الفرنسيون فتحوا الباب السعودي لميقاتي.. ودفتر الشروط لم يتغيّر | أخبار اليوم

الفرنسيون فتحوا الباب السعودي لميقاتي.. ودفتر الشروط لم يتغيّر

| الإثنين 12 ديسمبر 2022

لا تزال فرنسا تفضّل بقاء ميقاتي في موقعه

منير الربيع - المدن
نجحت باريس، عملياً وتكتيكياً للمرة الثانية، في تسجيل خرق لبناني سعودي. تجلّى النجاح هذه المرّة في تأمين عقد لقاء بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. أما النجاح السابق فكان في تأمين اتصال هاتفي بين بن سلمان وميقاتي بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون. اعتمدت باريس في نجاحها "الديبلوماسي" هذا على جملة عناصر، أولها تركيزها المستمر على تحقيق تقدمّ في السياسة اللبنانية، انطلاقاً من اهتمامها الدائم وسعيها للعب دور أوسع. وثانيها، استثمارها بموقفها ضد النظام الإيراني والمساند لتظاهرات الإيرانيين في تطوير علاقاتها مع السعودية، لا سيما أن في السابق كان هناك اختلاف في المقاربات بين باريس والرياض للعلاقة مع إيران ومع حزب الله.

دفتر الشروط
هذا الخلاف تجلّى في أحد اجتماعات لجنتي البلدين، اللتين تلتقيان لمناقشة تطورات الملف اللبناني. ففي ذاك الاجتماع أبدى السعوديون اعتراضاً على محاولات باريس لفتح قنوات تفاوض مع حزب الله. وانتقد السعوديون الإصرار الفرنسي على اتخاذ خيارات لبنانية تتلاقى مع مصلحة الحزب ولا تقطع معه. بعد التظاهرات في إيران صعّدت فرنسا من لهجتها، وحاولت الاستثمار في ذلك سعودياً. فكان الخرق "اللبناني" الذي تحقق بعقد لقاء بين بن سلمان وميقاتي. لكن، وحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، لا تزال شروط الرياض هي نفسها بالنسبة إلى لبنان. أي التمسك باتفاق الطائف الضامن للاستقرار، وعدم الإساءة لدول الخليج والدول العربية، انتخاب رئيس موثوق، وإنجاز الإصلاحات المطلوبة. كل هذه المواقف إلى جانب أخرى لم يتم الإعلان عنها، كانت حاضرة في اللقاء بين بن سلمان وميقاتي. وهي تندرج في سياق دفتر الشروط الثابت، ويبقى على اللبنانيين الالتزام بها، والبحث عن القدرة على تطبيقها.

بنتيجة اللقاء، وربطاً بالمساعي المستمرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والبحث في شخصية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة وبرنامجها، وربطاً أيضاً بزيارة قائد الجيش جوزيف عون إلى دولة قطر، تتكاثر التحليلات على الساحة اللبنانية، التي تربط ما بين الزيارتين، وما يمكن أن ينتج عنهما من تداعيات، لا سيما أن هناك من ذهب بعيداً في تصوير الأمر، وكأن ثمة تسوية بدأت بالتبلور أو هناك عمل لإنضاجها، وقد تقضي بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، مقابل عودة نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة.
لكن ذلك لا يزال مستبعداً، بالنظر خصوصاً إلى موقف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قال إن لبنان أمام استحقاق "لاختيار رئيسين". ومضمون الكلام هنا -حسب ما تفسره مصادر ديبلوماسية- يشير إلى الترابط بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وبحال كان رئيس الجمهورية من الشخصيات الجديدة سياسياً، فلا بد لذلك أن ينسحب على رئاسة الحكومة أيضاً.

حسابات ميقاتي
هناك وجهة نظر مختلفة هنا، تفيد بأن الفرنسيين ما زالوا على دعمهم وتمسكهم بنجيب ميقاتي كرئيس للحكومة، باعتبار أن لا أحد غيره على الساحة قادر على التعاطي مع مختلف الملفات وقادر على تدوير الزوايا. وهنا تكشف مصادر ديبلوماسية متابعة لمسار آخر اجتماع سعودي فرنسي عقد في الرياض قبل أسابيع، أن الفرنسيين فضلوا عدم البحث في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة بشكل متلازم ومتزامن. إذ اعتبروا أنه يجب إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وبعده يبدأ البحث بالحكومة. وما فُهم من هذا الموقف أن باريس لا تريد ربط الملفين ببعضهما البعض، لأنها لا تزال تفضل بقاء ميقاتي في موقعه.

قبل أسابيع، كرر ميقاتي أكثر من مرة موقفه المؤيد لسليمان فرنجية. وحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن هذا الموقف له مجموعة أسباب وأهداف، أولاً علاقة ميقاتي بفرنجية إلى جانب الحسابات المحلية الشمالية، ثانياً عدم استفزاز ميقاتي لحزب الله وحركة أمل، واعتباره أن هناك قبولاً لدى فرنجية من قبل الفرنسيين وغيرهم. ولكن في الموازاة، تشير مصادر متابعة إلى أن ميقاتي أيضاً لا يسقط من حسابه مسألة انتخاب قائد الجيش جوزيف عون. وهو مرر رسائل عديدة في أكثر من اتجاه بأنه يؤيد وصوله.

في المحصلة، بحال كان الاختراق في علاقات ميقاتي مع السعودية قد تحقق فرنسياً، بناء على استثمار فرنسي بالموقف من إيران والتظاهرات فيها، فهذا لا بد له أن يحيل النظر حالياً إلى حلفاء طهران، الذين سيكون لديهم موقف مختلف عن باريس في هذه المرحلة، لأنه بطبيعة الحال لا يمكن لفرنسا أن تطلب مساعدة إيران في لبنان بينما هي تتخذ مواقف تصعيدية ضدها، إزاء التظاهرات التي تشهدها المدن الإيرانية المختلفة. 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار