فرنسا لن تتورط في الأسماء وتسعى إلى إطار لانتخاب رئيس وحكومة وإصلاحات | أخبار اليوم

فرنسا لن تتورط في الأسماء وتسعى إلى إطار لانتخاب رئيس وحكومة وإصلاحات

| الجمعة 30 ديسمبر 2022

 حزب الله يستفيد من عدم وجود دولة تحل مشاكل الناس

"النهار"- سمير تويني

تعتبر باريس وفق ما اعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد اجتماع "بغداد 2" في عمّان انه لا يوجد توافق بين الاطراف المحلية والاقليمية والدولية لإخراج لبنان من مشاكله، وبالطبع حول انتخاب رئيس للجمهورية، والقيام بالاصلاحات الهيكلية التي ينتظرها المجتمع الدولي منذ نهاية عام 2019. لكن ذلك لا يعني ان التواصل منقطع بين هذه الاطراف بل هو مستمر بشكل ثنائي او ثلاثي للتوافق حول خريطة طريق تمنع انفجارا امنيا او الانحدار نحو الانهيار التام.

فالمشكلة او المشاكل اللبنانية الكثيرة تتعلق بالتأثير السلبي للسياسة الايرانية على العديد من العواصم العربية، وتحديدا بيروت ودمشق وبغداد، وحلها يحتاج كما اشار ماكرون "الى حوار اقليمي ودولي لتقليص تأثير طهران على هذه الدول". وهذا الترابط بين مسارات الدول التي تتعرض لهذا التأثير يحتاج الى حل اقليمي ودولي يؤمن اخراجها من التبعية الايرانية. ولبنان يحتاج الى الخروج من تحت المظلة الايرانية التي يفرضها "حزب الله" ليستعيد دوره داخل المجموعة العربية والدولية يُعيد اطلاق عجلته الاقتصادية والانمائية. غير ان الاوضاع التي تعيشها المنطقة مترابطة في ما بينها: الوضع في ايران وزيادة التوترات بينها من جهة واوروبا والولايات المتحدة من جهة اخرى بعدما وصلت المفاوضات حول الاتفاق النووي الى طريق مسدود ودعم طهران موسكو في حربها على اوكرانيا والتصعيد في سوريا والخلافات في العراق وعدم التوافق العربي – الفارسي، والحرب في اوكرانيا لا تسهل التوصل الى اي حلول في الاجل المتوسط فيما الحال اللبنانية باتت مرتبطة بالحل الاقليمي.

ويرى الرئيس ماكرون ان "حزب الله" فاعل على الصعيدين الامني والسياسي، وهو يستفيد من عدم وجود دولة تحل مشاكل الناس. فالمشكلة الاساسية في لبنان هي عدم القدرة على حل مشكلة الشعب اللبناني. وقد يعود الى الحزب الانخراط في العمل السياسي بسلاسة اكثر وتخفيف التوتر بينه وبين الاطراف الاخرى. وتسعى باريس منذ العام 2019 الى مساعدة لبنان والعراق خصوصا على "تعزيز سيادتيهما" من خلال دعم اقتصادي يتمثل بمشاريع للطاقة تساعد الدولتين على الانخراط في اللعبة الاقليمية. وقد تجلى ذلك في لبنان في اتفاق ترسيم الحدود بينه وبين اسرائيل واعادة اطلاق عملية التنقيب عن الغاز.

هذا الحوار المطلوب ليس مع ايران وحدها ولكن ضمن انخراط عربي – اسرائيلي، كما اشار ماكرون الذي يعتبر ان المنطقة تحتاج الى استقرار امني وتجنب افتعال خضات داخلية امنية. كل ذلك يحتاج الى وقت لتحقيقه وارادة دولية واقليمية، وانخراط داخلي.

فلبنان يعيش منذ فترة من دون سلطة تنفيذية مستقرة، وفي شغور رئاسي، وفي ظل حكومة تصريف اعمال تتعرض يوميا لهزات داخلية. وفي هذا السياق تعول باريس على انتاج اطار لوضع الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة للقيام بالاصلاح على السكة. بَيد أن الحل لا يمكن ان يكون خارجيا بل من خلال توافق داخلي يدعمه الخارج.

ثم ان لبنان هو دائما "في قلب المؤتمرات" كما يقول ماكرون، لكن ذلك لا يعني انعقاد مؤتمر حوله لتسهيل انتخاب رئيس او للضغط من اجل ذلك، بل ان مساعي باريس خلال العديد من المؤتمرات هي على سبيل المثال لاتمام اتفاقات بشأن تأمين الكهرباء التي تشكل عاملا رئيسيا في الانماء الاقتصادي، الذي يحتاج اليه لبنان لاعادة اطلاق العجلة الاقتصادية التي تؤمن عودة النمو ومن خلالها عودة الثقة الدولية بلبنان.

وعدم قيام ماكرون أخيرا بزيارة القوة الفرنسية العاملة في إطار "اليونيفيل" مردّه الى عدم وجود دولة في لبنان حاليا بكل ما للكلمة من معنى. فرئاسة الجمهورية شاغرة والحكومة مستقيلة وتصرف الاعمال والطبقة السياسية تتناحر وتعطل الانتخابات الرئاسية. لذا لم يعد لزيارته لبنان اي معنى ولن تساعد على التوصل الى حل لان التوافق مفقود. فباريس لا تود ان تقوم بدور القوى السياسية المحلية وليس لديها مرشح لرئاسة الجمهورية وهي لا تضغط من اجل انتخاب اي من المرشحين. فانتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة ومنحها الثقة هو دور القوى السياسية داخل مجلس النواب، علما ان باريس تعتبر الطبقة السياسية فاسدة وتدعو الى التغيير من خلال الشباب.

وما تقوم به فرنسا ودول اخرى صديقة للبنان هو الدفع نحو حصول الانتخابات الرئاسية، ووضع خطة انقاذ لمساعدة رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي على تخطي فترة الفراغ الرئاسي بأقل الاضرار الممكنة، والمخاوف من اهتزاز امني تتصاعد يوما بعد يوم.

وفي هذا السياق انتقدت السلطات الفرنسية والرئيس الفرنسي خلال العديد من المناسبات الطبقة السياسية الحاكمة التي "اغتنت خلال السنوات الاخيرة وهي تحافظ بكل الوسائل على مراكزها من خلال الابتزاز بجميع اشكاله". وحتى الآن لم توجه باريس سهامها الى اشخاص معينين رغم اعلانها وضع عقوبات تحظر على بعض الاشخاص السفر اليها لعدم رغبتها في قطع علاقتها مع اي لاعب كبير على الساحة اللبنانية. كما انها تعارض ضمن المجموعة الاوروبية وضع "حزب الله" بشقّيه السياسي والعسكري على لوائح العقوبات كما فعل عدد من الدول الاوروبية. وهي تأمل في ان يتوصل اللبنانيون الي انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة نزيهين وحصول تغيير ايجابي في البلد من دون الدخول في بازار الاسماء المطروحة. وفي رأيها ان المشكلة ليست في الاشخاص أو في الوضع المؤسساتي. والهدف الفرنسي هو اخراج الطبقة السياسية الفاسدة واعادة هيكلة النظام المالي ووضع خطة تحظى بدعم الشعب والشارع اللبناني بأكثريته الساحقة.

كما ان فرنسا تدعو الى المحافظة على الامن الداخلي، وهذا ما قامت به خلال الاتفاق على ترسيم الحدود، فسعت مع الاطراف الى وضع ضمانات امنية واضحة لعدم حصول اي تصعيد هو بالنسبة اليها اساسي، وتعوّل في الاسابيع المقبلة على مبادرات وسيبذل الرئيس ماكرون جهده لتحقيقها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار