زيارة عبد اللهيان استطلاعية لا أكثر... و"نحن هنا" | أخبار اليوم

زيارة عبد اللهيان استطلاعية لا أكثر... و"نحن هنا"

| السبت 14 يناير 2023

لبنان في دائرة الاضواء الديبلوماسية ولم تخفت أنواره في ظل كل هذا الحراك في المنطقة

 "النهار"- رضوان عقيل

كسرت زيارة وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان الجليد السياسي في الداخل اللبناني حيث يستمر الافرقاء في رحلة خلافاتهم الطويلة والمراوحة المفتوحة في ملف انتخابات الرئاسة الاولى والتفرج على تحلل المؤسسات مع زيادة معاناة اللبنانيين، إذ بات عقد جلسة وزارية لحكومة تصريف الاعمال يحتاج الى جملة من التحضيرات وربطها بمصير خريطة التحالفات، وخصوصاً على خط العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".

ويحلّ عبد اللهيان في بيروت بعد التقارب السوري - التركي الاخير برعاية روسية وانتظار تطور خلاصته على المنطقة مع التوقف عند مسألة أن أنقرة لا تستطيع التمدد طويلا في الارض السورية وبناء جسور معها خارج الارادة الاميركية. وتبقى كل هذه المتغيرات الديبلوماسية والعسكرية هي محط مراقبة ايرانية من شمال سوريا الى عودة بنيامين نتنياهو الى رئاسة الحكومة الاسرائيلية. وفي خضم الحديث عن الدور الذي تقوم به باريس حيال لبنان من دون وضوح معالمه مع واشنطن والرياض، تريد طهران ان توصل رسالة الى كل من يهمه الامر: "نحن هنا وموجودون في كل الساحات" على امتداد مساحة الاقليم وأزماته، وان لبنان في دائرة الاضواء الديبلوماسية ولم تخفت أنواره في ظل كل هذا الحراك في المنطقة. وتتعاطى الديبلوماسية الايرانية مع طبقات عدة يبقى "النووي" في أعلى سلّم اهتماماتها على مدار السنوات الاخيرة. ويشكل لبنان طبقة مشتركة لأكثر من دولة تملك طهران فيها مساحة لا بأس بها.

لم تأتِ محطة عبد اللهيان في بيروت بجديد على مستوى موقف طهران من الازمات الداخلية وتعقيدات استحقاق الرئاسة الاولى، حيث كرر الرجل أن بلاده لا تتدخل في هذا الملف ولا تربطه بقضاياها مع العالم بل تترك هذه المسألة للافرقاء اللبنانيين ليتدبروا امرهم بأيديهم.

ولدى مراجعة اي مسؤول ايراني بهذه الانتخابات سرعان ما يحيل السائل سواء كان لبنانياً ام اجنبياً الى السيد حسن نصرالله الذي يملك ناصية الرد على هذا السؤال عن الموقف الايراني من الاستحقاق الرئاسي المعطل الى الآن حيث لا تظهر اي انفراجات قريبة في تعقيداته. وسبق للرئيس نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب ان تبلّغا من الرئيس الايراني ابرهيم رئيسي في نيويورك حول مقاربته للاستحقاق الرئاسي، بأن هذا الموضوع عند نصرالله، ولم يربطه آنذاك بأي ملف لا ب#ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ولا بالملف النووي، وهي (أي ايران) لا تحتاج بالطبع الى تزكية مرشح لرئاسة الجمهورية ما دامت مطمئنة الى موقع حليفها "حزب الله" في اللعبة الداخلية. واعتادت ايران تجزئة الملفات التي تخصها وعدم ربط بعضها ببعض، وهو ما تعتمده في مفاوضاتها النووية مع الغرب. ويكرر عبد اللهيان بلغته الفارسية موقف بلاده أنها لا تريد إلا الاستقرار في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية ومساعدة اللبنانيين على ان تأخذ الانتخابات الرئاسية مسارها الدستوري وانتخاب رئيس للدولة. ولم تخرج لقاءات الوزير الايراني مع المسؤولين، ولا سيما مع نظيره بوحبيب، عن اطار مساحة التشاور والاستطلاع من دون اي مبادرات يمكن البناء عليها مع العواصم المؤثرة بالملف اللبناني. ويطلق رئيس الديبلوماسية الايرانية كلاما "دافئاً" حيال السعودية، ويلمس المستمع اليه حماسة ايرانية لتطوير قنوات الحوار مع الرياض. ومن يعرف ديبلوماسية الايرانيين يقول بانها لا تتحرك ولا تنعطف في اتخاذ مواقفها على شكل حركة دراجة نارية بل على العكس تتمهل جيدا في تجاوز المنعطفات وتعمل على شكل "ناقلة طائرات" في دورانها حيث تسير وفق خطوط ثابتة على وقع "النفَس الطويل".

وكان عبد اللهيان وبوحبيب قد عرضا طويلاً الاوضاع من ملف الكهرباء الى الملف النووي بين طهران وواشنطن وما بينهما. ويكرر الاول استعداد بلاده لمساعدة لبنان في حقل الطاقة والفيول وبناء معامل للكهرباء. ويأتي رد بوحبيب بوجود ضغوط عدة تفرض على الحكومة اللبنانية عدم التعاون مع طهران قبل ازالة جملة من العقبات. ولم يكن ينقص بوحبيب الا الرد على ضيفه هنا: "عليكم ان تتفهموا ظروفنا"، وهو لا يتحدث بلسانين وكل كلامه فوق الطاولة بل على العكس حيث صارح نظيره بجملة من العقبات الداخلية والخارجية - بالاشارة الى الاميركية - التي تمنع لبنان من مد جسور التعاون مع طهران على مستوى الكهرباء. ويتفهم عبد اللهيان طبيعة لبنان وخصوصيته حيث لا يقدر في النهاية على فتح اي صفحات واسعة مع دولة شرقية فكيف اذا كانت في حجم ايران.

ويبقى من اهداف زيارة عبد اللهيان والاطلالة من منبر بيروت في هذا التوقيت ليقول بطريقة غير مباشرة ان الاحتجاجات في بلاده يتم تجاوزها ولا خوف على ثبات نظامها، ولا سيما انها محل متابعة لبنانية سياسية واعلامية، وان ما يحصل في طهران ومناطق اخرى لا يمنع رأس ديبلوماسيتها من الابتعاد عن تطورات الاقليم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار