جهاد أزعور: ثلثين الولد للخال | أخبار اليوم

جهاد أزعور: ثلثين الولد للخال

| الأحد 04 ديسمبر 2022

لا أحد فاتحه في مسألة ترشيحه لرئاسة الجمهوريّة لا في الداخل ولا في الخارج

د. فادي الأحمر - اساسا ميديا
لا يُسأل شخص عن جهاد أزعور إلا ويقول إنّه رجل المرحلة. فهو رجل اقتصاد ومال وسياسة. يعرف الدولة اللبنانيّة من الداخل. يعرف نقاط ضعفها ونقاط قوّتها. عمل فيها لسنوات. وكان وزيراً في إحدى حكوماتها. ويعرف السياسيّين ويعرفونه. أكسبه عمله في صندوق النقد الدوليّ خبرة كبيرة في إنقاذ اقتصادات متعثّرة ودول مُفلسة، لكنّه لم يُبعده عن لبنان، الذي يتابع انهياره منذ بدايته، ويُقدّم النُصح للمعنيّين للخروج منه.

اسم جهاد أزعور مرشّح في التداول السياسيّ والإعلامي لرئاسة الجمهوريّة. ولكنّ قلّة من اللبنانيين يعرفونه.

من هو جهاد أزعور؟

هو من مواليد 1966. ابن سير الضنّيّة وابن شقيقة الراحل جان عبيد. تأثّر كثيراً بخاله وبطريقته في العمل السياسيّ. حصل على الدكتوراه في العلوم الماليّة الدوليّة وعلى ماستر في الاقتصاد الدوليّ والعلوم الماليّة من معهد الدراسات السياسيّة في باريس. قام بأبحاث تتّصل بالاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالميّ في جامعة هارفرد. أتى به جورج قرم إلى وزارة المالية حين كان وزيراً للماليّة (1998-2000)، فكان مديراً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في الوزارة.

بعد عودة رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة عام 2000 وتعيين فؤاد السنيورة وزيراً للماليّة، بقي أزعور في منصبه. لذلك بعد تسمية هذا الأخير رئيساً للحكومة عيّن أزعور وزيراً للمال (2005-2008)، فكانت المرّة الأولى التي يخرج فيها الرجل إلى دائرة الضوء على الرغم من أنّه ليس رجل أضواء.

على مدى سنوات عمله في وزارة الماليّة أظهر جهاد أزعور احترافاً في عمله. هو رجل وطنيّ، حرّ الضمير، متبصّر، لا يتهوّر في قراراته، جريء في التعبير عن رأيه، وصامد أمام المحن، وما أصعبها في تلك الفترة التي تعرّضت فيها البلاد لجولات من الاغتيالات السياسيّة وتعرّضت حكومة السنيوره للحصار الفعليّ من قبل حزب الله والتيار الوطنيّ الحرّ.

في عام 2011 طرح فؤاد السنيورة اسم جهاد أزعور لحاكميّة مصرف لبنان، ولكنّ سعد الحريري فضّل التجديد لرياض سلامة، فأكمل الرجل عمله في القطاع الخاص في كبرى الشركات العالميّة، ثمّ انتقل إلى صندوق النقد الدولي.

مديراً في صندوق النقد الدوليّ

منذ عام 2017 عُيّن جهاد أزعور مديراً لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. يُشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز، فكسب الكثير من الخبرة في إدارة اقتصادات الدول النامية وغير المستقرّة سياسياً واقتصادياً وفي كيفيّة النهوض بها وإنقاذها، خاصة أنّ المنطقة المسؤول عنها لا تزال تعرف الكثير من عدم الاستقرار السياسي والانهيارات الاقتصاديّة. يقع لبنان جغرافياً في دائرته، لكنّه ليس مسؤولاً عنه لأنّه لبناني. غير أنّه لا ينأى بنفسه عن أزمة بلاده. يجتمع بالمسؤولين في الحكومة وخارجها بطريقة غير رسمية وبعيداً عن الإعلام. يطّلع على ما يقومون به. ويُقدّم النُصح، وخاصّة في المفاوضات مع صندوق النقد الدوليّ. لا يشارك في أيّ اجتماع رسميّ يخصّ لبنان إلا إذا طلب مدير صندوق النقد الدوليّ ذلك.

جهاد أزعور المارونيّ

على خطى خاله جان عبيد، يحافظ جهاد أزعور على شبكة علاقات واسعة مع كلّ الأطراف اللبنانيّة. لديه علاقة وطيدة مع البطريركية المارونيّة. يلتقي سيّدها كلّما سنحت له الفرصة. يسمع هواجسه ويُعطي آراءه في الملفّات الاقتصاديّة والماليّة. يهتمّ غبطته بسماع رأيه، خاصّة أنّه خبير في هذا المجال. يرى البطريرك، الحريص على إجراء الاستحقاق الرئاسي وإخراج البلاد من الانهيار، في جهاد أزعور أحد أشخاص المرحلة، ولا سيّما أنّ اسمه يُطرَح بين الأسماء التوافقيّة. ولكن هل هو مرشّح فعليّ للرئاسة؟ وهل هو توافقيّ؟

فيه الكثير من الخال. الصدق. الاستقامة الاخلاقية. الدّقة في التعبير. الصلابة المسيحية الميثاقية اللبنانية ولو أنه ليس من سلالة عائلة سياسية.

النزاهة والشفافية

ما لا يعرفه الكثيرون أنّ الدكتور في الاقتصاد انسحب من شركة العائلة التي أسّسها والده ويديرها شقيقه أنطوان المتخصّصة بالتعهدات، انسحب منها منذ تولّيه المسؤولية العامة. واكتفى بحياة كريمة ولكن بسيطة أيضاً بعيداً عن المال والأعمال.

ربما هو الوحيد من بين "المرشحين" الذي يجمع كل هذه الصفات في شخص واحد.

أزعور مرشّح؟!

لا شكّ أنّ الرجل، ككلّ مارونيّ، يطمح إلى تبوُّؤ منصب رئاسة الجمهوريّة. ولكنّه يؤكّد لمن يلتقيه في لبنان وخارجه، أن لا أحد فاتحه في مسألة ترشيحه لرئاسة الجمهوريّة لا في الداخل ولا في الخارج. على الرغم من ذلك اسمه مطروح ويتمّ التداول به في الصالونات وفي الإعلام. والسبب أنّه شخصيّة معروفة في الخارج. الأميركيون يعرفونه من خلال عمله في صندوق النقد الدوليّ. يعرفه الفرنسيون جيّداً. فهو شارك في الإعداد لمؤتمَرَيْ باريس 1 و2. يلتقي من وقت لآخر السفير بيار دوكان، المولج متابعة أعمال مؤتمر "سيدر"، وإيمانويل بون، مستشار الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون. أمّا السعوديّون وباقي الدول العربيّة فيعرفونه من خلال عمله سابقاً في وزارة الماليّة وموقعه اليوم في صندوق النقد الدوليّ.

ربّما ستكون مشكلة "أزعور المرشّح" داخليّة أكثر منها خارجيّة، ولا سيّما مع حزب الله الذي يرفض ترشيحه لسببين: الأول أنّه يمثّل السياسة الماليّة لحكومة السنيورة، والثاني أنّه يمثّل سياسة صندوق النقد الدولي والبنك الدوليّ في إنقاذ لبنان من الانهيار. مشكلة أزعور مسيحية أيضاً، ربّما يؤيّد سمير جعجع ترشيحه لأسباب إنقاذية ويرفضه لأسباب جغرافية. فهو يُدرك أنّ الرجل قادر على قيادة مهمّة إنقاذ البلاد من أزمتها. ولكنّه في الوقت نفسه يرفض أيّ رئيس من الشمال يمكن أن ينافسه.

قد لا يصبح ترشيح جهاد أزعور، مثل ترشيح شخصيّات أخرى مماثلة، فعليّاً وجدّيّاً. إذ تنتظر الأطراف في الداخل اتّفاقاً في الخارج لا شيء يشير إلى اقترابه، ويبدو الفراغ طويلاً.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار