تسليم متّهمي العاقبية: إيجابية تدرأ الأسوأ | أخبار اليوم

تسليم متّهمي العاقبية: إيجابية تدرأ الأسوأ

| الأربعاء 28 ديسمبر 2022

فعل الحزب ذلك لنفسه وخدمة لمصالحه

ولو أن الامر يسهم في الحفاظ على الحد الأدنى من ماء وجه الدولة


"النهار"- روزانا بومنصف

تنهي السنة أيامها الأخيرة بالاتجاه الى المزيد من غرق لبنان في أتون أزمة الانهيار التي دفعت السلطة البلد إليه على نغمة إيجابية بالحد الأدنى وهي تسليم "حزب الله" متهمين بإطلاق النار على عناصر الكتيبة الإيرلندية في العاقبية بغض النظر عن ماهية ما ستؤول إليه النتائج النهائية.

ولكن بدا واضحاً بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين أن الحزب لن يودّ العودة الى الوراء بعدما يعتبر أنه خطا خطوات على طريق انخراطه في وضع "شرعيته" السياسية في التحاور مع بعض الدول المنفتحة عليه على رغم سلاحه. لا بل إن حادث العاقبية هدّد على نحو كبير تلك الإيجابية التي التصقت به إزاء اصطفافه كما قال وراء الدولة اللبنانية في المفاوضات مع إسرائيل فيما هو بعد شهرين على إتمام الترسيم الحدودي بين لبنان وإسرائيل ينقض الاصطفاف الذي أعلنه وراء الدولة اللبنانية لو أنه رفض أو تمنّع عن تسليم المتهمين كما انه على خلفية عدم قدرته على اصطدامه بإسرائيل في ظل الضمانات بعدم التصعيد وفقاً لما كشفه الرئيس إيمانويل ماكرون يصطدم بالقوة الدولية العاملة في الجنوب على نحو يخدم إسرائيل في دعائيتها ضدّه ويسهم بتردّي العلاقات بين الدول المشاركة في القوة الدولية العاملة في الجنوب والبيئة الجنوبية التي تعود أسباب انتعاشها أكثر من المناطق الأخرى الى وجود هذه القوة في الجنوب اللبناني ومن ضمن البيئة الشيعية التي تستفيد بقوة من الخدمات التي تقدّمها هذه القوة.

فعل الحزب ذلك لنفسه وخدمة لمصالحه ولو أن ذلك يسهم في الحفاظ على الحد الأدنى من ماء وجه الدولة اللبنانية التي تلفظ مؤسساتها الرسمية أنفاسها. فثمة مخاوف كبيرة ظهرت بعد حادث العاقبية تقوم على محورين: الأول أن آلية التمديد المعتمدة للقوة الدولية لن تبقى هي نفسها في مجلس الأمن في ظل ضغوط هائلة في الأعوام الأخيرة ترفض التمديد التلقائي من دون شروط. وهو ما يُخشى معه وعلى ضوء التطورات المتعلقة بترسيم الحدود تراجع الاعتماد على القوة الدولية الى قوة رمزية فحسب. وهو أمر غير ناضج بالنسبة الى لبنان حتى الآن. وسيكون أداء الحزب، ومن خلاله عجز الدولة اللبنانية عن القيام بواجباتها، حافزاً لذلك مع دفع خارجي أكبر للدفع في اتجاه القرار 1701 والقرارات الدولية الأخرى التي باتت ترد في كل الاحوال في المقاربة الخليجية الغربية من الازمة في لبنان. والمحور الثاني يتصل باتفاق ترسيم الحدود والمخاوف من أن يكون إغلاق منافذ التصعيد الحدودي مع إسرائيل لاعتبارات اقتصادية مصلحية أو سوى ذلك قد يدفع بغالبية العواصم الاوروبية وسواها الى عدم الاهتمام بلبنان ما دامت فوضى الانهيار منحصرة في داخل حدوده ولن تتعداه الى الجوار الاسرائيلي. وهذا يعني أن الترسيم معطوفاً على اعتداءات متعمدة أو مقصودة أو بناءً على تحريض مسبق على عناصر القوة الدولية، لو لم يتم تسليم بعض المتهمين ولا سيما في ظل تنصّل الحزب من المسؤولية عن الحادث، من شأنه أن يلقي بلبنان ككل بعيداً من أي اهتمام دولي ويسهم في عزلته والمزيد من الغرق في انهياره لا سيما في ظل غياب رئيس للجمهورية أو حكومة فاعلة تخفف من الانعكاسات السلبية لكل ذلك.

أحد الامور التي قد تُعتبر إيجابية أو يراها البعض من المراقبين الديبلوماسيين إيجابية من الحزب في سياق تطورات الاشهر الاخيرة أنه لم يعلن فيتو على أي مرشح للرئاسة على رغم رفضه لمن يعتبره مرشح تحدّ سمّته القوى المعارضة وهو النائب ميشال معوض. وحتى الآن فإنه عبّر عن وجود أفضلية لديه ولكنه لم يدعم مرشحاً علناً ولم يرفض مرشحاً علناً من دون أن يعني ذلك تساهله مع شروطه بالنسبة الى الرئيس العتيد فيما يرى كثر أن هامش لعبته السياسية يمكن أن ينفذها حلفاؤه وإن ادعوا الخلاف معه. ولكنه في موقع انتظار ويقيم حسابات أكثر من السابق بناءً على تطورات حتمية لأن لبنان لا يمكن أن يستمر بالنهج الذي وصل إليه في ذروته في عهد ميشال عون.

يقول هؤلاء المراقبون إن هناك ما يوازي ذلك إيجابية وهو بقاء الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي على الطاولة وعدم اتخاذ الاخير أي خطوات نتيجة لعدم تجاوب لبنان مع الشروط لمساعدته. ولكن الدول التي أسهمت في دفع الاتفاق مع الصندوق على رغم الظروف السياسية التي يمر فيها البلد لا تزال تحرص على ألا يرفع الاتفاق عن الطاولة وقد يبقى موجوداً لأشهر إضافية ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة على رغم أن الشروط من الصندوق موجودة في مجلس النواب ويمكن للأخير إقرارها بمعزل عن الاستحقاقات الدستورية.

في المقابل، فإن الحزب ومعه السلطة ككل لم يكسبوا أي صدقية أو ثقة ما بعد الانتخابات النيابية وفقاً للأداء الذي يحكم أهل السلطة ويعتبرون أنهم نالوا ثقة متجدّدة بواسطة الانتخابات. فبالنسبة الى هؤلاء المراقبين فإن تكرار الرئيس الفرنسي ماكرون رأيه بالطبقة السياسية وعدم تمتعها بأي صدقية أو كفاية من شأنه أن يشكل صفعة للقوى السياسية علماً بأن هذا الكلام لم تستطع العواصم المؤثرة والمعنية صرفه لا من خلال دعم المجتمع المدني ومنظماته ولا من خلال دعم وصول نواب منه باتوا يشكلون خيبة كبيرة بدورهم. ورغم هذه النظرة الى المسؤولين اللبنانيين، على رغم التعامل معهم في النهاية كأمر واقع فإن هؤلاء يظهرون عجزهم عن التواصل مع رؤساء أو زعماء الدول المؤثرة من دون وساطات من بعض قلة نادرة من رؤساء الدول الصديقة. وهو أمر يظهر مدى الانحدار الذي باتت عليه السياسة الخارجية للبنان وفقدان المسؤولين الحيثية التي تخوّلهم التواصل المباشر مع قادة الدول.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار