الحزب ماضٍ في سياسة "الورقة البيضاء" "إلى أن يفرغ الآخرون من رهاناتهم" | أخبار اليوم

الحزب ماضٍ في سياسة "الورقة البيضاء" "إلى أن يفرغ الآخرون من رهاناتهم"

| الإثنين 07 نوفمبر 2022

استحقاق أساسي لا يمكن التغافل عنه وتكرار تجربة سليمان بأي شكل من الأشكال

"النهار"- ابراهيم بيرم

خلافاً لكل ما تداولته الأوساط الإعلامية والسياسية في الأيام القليلة الماضية عن توجه مضمر لدى "حزب الله" ونواب فريقه السياسي يقضي بالتخلي في الجلسة المقبلة المقررة مبدئياً الخميس المقبل لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية عن التصويت بالورقة البيضاء والعزم على التصويت باسم محدد، فإن أوساط كتلة نواب الحزب تنفي علمها بهذا الأمر وتعلن أنها ما انفكت عند الآلية التي بدأتها.

وإذا ما صدقت تلك التوجهات وأعيد التصويت بالورقة الناصعة الخالية من أي اسم عينها فإن هذا يعني أن هذا الحزب وفريقه لم يقررا بعد الانتقال الى المرحلة الثانية من خريطة طريقهما لمقاربة هذا الاستحقاق، أي الذهاب الى جلسات المجلس من الآن فصاعداً باسم مرشح موحّد ليخوض به غمار هذا الاستحقاق البالغ الاهمية بهدف منافسة مرشح أو مرشحي الفريق الآخر وفي مقدمهم النائب ميشال معوض الذي يحظى بدعم أربعة أفرقاء أساسيين بينهم حزب "القوات اللبنانية" وكتلة "اللقاء الديموقراطي" والكتائب وبعض التغييرين والمستقلين.

و"صمود " الحزب عند موقفه المبدئي المعلن والمعمول به منذ أن انطلقت جلسات الانتخاب ومضى الى الجلسة الخامسة بورقته عينها يعني بـ"التقريش السياسي" أن هناك أمرين أساسيين:

الأول أن الحزب وفريقه قاصران حتى الآن عن "تصفية" تركة التناقضات والحسابات المتضادة التي تعصف رياحها بضراوة بين مكوّنَي فريقه المسيحيين وهما "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" ما يحول دون ذهاب هذا الفريق الى جلسة الخميس محمّلاً نوابه اسماً واحداً.

وهذا يعني استطراداً أن كل الجهود التي بذلها الأمين العام للحزب السيد نصرالله في الأيام الماضية بغية إقناع رئيس التيار البرتقالي النائب جبران باسيل بأنه بات لزاماً عليه أن "يترك الفرصة" هذه المرة لغير مرشّح من تياره وتحديداً لفرنجية لم تؤت ثمارها، ما يفرض عليه لاحقاً مهمة تبدو شاقة وعسيرة وهي إما الذهاب في رحلة بذل جهود إضافية بغية إنزال باسيل عن رأس شجرة اعتراضه على اسم زعيم "المردة"، أو ولوج عتبة الخطة البديلة التي يُفترض توفرها وذلك وصولاً الى بلوغ هدف صار مكشوفاً وهو ألّا يجد نفسه يوماً مأخوذاً على حين غرة ومتفاجئاً بوصول رئيس مستعدّ للمضيّ قدماً في لعبة المواجهة معه. وبناءً علة ذلك فإن الحزب والحال هذه مضطرّ الى الاعتصام مجدّداً بـ"الورقة البيضاء" بانتظار نضوج ظروف ومعطيات أخرى تساعده على تجاوز هذه "الثغرة" عند محوره.

ويبدو أن الحزب يتعاطى بموضوعية وواقعية مع هذه الثغرة المتمثّلة بعدم القدرة على التوافق على اسم مرشح بعينه لينافس به الخصوم الذين يباهونه بأنه كان لديهم الجرأة والمقدرة على جمع شتاتهم وضبط تناقضاتهم ومن ثم الذهاب الى صندوقة الاقتراع باسم مرشح واحد هو النائب معوّض.

ولا ريب في أن الثغرة نفسها تصير "حفرة" ضاغطة في خاصرة الحزب وفريقه مع ارتفاع وتيرة الضغوط المحلية والدولية المحذرة من السلبيات والتداعيات التي ستترتب حتماً عن إطالة أمد الشغور الرئاسي، والداعية في الوقت عينه الى ضرورة التعجيل في وضع حد لهذه المراوحة عبر انتخاب رئيس جديد خصوصاً أيضاً في ظل "التحدي" الذي يمارسه الفريق الآخر بكل أريحية من خلال تكرار دعوته الى منازلة ديموقراطية تحت قبة البرلمان بمرشح بادر هو باكراً الى تسميته في مقابل مرشح الفريق الآخر الذي يتعيّن عليه أن يميط اللثام عنه.

ولكن مصادر على صلة وثقى بكتلة نواب الحزب تشير الى أن الحزب لا يخوض غمار هذا الاستحقاق ومواجهة هذا التحدي الداهم تحت وطأة هذا النوع من الكلام وهذه القرءاة النظرية، إذ ينظم عملية المواجهة عبر إدارة ممنهجة تقوم على جملة اعتبارات وحسابات صلبة لها هذه المنطلقات:

- أن الحزب يتصرف مع محطة هذا الاستحقاق باهتمام شديد ويوليه عناية خاصة لأنه بالنسبة إليه استحقاق أساسي لا يمكن التغافل عنه وتكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان بأي شكل من الأشكال، فالاستحقاق بالنسبة إليه "معركة مفصلية ومصيرية" بكل المعايير.
- أن الحزب يعي تماماً أنه يفتقر الى أغلبية مضمونة لمحوره في المجلس ما يجعل فرص المناورة والمساومة عنده متواضعة. فضلاً عن ذلك فإن الحزب يدرك أيضاً أن الظروف والمعطيات التي مكّنته من خوض استحقاق عام 2016 بمرشح واحد حصري سمّاه باكراً وصمد في سبيله أمام كل الضغوط والإغراءات التي مورست حينها عليه، لا تبدو متوفرة على نحو يسمح له بتكرار تلك التجربة.
- بناءً على ذلك فإن الحزب يتلافى في هذا الإطار أمرين، الاول ترف يفضي الى "حرق مرشحه" المعلوم ومن ثم المضيّ قدماً في سياسة "الغموض البنّاء" عبر الورقة البيضاء ورفض الكشف عن أوراقه الأخرى وخياراته البديلة.
فالحزب يعرف بلسان المصادر نفسها أن الفريق الآخر" ليس جاداً أو صادقاً "عندّما يقدم مرشحه معوض ويعلن أنه ليس في وارد طرح مرشح آخر. وفي المقابل يجد الحزب في الورقة البيضاء و"الغموض البنّاء" عنصراً من عناصر قوة "موقفه".

والحزب استطراداً يقيم على استنتاج فحواه أن هذا النهج الذي يمضي به وهو يقارب هذا الاستحقاق ليس من باب صرف الوقت بل له عنده عوائد وفوائد انطلاقاً من ثلاثة اعتبارات:
الأول: استيعاب هجمات الآخرين الذين أنسوا من أنفسهم قوة وسيطرة بعيد الانتخابات النيابية وتصرّفوا على أن زمام المبادرة قيد أيديهم فحاولو قطف الثمرة قبل نضجها.

الثاني: أن ثمة فرصة لاستدراج عروض إدراكاً منه أن الآخرين الخصوم لن يكون بمقدورهم الإتيان وحدهم برئيس من لدنهم أو يتبنّى مشروعهم مهما طال الوقت وتعدّدت الضغوط، وجعبة الحزب كما تقول المصادر عينها حافلة بالعروض واللقاءات.

الثالث: أن الوقت ليس بالضرورة سيفاً مصلتاً على رقبة الحزب وفريقه بل هو وفق المعادلات الحالية فرصة سانحة لميقات موعود يعلن فيه الآخرون اقتناعهم بضرورة التخلي عن المكابرة والذهاب الى تسوية رئاسية توافقية تقدّم التطمينات للحزب، والحزب كان جاداً حينما رفع منذ البداية شعار: تعالوا الى كلمة سواء أي تعالوا الى دائرة البحث عن رئيس توافقي لا استفزازي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار