هذه هي العوامل المعرقلة لعقد فرنسا لقاء حول لبنان | أخبار اليوم

هذه هي العوامل المعرقلة لعقد فرنسا لقاء حول لبنان

| الإثنين 16 يناير 2023

احتدام الصراع مع إيران يطيل أمد الشغور


 "النهار" - سمير تويني

يأمل اللبنانيون في الاعلان عن اجتماع دولي يتناول الملف اللبناني من كل جوانبه ويؤمّن انهاء الفراغ من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة للبدء بالاصلاحات المرجوة. لكن ذلك لا يبدو قريب المنال حتى الان رغم التوقعات الاعلامية المتتالية عن لقاءات في فرنسا لتأمين انعقاده. فما هي الاسباب والعوامل الضاغطة التي تؤخر حصوله في المدى المنظور ؟

الاجواء الدولية، وفق مصدر ديبلوماسي، غير مؤاتية حاليا لعقد مؤتمر دولي يؤمّن انتخاب رئيس للجمهورية واقتراح حل ينهي الازمة اللبنانية. وينوه الديبلوماسي العريق بحصول اجتماعات ثنائية وثلاثية تشارك فيها فرنسا لكنها لا تزال اجتماعات تقنية بين مستشارين. فدورها تأمين استمرار التواصل ومحاولة فكفكة العقد واجتراح الحلول، لكنها غير كافية وكفيلة بتأمين انعقاد مؤتمر على مستوى وزراء خارجية دول القرار دوليا واقليميا.

ويوضح المصدر نفسه اسباب الفشل التي تواجه باريس وعدم تمكنها من التقدم نحو مؤتمر لحل الازمة اللبنانية. ويشير الى ان الاجتماعات التي حصلت حتى الان تعقد بين ثلاثة اطراف: فرنسا والسعودية والولايات المتحدة، وتشارك في بعض جوانبها قطر وتدعمها مصر والامارات. هذه الاجتماعات لم تتوصل من جهة اولى الى توافق سياسي بين الدول المعنية حول صياغة حل، وما زال هناك العديد من الخلافات بين اطرافها، وجُلّ ما تم التفاهم عليه بين هذه الاطراف هو تقديم مساعدات انسانية الى الشعب اللبناني. ومن جهة ثانية، تفتقد هذه الاجتماعات الطرف الآخر الذي يمسك بالملف اللبناني، اي ايران، ما يجعل اي اجتماع في غيابها غير مجدٍ لعدم تمكن تجاوز طهران عند البحث عن حل للشغور الرئاسي والازمات التي يواجهها لبنان، و"حزب الله" حليف ايران يشكل طرفا اساسيا في المعادلة اللبنانية.

فالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قام بمحاولة قبل اجتماع "بغداد 2" لجمع الرئيس الايراني ابرهيم رئيسي وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في عمّان، ولم تنجح المحاولة نظراً الى التباعد في المواقف بين الاطراف حول العديد من النقاط.

ويلفت الديبلوماسي إياه الى ان العلاقات الفرنسية - الايرانية تشهد حاليا تحوّلاً فرنسيا في العلاقات مع النظام الايراني منذ ان شهدت المدن الايرانية موجة اعتراضية على الطبقة الحاكمة وصفها الرئيس ماكرون خلال استقباله معارضات ايرانية بـ"الثورة". وهذا التشدد الفرنسي مع ايران يتمحور حول عدم ممانعة باريس إدراج "الحرس الثوري الايراني" على لائحة المنظمات الارهابية داخل الاتحاد الاوروبي، ويمكن ان يؤدي الى وضع "حزب الله" بشقّيه السياسي والعسكري على لائحة المنظمات الارهابية. وهو في السياق ينعكس سلبا على الوضع اللبناني لان فرنسا التي تقوم بدور الوسيط وتقريب وجهات النظر بين طهران والعواصم العربية تحولت الى طرف في هذه المعادلة.

ويضيف المصدر ان باريس تواجه معضلة اخرى تمنع انعقاد مؤتمر حول لبنان، لان روسيا العضو الاساسي في مجموعة الدعم الدولية للبنان لن تنضم الى اي اجتماع نظرا الى المقاطعة التي تشهدها موسكو منذ اندلاع الحرب في اوكرانيا. فهذه المجموعة التي بامكانها تحريك الملف اللبناني معطلة بانتظار حل في اوكرانيا، وهو ليس متوقعا في المدى المنظور.

ويشير من ناحية اخرى الى ان سياسة واشنطن الاقليمية تتمثل حاليا في المحافظة على التوازنات الاقليمية بين الاطراف السنية والشيعية. وتطالب واشنطن طهران بتأمين ضمانات حول برنامجها النووي لكونه سلميا كما تعلن، وليس عسكريا لحيازتها سلاحا نوويا. وتشهد الطبقة السياسية الايرانية اختلافات حول هذا البرنامج، ذلك ان طرفا يؤيد البرنامج السلمي فيما طرف آخر يؤيد البرنامج العسكري. فان حصلت واشنطن واسرائيل على هذه الضمانات فلن تعترض الولايات المتحدة واسرائيل على السياسة الايرانية الاقليمية، وسيمكنها المحافظة على مكتسباتها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. اما اذا لم تقدم ايران هذه الضمانات فانها ستتعرض بالطبع لردة فعل اميركية - اسرائيلية قد تؤدي الى خسارة مكتسباتها الاقليمية، ومنها فرض رئيس جديد في لبنان لا يناسب سياسات ايران وذراعها "حزب الله".

وفي هذا السياق ان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يتطلب انتظار هذه التطورات، وسيكون ايراني الهوى اذا تقيدت طهران بالتوازنات وقدمت الضمانات المطلوبة. اما في حال حدوث صراع بين طهران وواشنطن فان انتخاب رئيس في لبنان سيشهد مدا وجزرا حتى انتهاء هذا الصراع.

في أي حال ان الرئيس المقبل وبمعزل عن مدة استمرار الشغور الرئاسي سيكون رئيسا لادارة الازمة التي يتخبط فيها لبنان بانتظار قيام اللاعبين الدوليين والاقليميين بايجاد الحلول لازمات المنطقة وهي متعددة الجانب.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار