم محاولة الإفادة من تناقضاتهم ولا سيما بالإيحاء لمن له منهم مشكلات مباشرة مع أميركا بالسعي الى حلّها بناءً على طلبهم.

لكن بري كان بالمرصاد، إذ أبلغ هوكشتاين عندما زاره ناقلاً إليه التسوية قبل الأخيرة القائمة على "خط متعرّج" رفضه له وأكد تمسّكه بـ"اتفاق الإطار" الذي وقّعه مع بلاده في حضوره والذي نصّ على بداية مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في الناقورة وفي حضور الراعي الأميركي. في النهاية تمّ توقيع الاتفاق بعد دور أميركي قوي معروف ودور لـ"حزب الله" قوي وضاغط ومعروف وموافقة إيران الإسلامية حليفة الأخير. ولعل التعليق الذي أدلت به السفيرة الأميركية في لبنان في ذلك الوقت عبّر بدقّة عن تقدير غير مباشر لدور "الحزب" أو أمينه العام المُشار إليهما وكان أي التعليق أمام قلّة من العاملين على هذا الملف، وهو: "كان موقف "الحزب" أو السيد نصرالله حكيماً وعقلانياً".

هل هناك أمور تمّ الاتفاق عليها على هامش اتفاق الترسيم المُنجز؟ تفيد معلومات متابعي هذا الملف من قرب في لبنان ومعه الأطراف اللبنانيون المشاركون فيه وغير اللبنانيين أن "اتفاقاً تم على هامش اتفاق الترسيم على إقصاء روسيا عن "كونسورسيوم" أي مجموعة الشركات التي ستتولى المسح والحفر والتنقيب ثم الاستخراج في الجانب اللبناني. في هذا الإطار أتى انسحاب شركتها "نوفاتيك" منه. وفي المعلومات أن دولة قطر قد تحل مكان روسيا رغم محاولات دولة الإمارات غير الناجحة حتى الآن دخول المجموعة نفسها. وقد تكون لأسباب عدم النجاح علاقة بالخلاف بين ولي عهد السعودية وبايدن. وتفيد المعلومات أيضاً أن "حرب الترسيم" كانت حرب "حقوق وحقول" لا حرب حدود. 

ولذا لا صحّة لاقتناع لبنانيين بأنه بداية تطبيع مع إسرائيل. لكن التوصيف الذي أعطاه بايدن وآخرون للاتفاق وقال فيه إنه ترسيم لـ"الحدود" البحرية بين لبنان وإسرائيل كان معبّراً عن موقف نهائي. وتفيد المعلومات نفسها أخيراً أن بحثاً في رفع العقوبات الأميركية المفروضة على رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل جرى بحثه مع هوكشتاين في ألمانيا ثم في قطر، وأن اتفاقاً تمّ على أن يساعد هوكشتاين أو أميركا باسيل "إدارياً" في مسعاه لرفع العقوبات لا "قضائياً". وليس واضحاً ما يعنيه ذلك الآن. لكنها بداية جيدة باعتبار أن القرار في النهاية، رغم "قضائيته" ورغم "صحّة الاتهامات"، يبقى سياسياً وخاضعاً للمصلحة العليا للولايات المتحدة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار