قطر أدركت قوّتها النّاعمة... فكان المونديال هو المفتاح! | أخبار اليوم

قطر أدركت قوّتها النّاعمة... فكان المونديال هو المفتاح!

فالنتينا سمعان | الأربعاء 07 ديسمبر 2022

هل يأتي يوم نستغلّ فيه أحد "منتجات قوّتنا" ونفرض أنفسنا بسلاسة ورقيّ؟

 فالنتينا سمعان- "أخبار اليوم"

مع نهاية الحرب الباردة، طرأ على مفهوم القوّة تحوّلًا جوهريًّا تمثّل بانتقالها من "القوّة الصّلبة" التي ترتكز على "القوّة العسكريّة" إلى "القوّة النّاعمة" التي ترتكز على الثّقافة، القيم السياسيّة والسّياسات الخارجيّة.

والقوّة النّاعمة كما عرّفها العالم السّياسي جوزيف ناي، هي القدرة على صياغة خيارات الآخرين، والحصول على ما تريد عبر الجاذبيّة، الإقناع والاستمالة، بدلًا من القهر والإكراه.

ويحظى هذا النوع من "القوّة" بأهميّة لدى الدّول "الصّغيرة" التي تسعى إلى مدّ نفوذها أو تحسين موقعها العالمي بطريقة سلميّة تفاعليّة بعيدًا عن القوّة العسكريّة، فتلجأ إلى ترويج منتجاتها الثّقافيّة (الإعلام، السّياحة، الفنّ، الرّياضة...)، وتعمل على خلق بيئة جذّابة تحسّن من خلالها صورتها وتعزّز سمعتها محليًّا، إقليميًّا ودوليًّا.

ومؤخرًا، استقطبت الرّياضة محطّ أنظار العالم بأسره، عبر كونها واحدة من الاهتمامات المؤثّرة في المجتمعات على اعتبارها مصدرًا للهويّة الجماعيّة للبلاد، فتهافتت الدّول على استقطاب الأحداث الرّياضيّة الكبرى، كونها تعدّ منصّة مثاليّة لتسليط الضّوء على الدّولة المضيفة.

ولعلّ أبرز الأمثلة على ذلك، ما تشهده قطر، التي جاهدت لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، مراهنة على "الدّبلوماسيّة الرّياضيّة" كقوّة جذب، ساعية من خلالها إلى الاستمراريّة لما بعد البطولة، فهذه الدولة تقع في منطقة عربيّة موبوءة بالصّراعات- كما هو شائع- إلّا أنّ خطوتها هذه من شأنها أن تحسّن الصّورة المرسومة عن المنطقة وتعزّز ثقة العالم بها، وتزيد من حظوظها في إقامة شراكات استراتيجيّة على أكثر من صعيد.

إلى جانب ذلك، ورغم كلّ الحملات التي شُنّت ضدّها، استطاعت قطر أن تفرض هويّتها وثقافتها الخليجيّة- العربيّة على الوافدين إليها خلال فترة البطولة، فوضعت ضوابط وإرشادات يتعيّن على كلّ وافد الإلتزام بها، لجهة التّصرّفات الممنوعة في الأماكن العامّة، طريقة اللّباس، شرب الكحول والمثليّة الجنسيّة... في مقابل ذلك أّمّنت كلّ وسائل الرّاحة والتّرفيه التي تجذب أي سائح، وفي كلتَيْ الحالتيْن سيتعرّف الملايين وبشكل أفضل على "جوّها" ونمط عيشها من خلال وسائل الإعلام ومنشورات مواقع التّواصل الاجتماعي التي ستصدر عن الصّحفيّين، المشجعّين والفرق المشاركة، ما سيجعلها مركزًا فاعلًا على خريطة السّياحة العالميّة خصوصًا بعد إقامة فنادق جديدة ومنتجعات وأسواق كبرى ومراكز مؤتمرات...

أبدعت قطر واستثمرت كثيرًا، فقطعت الشّوط الأوّل من متطلّبات "القوّة النّاعمة"، وما عليها الآن سوى الانتظار والصّبر لتحقّق نتائج مجهودها المرجوّة.

وفي هذا الصّدد، تقدّر "الفيفا" بأنّه من الممكن أن يسعى نحو 40 مليون شخص لزيارة قطر بعد انتهاء المونديال، كما تتوقّع قطر أن يضيف الحدث 17 مليار دولار لاقتصادها.

أيضًا، ذكرت وكالة الأنباء القطريّة أنّه من المتوقّع أن تبلغ الإيرادات الماليّة المباشرة من كأس العالم 2.2 مليار دولار، وأن تصل الإيرادات الاقتصاديّة طويلة الأمد في الفترة الممتدّة بين 2022 و2035 إلى 2.7 مليار دولار، إذ من المتوقّع ازدهار إيرادات السّياحة القويّة أثناء البطولة وما بعدها.

يسجّل لقطر هذا "الإنجاز" ولو أنّ نتائجه ليست آنيّة، وربّما تكون أقلّ من المتوقّع، ويؤخذ علينا أن نمضي في وصفها بـ"الدولة الصّحراويّة"، ويسجّل لها أنّها حوّلت "صحراء قاحلة" إلى طريق منير ويؤخذ علينا أنّنا حوّلنا "سويسرا الشرق" إلى نفق مظلم... فهي قرّرت، سعت، جاهدت ووصلت ثمّ شقّت طريقها نحو "قوة" ربّما تضاهي في المستقبل "قوة الكبار" على السّاحة العالميّة، ونحن نكتفي بما لدينا من "قدرات عظيمة" فلا ندعمها ولا نطوّرها بل نصفّق لها مع كلّ إنجاز ونصدر لها بيانات الفخر والاعتزاز مع كلّ نجاح في مباراة أو انسحاب من أخرى، ليبقى الكلام عندنا سيّد المواقف وعجزنا خارطة التّراجع... فهل يأتي يوم نستغلّ فيه أحد "منتجات قوّتنا" ونفرض أنفسنا على السّاحتَيْن المحليّة والدّوليّة بسلاسة ورقيّ؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة