"الأمن الممسوك" لم يمنع التفلّت براً وبحراً... والعام الأكثر حذراً من حرب جنوباً | أخبار اليوم

"الأمن الممسوك" لم يمنع التفلّت براً وبحراً... والعام الأكثر حذراً من حرب جنوباً

| السبت 31 ديسمبر 2022

تفلت متنقل بين الشمال والجنوب ومناطق عدة ادى الى وقوع الكثير من الضحايا

 "النهار"- عباس صباغ

سجل العام 2022 مزيدا من التحذيرات من الانفلات الامني ربطاً بتراكم اسباب الانفجار الاجتماعي. التحذيرات من الانفجار كانت داخلية وخارجية، لكن العام شهد حذراً غير اعتيادي حين أعلن "حزب الله" استعداده لخوض حرب بهدف استعادة حقوق لبنان النفطية والغازية في البلوكات الجنوبية.

وسجّل العام ايضا تفكيك شبكات "داعشية" عدة، وكذلك شبكات تجسس اسرائيلية. كما شهد تفلتاً أمنياً متنقلاً بين الشمال والجنوب ومناطق عدة ادى الى وقوع الكثير من الضحايا، فيما هزت جريمة انصار بضحاياها الاربع (الأم وبناتها الثلاث)، البلاد نظراً الى فظاعتها، ولم تكن جريمة عقتنيت (الزهراني) اقل وحشية حين قضى وحيد عائلة متى وابن الـ17 عاماً في جريمة مهولة. وسجل العام نفسه ايضا وايضا عشرات عمليات الخطف مقابل فدية، ونجحت الاجهزة الامنية في تحرير عدد من المخطوفين واستدراج بعض الخاطفين من خارج الاراضي اللبنانية.


على حافة الحرب
لم يسبق للبنان ان عاش حذراً وخشية من حرب كانت وشيكة، كما عاشه صيف العام 2022 فيما كان "حزب الله" يهدد بشكل علني بالحرب في حال عدم تمكن لبنان من الافادة من ثروته الغازية. وتدحرجت احتمالات الحرب مع عملية المسيّرات الثلاث في 2 تموز فوق منصة "كاريش" واتبِعت العملية بفيديو لاهدافها على طول تلك السواحل. الاعلان عن تلك النية جاء على لسان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وظلت حسابات الحرب قائمة الى 27 تشرين الاول عندما وقّع لبنان على الاتفاق غير المباشر ل#ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.


حادث #العاقبية...
لم يكن حادث العاقبية (الزهراني) في 14 كانون الاول حادثاً عادياً عندما ضلّت دورية لـ"اليونيفيل" الطريق ودخلت البلدة تزامناً مع تجمهر عدد من الشبان لمتابعة مباراة ربع النهائي في مونديال قطر بين فرنسا والمغرب. الاحتجاج على دخول الآلية التابعة للقوة الدولية انتهى بشكل مأسوي بعد مقتل جندي ايرلندي وجرح ثلاثة من رفاقه.

ترك الحادث ردود افعال كثيرة مع تأكيد "حزب الله" عدم علاقته بالامر وان ما حدث لم يكن مدبّراً. لاحقاً وبالتنسيق مع الجيش تم توقيف احد المشتبه فيهم بإطلاق النار الى مديرية المخابرات في الجيش فيما تولى القضاء العسكري التحقيق في الحادث في موازاة تحقيق اجرته لجنة ايرلندية حضرت الى لبنان.


أحداث متفرقة
صحيح ان الوزراء المعنيين وقادة الاجهزة الامنية يؤكدون ان الامن ممسوك واللعب به خط احمر، لكن هذا لم يمنع ارتفاع عمليات الخطف والنشل والسرقة واحياناً القتل لاسباب تافهة لا سيما في الشمال والجنوب. فما هي ابرز المحطات الامنية التي شهدها لبنان خلال هذه السنة؟

لم يشهد العام 2022 احداثاً مرتبطة بالارهاب مع تراجع ملحوظ لعمل الخلايا النائمة لنجاح الامن الاستباقي الذي تعتمده الاجهزة الامنية، مع التذكير بان تلك الاجهزة تعاني من ضائقة مالية غير مسبوقة في تاريخ لبنان وتداعياتها تنسحب على مختلف النواحي المرتبطة باستمرار عمل المؤسسات الامنية. فغياب الرعاية الصحية او على الاقل تراجعها من الاسباب التي ترهق الاجهزة الامنية، عدا عن التراجع الكبير في القدرة الشرائية للبنانيين ومن بينهم العسكريون. وفي خضم تلك الازمة فان اداء الاجهزة العسكرية يثمّن ايجاباً وفق المثل الشائع "العمل باللحم الحيّ".


تفكيك شبكات
نجح الجيش اللبناني عبر مديرية المخابرات في تفكيك خليتين "داعشيتين" فيما استطاع فرع المعلومات تفكيك 8 شبكات ارهابية.

وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام المولوي كشف في 8 تشرين الثاني ان شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي نجحت في تفكيك وتوقيف 8 شبكات ارهابية خلال عام.

هذا لا يعني ان الاجهزة الامنية الاخرى لم تواصل نشاطها في الامن الاستباقي، فمديرية المخابرات في الجيش، على سبيل المثال، نجحت في تفكيك خليتين ارهابيتين "داعشيتين" في كل من البقاع الغربي وطرابلس، مؤلفتين من عشرة اشخاص على الأقل كانتا تخططان لتنفيذ عمل أمني ضد الجيش اللبناني وأهداف أخرى. ومن ابرز ما كانت تخطط له الخلية الثانية تنفيذ اعمال انغماسية وكذلك تفجير مقاهٍ خلال فترة المونديال.

المسار الثاني لعمل الاجهزة الامنية وهو الاكثر تعقيداً ودقة تمثل في تفكيك وتوقيف شبكات تجسس تعمل لمصلحة اسرائيل.

فمطلع العام اعلن الكشف عن 17 شبكة تجسس إسرائيلية لها أدوار إقليمية ومحلية، في واحدة من أكبر العمليات الأمنية التي عرفها لبنان منذ اكثر من عقد.

مكافحة شبكات التجسس استحوذت على جهود الاجهزة الامنية، ولاسيما ان الازمة الاقتصادية الخانقة شكلت تربة خصبة لتسلل "الموساد" عبر شركات وهمية وتقديم عروض مغرية للعمل المغلف بالتعامل. وبحسب الارقام فقد سجل لبنان خلال 3 أعوام أعلى نسبة من الموقوفين بجرم التعامل مع إسرائيل، ووصل عدد الموقوفين والمشتبه في تعاملهم مع العدو الاسرائيلي الى 185، ويعدّ ذلك الرقم قياسياً مقارنة بالسنوات السابقة، وعلى سبيل المثال تم توقيف نحو 100 شخص بين العامين 2009 و2014.


بحر الشمال ... ابتلع عشرات الفقراء
لم يجد الذين ضاقت بهم السبل سوى الإبحار على مراكب الموت طمعاً بالوصول الى حياة كريمة او على الاقل تأمين مقومات الاستمرار على قيد الحياة. وكان الشمال على موعد مع محطات مفجعة بعد غرق العشرات من المهاجرين غير الشرعيين. وحلّت الكارثة الاولى في 23 نيسان عندما غرق مركب على متنه نحو 80 راكباً بينهم اطفال ونساء، واعلن الجيش انقاذ 48 من الركاب فيما لا تزال جثامين الغرقى في قعر البحر على عمق نحو 500 متر بعد تعذر انتشالهم.

وفي 22 ايلول غرق مركب على متنه لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، قبالة ساحل مدينة طرطوس في سوريا، بعدما انطلق من الشمال باتجاه سواحل أوروبا، وتم العثور على نحو 100 جثة لركاب المركب المنكوب.

ولم تقتصر حوادث الغرق على السواحل اللبنانية وانما وصلت الى سواحل تركيا واليونان حيث قضى العديد من المهاجرين من لبنان عبر مراكب الموت.

وسجل العام 2022 محاولة اكثر من 1000 مهاجر الوصول الى الشواطىء الاوروبية، وتمكن الجيش من ضبط نحو 50 عملية تهريب.


اقتحام مصارف
تجلت تداعيات الازمة الاقتصادية الخانقة في مشاهد كثيرة، وكانت عمليات اقتحام المصارف لاسترداد الودائع ابرز ما ميز العام 2022 بعد ارتفاع وتيرتها. واذا كان المودع عبد الله الساعي قد افتتح عمليات اقتحام المصارف بالقوة لاسترداد وديعته في 18 كانون الثاني، فإن مودعين آخرين ساروا على خطاه منهم بسام الشيخ حسين الذي اقتحم مصرفاً في الحمرا للمطالبة بوديعته. ما قام به الشيخ حسين في 11 آب بما رافقه من صخب تكرر بعد نحو شهر وتحديداً في 16 ايلول الذي كان له النصيب الاكبر من عمليات الاقتحام التي فاقت الخمس من بيروت الى الجبل مروراً بالضاحية ووصولاً الى الجنوب. وكان اللافت قبل "يوم الاقتحامات المشهود" عملية اقتحام نفذتها المودعة سالي حافظ في 14 ايلول، وكذلك مشاركة عسكريين متقاعدين وفي الخدمة الفعلية في عمليات اقتحام واحتجاز موظفين للحصول على ودائعهم.


احداث امنية وجرائم قتل
صحيح ان تداعيات الازمة المعيشية الخانقة تسبب توتراً لدى عموم اللبنانيين، واستسهال اطلاق النار حتى لاسباب تافهة وما ينتج عن ذلك من وقوع ضحايا او مصابين، الا ان العدد الاكبر من الحوادث الامنية شهدها الشمال حيث سجلت حوادث اطلاق نار بشكل شبه دائم.
وشهدت طرابلس في مطلع تموز حادثاً غير اعتيادي بعد عملية طعن استهدفت جندياً في الجيش اللبناني داخل مركزه في الريغا، وادت الى مقتل الطاعن واصابة الجندي.

وفي سياق متصل، كانت منطقة الكفاءات في الضاحية الجنوبية قد شهدت اعتداء على العنصر في لواء الحرس الجمهوري عباس قيس ادى الى وفاته اواخر شهر ايار، ولاحقاً تمكنت دورية للجيش من ملاحقة 3 من المتورطين في الحادث.

اما ابرز نتائج تفلت السلاح واستسهال القتل فكان سقوط الكثير من الضحايا في اكثر من منطقة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، ففي 9 ايلول قتل اربعة اشخاص بعد اطلاق نار على محل لبيع الهواتف الخليوية في منطقة التل. وفي 12 كانون الاول وبسبب خلاف على افضلية المرور في الزاهرية قتل شخص بعد اطلاق النار عليه بدم بارد، ولم ينته الشهر الا بتسجيل مزيد من حوادث القتل، وفي 22 منه قتل شاب في التل بعد اشكال امام محل للصيرفة، وكالعادة لم تكن للضحية أي علاقة بالحادث سوى مصادفة وجوده في المكان. اما الجريمة الاكثر استهجاناً شمالاً فكانت قتل الراعي محمد اللهيب من تلة العرب ـ أنفه، ابن الـ25 عاماً، في فراشه داخل منزله في الحريشه ـ شكا قرب المكان الذي يرعى فيه قطيعه.

كل ذلك ليس سوى عيّنة من الحوادث، ما دفع الجيش والقوى الامنية الى تشديد الاجراءات في المدينة وتوقيف العشرات من المطلوبين .هذا نموذج عن طرابلس لكنه ينسحب على مناطق اخرى سواء في البقاع او الجنوب وكذلك جبل لبنان.


جرائم مروعة
الجنوب كان على موعد في آذار مع جريمة مروعة في بلدة أنصار التي راحت ضحيتها عائلة المختار زكريا صفاوي بمقتل الأم وبناتها الثلاث ببرودة أعصاب على يد حسين فياض وشريكه السوري حسن الغناش بعد استدراج الاخير من داخل الاراضي السورية الى لبنان.

بدورها كانت بلدة عقتنيت في الزهراني على موعد مع جريمة رهيبة اودت بحياة الفتى ايلي متى (17 عاماً) على يد اثنين من السوريين المقيمين في البلدة.

وشهدت بلدة الزرارية جريمة قتل الشاب علي مهدي (30 عاماً)، ونجحت القوى الامنية في توقيف الجاني وتبين انه ابن عم المغدور وقد ارتكب ايضاً قبل نحو شهر جريمة قتل الشاب الفلسطيني خضر رجب (17 عاماً) بالقرب من بلدة برج رحال على اوتوستراد صيدا - صور.

حوادث القتل تنقلت في اكثر من منطقة، ففي حي السلم اطلق مجهول النار على مهدي الساحلي في حزيران ما تسبب بوفاته.

وفي الشهر عينه قتل الشاب محمد كرنبي من سكان منطقة المدينة الرياضية بعد اشكال في الطريق الجديدة. وبحسب الاحصاءات الامنية فإن نسبة القتل خلال 11 شهراً من العام 2022 تراجعت بنسبة تصل الى قرابة النصف في المئة مقارنة مع العام 2021.


الخطف للمطالبة بفدية
لم يعدم طالبو الحصول على الاموال من دون وجه حق وسيلة إلا انتهجوها بدءاً من النشل والسرقة وصولاً الى عمليات الخطف التي تصدرت الواجهة، ومعظمها كان في منطقة البقاع. ويسجل للقوى الامنية نجاحها في استدراج بعض الخاطفين المتوارين داخل الاراضي السورية الى لبنان وتحرير المخطوفين فيما لا يزال عدد من المخطوفين محتجزين خارج الحدود.

الى ذلك، نجحت القوى الامنية في توقيف مئات المتورطين بترويج المخدرات في اكثر من منطقة، وكذلك احبطت الكثير من عمليات التهريب ان عبر الحدود البرية او عبر المطار. ففي 29 ايار تمكنت القوى الامنية من توقيف شخصٍ من جنسية عربية في مطار بيروت، كان يحاول تهريب كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون إلى إحدى الدول العربية.

عمليات احباط التهريب لم تكن فقط لدى حصولها وانما كانت استباقية كتلك التي نفذتها شعبة المعلومات في 30 تشرين الاول ونجحت في ضبط اكثر من 5 ملايين حبة كبتاغون كانت مخبأة داخل الواح "فيبر" ومعدة للتهريب الى ابيدجان عبر مرفأ بيروت.

اما ابرز ضحايا حوادث السير فكان لعرسال نصيبها الدامي عندما قضى 8 اشخاص بينهم 7 من عائلة واحدة في حادث سير نتج عن اجتياح شاحنة لسيارة كانت تقلهم.

تلك ابرز المحطات الامنية في العام 2022، علماً أنها كانت حتى تاريخه أقل من التوقعات التي حذرت من الانفلات الامني تحت وطأة الازمة المعيشية الخانقة، عدا ان تلك التحذيرات جاءت ليس فقط على لسان لبنانيين وانما على لسان مسؤولين عرب وغربيين ايضا. ولكن يبدو ان اللبنانيين اعتادوا الصبر والقهر.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار