لماذا يزعم "حزب الله" امتلاكه أخيراً زمام "الاحتواء" رئاسياً؟ | أخبار اليوم

لماذا يزعم "حزب الله" امتلاكه أخيراً زمام "الاحتواء" رئاسياً؟

| الجمعة 25 نوفمبر 2022

الثنائي الشيعي أوفد إلى باريس من يبلّغها أن قراره قد استقرّ على اسم فرنجية مرشّحاً نهائياً

 "النهار"- ابراهيم بيرم

ترى مصادر على صلة بـ"حزب الله" أن الحزب نجح خلال الأيام العشرة الأخيرة في الإمساك بزمام المبادرة في شأن ملء الشغور الرئاسي، من خلال جملة خطوات وتدابير سار بها في أكثر من اتجاه داخلي وخارجي، ما أعاد إحياء تجربة العامين ونصف العام اللذين سبقا وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى مع أن الحزب يأخذ في الاعتبار أن ثمة تغييرات طرأت وحتّمت على الحزب عدم السير بلغة التحدي والاقتحام والفرض التي مارسها في تجربة ما قبل عام 2016.

في إطلالته الإعلامية الأخيرة، أطلق الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله للمرة الأولى لائحة مواصفات رأى ضرورة توفّرها بالطامح إلى منصب الرئاسة الأولى لضمان بلوغه قصر بعبدا الشاغر حالياً. وبذا بدا جليّاً أن نصرالله قرّر "اقتحام" المشهد الرئاسي. واتّضح لاحقاً وفق المصادر عينها أن ثمة مستجدات لم تكن بالحسبان فرضت عليه مغادرة "المقاعد الخلفية" والتقدم إلى الصدارة واستخدام النبرة العالية خلافاً لما كان متوقعاً منه. ومن هذه المستجدات:
- اشتعال شرارة الأحداث في إيران وعجز السلطات الإيرانية عن إطفائها طوال ما يقرب من ثلاثة أشهر.
- نتائج الانتخابات العامة في إسرائيل التي أعادت بنيامين نتنياهو إلى الحكم وهو يلوّح بخيارات تصعيدية انقلابية.
- "الانتفاضة" السياسية التي أعلنها حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والتي أطلق خلالها إشارات قيل إنها "أتعبت" نصرالله وأزعجته.
- حراك السفير السعودي وليد بخاري "المحموم" الذي ترجم ضمناً قراراً من الرياض يقضي بـ"استعادة" الحضور المكين في الساحة اللبنانية وعدم تركها مستباحة للآخرين.

حسب المعلومات فإن نصرالله كان يضمر رغبة في تأجيل مثل هذا "الاقتحام" بانتظار نضوج معطيات، منها أنه كان ينتظر أن تلعب كل القوى والمكوّنات الداخلية أوراقها وتستنفد خياراتها على نحو يجعلها تفرِغ ما في جعبتها، فيبادر الحزب إلى ملء الفراغ والظهور بمظهر الحاسم. لكن بدا جليّاً أن الحزب اضطرّ تحت وطأة تلك التطورات إلى "حرق المراحل" والمسارعة إلى فرض رؤيته أمراً واقعاً قبل أن تفلت الأمور من قبضة تقديراته.

وبناءً على ذلك، سارع إلى إطلاق لائحة تلك المواصفات التي لا تخفي مصادر الحزب أنها تنطبق على شخص واحد حصراً هو زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
واللافت أن نصرالله قرن الأمر مباشرة بكلام صريح يقطع الطريق على مرشح آخر جدي ويحظى مبدئياً بدعم، وهو قائد الجيش العماد جوزف عون، وذلك عندما أسهب في الحديث عن تعزيز واشنطن حضورها في المؤسسة العسكرية. فبدا نصرالله كأنه يرمي قفاز التحدي في وجه كثُر، داحضاً اعتقاداً أقام عليه البعض بأن الحزب سائر إلى خفض منسوب اهتمامه وتمسكه بهذا الملف الحيوي، ومؤكداً مجدداً ثابتةً نسيها كثُر وهي أن الحزب لا يرتضي أن تبقى السلطة التنفيذية بشقّيها (الرئاسة الأولى والثالثة) بيد من لا يثق بهم تماماً لكي لا تتكرر بالنسبة إليه تجربة الرئيس ميشال سليمان.

والواضح أن الحزب كان مضطراً على الأثر إلى أن يستدرك نتائج هذا السلوك ولا سيما بعدما تناهى إلى علمه "الانزعاج" الذي انتاب قائد الجيش من الكلام، فما كان من قيادة الحزب إلا أن أوفدت أعلى شخص قيادي مهمته التواصل وهو وفيق صفا إلى اليرزة. وهي خطوة أخذت كما هو معلوم حيّزاً واسعاً من التأويل والتكهّن، لكن اتضح لاحقاً أنها عبارة عن "خطوة لتهدئة الخواطر" والتأكيد على استمرار التواصل مع قائد الجيش.
وليس خافياً أن الحزب سبق هذه الخطوة بخطوات إيجابية نحو بكركي تمثّلت بلقاءات كثُر الحديث عنها بين أصدقاء للطرفين، تتوخّى إشاعة أجواء التهدئة والايجابية وتُوّجت بلقاء قيل إنه انعقد في منزل نائب كسرواني بين قيادي معني بالحزب والمستشار في بكركي وليد غيّاض. ثمة كلام أُشيع عن ترقّب وانتظار لتقارب أكثر بين الجانبين عبر ورقة مشتركة، لكنّ الحزب لا ينتظر من هذا التقارب أكثر من التهدئة ولا يراهن على أكثر من أن يوقف الصرح حربه الشرسة على الحزب التي شنّها منذ أعوام.

ولاحقاً، سرَت في الأوساط معلومات مفادها أن الثنائي الشيعي أوفد إلى باريس من يبلّغها أن قراره قد استقرّ على اسم فرنجية مرشّحاً نهائياً لمنصب الرئاسة الأولى، وأنه بات على باريس، بناءً على كلام سابق، أن تنطلق في حراك في أكثر من اتجاه تفي من خلاله بتعهّدات سابقة كانت قد أعطتها في خصوص الملف الرئاسي.
وفي كل الأحوال، يبدو أن الحزب يتصرّف بهدي من الاستنتاجات الآتية:
- إن الفريق الآخر قد استنفد أوراقه مبكراً، لأنه استعجل قطف الثمار قبل أوانها ولا سيما أن ثمة أحاديث يجري تداولها عن أن هذا الفريق شرع في رحلة بحث عن اسم آخر للرئاسة.
- إن باقي اللاعبين على المسرح السياسي بات لزاماً عليهم أن يعيدوا النظر في أوراقهم وخياراتهم، بعدما عجزوا خلال الأعوام الماضية عن إحداث تغييرات جذرية من شأنها أن تقلب المعادلات.
- أيضاً صار بإمكان باريس الخروج من حال الانكفاء التي اتبعتها منذ ما بعد انفجار المرفأ، والعودة إلى تحريك عجلة دورها في لبنان حاملة معها خطة جديدة تأخذ العبر من تجاربها السابقة غير الموفقة.
- يفترض الحزب أن حليفه التيار الوطني الحر قد أخذ فرصته كاملة لتعزيز أوراقه من جهة، والثأر ممّن حاصروا عهده الرئاسي من جهة أخرى وشيطنوه، وبالتالي صار لزاماً عليه أن يعيد النظر لملاقاة المرحلة الجديدة إن أراد فعلاً المشاركة والحضور. وبناءً على ذلك، ثمة في الحزب من بدأ يتحدث عن استيعابه حال الارتباك التي مُني بها بعد "انتفاضة" حليفه الأخيرة في وجهه، وهي التي أزعجت الحزب وخلطت أوراق تقديراته لمسار الأمور.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار