فرنسا على أهمية دورها لا تطمئن رئاسياً | أخبار اليوم

فرنسا على أهمية دورها لا تطمئن رئاسياً

| الإثنين 14 نوفمبر 2022

الكثير من القنابل الدخانية تُرمى للتعمية على الأسباب الحقيقية للشغور الرئاسي والتعطيل

"النهار"- روزانا بومنصف

في اصطفائه تجربة كل من الرئيسين إميل لحود وميشال عون في الرئاسة، اللذين كانا الضمانة لـ"حزب الله"، وضع السيد حسن نصرالله في الميزان أفضلية مصلحة الحزب على مصلحة لبنان واللبنانيين قياساً إلى تجربتين كانتا الأسوأ في تاريخ عهود لبنان. فلحود كان واجهة لقيادة خلفية كان يقوم بها بشار الأسد، وعون كان واجهة لقيادة خلفية يتحكّم بها الحزب بعدما تراجع النظام السوري ليحوّل بلاده بالنسبة إلى إيران وروسيا ما كان لبنان بالنسبة إليه وما تركه من انهيار يتحدث عنه. فكان أكثر تأثيراً كصدمة أصابت اللبنانيين كقائد جيش سابق أيضاً ولكن كزعيم مسيحي شعبي وشعبوي، واستكمل ما بدأ به لحود على صعيد مواجهة الطائفة السنية بالنيابة عن الأسد ولاحقاً بالنيابة عن إيران أو الحزب.

أكثر ما يخشاه مراقبون سياسيون بالنسبة إلى موقع الرئاسة هو خيار مماثل حتى لو لم يكن من المرشحين المفضلين لدى الحزب، بل يجعل انتخاب مرشح أفضل أسهل بالنسبة إلى كثر، إذ يمكن تحميل الحزب مسؤولية ما سيحصل في البلد على غير مرشح يرسم تحت عنوان توافقي، فيما القيادة ستكون معقودة اللواء للحزب من جهة كما لحليفه المسيحي الذي يحاول الاحتفاظ بالحصة المسيحية وعدم تركها للرئيس الجديد. يرى هؤلاء المراقبون أن دفع البلد مجدداً إلى الشغور الرئاسي يترك كل الأطراف السياسيين ومعهم بعض الدول المهتمة تحت هاجس ضرورة ملء هذا الشغور في أسرع وقت، وتالياً تقديم التنازلات الكبيرة من أجل ذلك. وهذه النقطة تكتسب إلحاحاً أكبر في ظل انهيار البلد الذي لا يجد للمفارقة أي اهتمام في المقاربات لمواصفات الرئيس المقبل التي تطغى عليها مصلحة الأطراف لا البلد، كما في كلمة نصرالله، فيما تزداد الخشية من استعدادات لهذه الدول للمساومة من أجل ملء الموقع وانتخاب رئيس جديد.

وينبغي الإقرار بأن هناك الكثير من القنابل الدخانية التي تُرمى للتعمية على الأسباب الحقيقية للشغور الرئاسي وتعطيل انتخاب رئيس جديد، إذ يرتبك مجلس النواب في شغل الوقت الضائع وإظهار نفسه مهتماً بأولوية الانتخاب كما يرتبك في شرح "لمَ لا يتم الاتفاق الآن؟ وماذا ينتظر النواب من أجل ذلك في الوقت الذي ينتظر مساومات أو تفاهمات خارجية في ظل عدم استعداد إيران للسماح بحصول ذلك في انتظار الثمن الذي تسعى إلى الحصول عليه؟"، كذلك ينبغي الإقرار في الوقت نفسه بأن هناك مخاوف من أن ما قد يبدو تنازلاً عن سقوف عالية أو عن السعي إلى إيصال مرشحين معينين يمكن أن يؤدي إلى مرشحين أكثر ضعفاً تحت أي مسمّيات يمكن أن يدرجوا من أجل التغطية على ذلك، إذ لا يخفي سياسيون عدم الاطمئنان أساساً إلى الدور الفرنسي على هذا الصعيد، فيما هؤلاء يقرّون بأن #فرنسا قد تكون من الدول القليلة التي لا تزال تولي متابعة عن كثب ودؤوبة للبنان، ولكن من دون تجاهل مصالحها الكبيرة في المنطقة كذلك عبر لبنان. يخشى هؤلاء ومن ضمن ما يُعبَّر عنه من انتقادات لطبيعة الانفتاح الذي تمارسه السفارة الفرنسية في لبنان في اتجاه الحزب تصل أصداؤها بوضوح كما هي إلى الفرنسيين، هو مدى السعي الفرنسي إلى استرضاء إيران لمصالح اقتصادية معها أو أيضاً لاعتبارات أخرى يرى كثر أنها تندرج من ضمن السعي الفرنسي إلى التقدم كشريك لإيران في المنطقة بدلاً من الولايات المتحدة انطلاقاً من لبنان. وبغض النظر عن احتمال نجاح ذلك من عدمه، فإن ثمة مأزقاً يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه فيه بعد الانتخابات الفرنسية الأخيرة، وفي ظل ما تواجهه فرنسا ومعها أوروبا ككل في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا. يُضاف إلى ذلك توظيف إيران لأوراق تسعى إلى اكتسابها على غرار احتجاز رعايا فرنسيين في مقابل الانتقادات الفرنسية لقمع النظام الإيراني الاحتجاجات الشعبية الإيرانية واستقبال ماكرون معارضات إيرانيات، ما يجعل من المساومات متعددة الجانب ولا تنحصر فقط في مجالات محددة لتصل إلى لبنان ربما، وذلك مع العلم أنه في ما يتعلق بإنجاز أي صفقة جدية فإن إيران تستهدف إنجازها أو بيعها من الولايات المتحدة لا من فرنسا التي تقوم بدور الوساطة.

وفقدان الأطراف السياسيين الثقة بفرنسا قد يصعّب موقفها وتأثيرها، فيما يؤخذ عليها عدم حيادها في التعاطي مع الأزمة السياسية بعد انفجار مرفأ بيروت، علماً بأن أحداً لا ينكر مسارعة رئيسها وجهوده لتخفيف معاناة اللبنانيين، فيما لا خيارات كبيرة في الواقع أمام هذه الأطراف كذلك في الحاجة إلى فرنسا، لا سيما أن السياسة مصالح وليست عواطف. إلى أي مدى تساير فرنسا الحزب وإيران من أجل إنقاذ موقع الرئاسة الأولى؟ هذا ما لا يبدو واضحاً ولا مطمئناً على رغم المشاركة الفرنسية للأميركيين والسعوديين في تحديد مواصفات للرئيس المقبل تجعله مقبولاً من الجميع. ولكن العناوين فضفاضة ويمكن أن يندرج تحتها الكثير من الأمور، فيما التحدي الأكبر يقع في باب الكنيسة المارونية إن كانت تقبل بذلك ومعها أيضاً الأطراف الذين قد لا يكون مطلوباً منهم سوى تأمين النصاب من أجل انتخاب الرئيس الذي يطمئن الحزب. وبالعودة إلى هذه النقطة بالذات، فالتعالي بلطف لدى الأمين العام للحزب في تحديد الشروط لا ينفي الاستعلاء بالأوامر. فما المعايير لحماية ظهر "المقاومة"؟ وما معايير الدفاع عن البلد؟ وما الذي يعنيه الطعن بالظهر؟ وهل هو عودة لبنان إلى الحضن العربي؟ وأين تقع الاستراتيجية الدفاعية التي قال الأمين العام للحزب باستعداده لمناقشتها في ظل اشتراط رئيس للجمهورية يعمل على "تأبيد" وضع الحزب كما هو؟ الأهم أن كل ما جرى في لبنان لم يُبدّل المنطق السائد لدى الحزب ولا كذلك ما يجري في المنطقة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار