انطلاق قطار تحقيقات «الثلاثي الأوروبي» عن قضايا فساد | أخبار اليوم

انطلاق قطار تحقيقات «الثلاثي الأوروبي» عن قضايا فساد

| الثلاثاء 17 يناير 2023

الراي... «تبريدٌ» في الملف القضائي الذي فُتح لعددٍ من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وسلاسةٌ طبعتْ انطلاقةَ مَهمة الوفود القضائية الأوروبية التي تأتي استكمالاً لتحقيقاتٍ في قضايا مالية وشبهات فساد وتبييض أموال وتحويلاتٍ مرتبطة بحاكم «المركزي» رياض سلامة وشقيقه رجا وآخَرين، و«حبْسُ أنفاسٍ» سياسي رصْداً للتداعيات «المتعددة الجبهة» للجلسة الجديدة لمجلس الوزراء التي دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي غداً.

هكذا بدا المشهد في بيروت أمس على هذا «المثلث» الساخن الذي سيطبع أسبوعاً يحجز موعداً أيضاً الخميس مع محطةٍ جديدة تحمل الرقم 11 في مسلسلِ جلسات انتخابِ رئيسٍ للجمهورية، وهو الاستحقاق المعطَّل الذي أَوْقف «النظامَ التشغيلي» للحُكْم في لبنان وفجّر صراع صلاحياتٍ على تخوم محاولاتِ تسيير شؤون الناس وملفاتٍ حيوية في غمرةِ اشتداد العاصفة المالية واقتراب هبوب رياح دولار الـ 50 ألفاً.

وكان قصر العدل في بيروت قبلة الأنظار في ملفين بارزين، أوّلهما شكّل مَسْرحاً لإقلاعه وتمثّل ببدء المحققين الأوروبيين من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ عملهم بالاستماع إلى شهودٍ في إطار تحقيقات تتعلّق بحاكم «المركزي»، والثاني انطلقت شرارته من باحاته (الثلاثاء الماضي) خلال تَحَرُّك لأهالي ضحايا «بيروتشيما» للضغط للإفراج عن التحقيق المعلَّق وسرعان ما تحوّل «كرة نار» شعبية - قضائية - سياسية بعد إشارةٍ من المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حماده باستدعاء 12 شخصاً من عائلات الضحايا أمام الشرطة القضائية وأحدهم، وليم نون، فُتح له ملف أيضاً أمام أمن الدولة حيث احتُجز من الجمعة حتى السبت واستدرج اعتقاله اندفاعةَ دعْمٍ كبيرة لقضية «بيروتشيما» ورفْضاً لاستسهال «استفراد» الأهالي.

وفي ملف تحقيقات الثلاثي الأوروبي، فقد دُشّنت أمس بالاستماع الى سعد العنداري، وهو نائب سابق لحاكم مصرف لبنان بصفة شاهِد، وذلك تحت سقف «بروتوكول التعاون» الذي جرى التفاهُم عليه مع النيابة العامة التمييزية وأفضى الى انتداب القاضييْن عماد قبلان وميرنا كلاس لطرْح الأسئلة.

وأشارت معلومات إلى أنه كان من المفترض أن يَجْري أمس أيضاً سماع إفادة خليل آصاف العضو السابق في هيئة الرقابة على المصارف والذي لم يحضر وقدّم عذراً طبياً.

علماً أن لائحة المطلوب استجوابهم كشهود تشمل النائب السابق لحاكم المركزي أحمد جشي ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الموارد الوزير السابق مروان خير الدين (موعدهما اليوم)، إلى جانب موظفون سابقون وحاليون في مصرف لبنان ومديرو عدد من المصارف وشخص واحد بصفة مشتبَه به.

وفي حين يأتي هذا التحقيق استكمالاً لِما كانت وحدة التعاون القضائي الأوروبية «يوروجاست» أعلنتْه قبل نحو 10 أشهر من أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمّدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه بتهم تبييض أموال و«اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021»، وفي سياق التحقق من تحويلاتٍ ماليةٍ في هذا الإطار تمّت عبر مَصارف لبنانية واستُخدمت فيها بنوكٌ في الدول الثلاث، فإن اسم حاكم المركزي غير مدرج ضمن لائحة المطلوب سماعهم في هذه المرحلة التي تستمرّ حتى 20 الجاري مبدئياً.

وفي موازاة هذا العنوان الذي يُعتبر بمثابة «ميني تدويل» لملفاتٍ تتصل بالفساد في لبنان، فإن قضية أهالي مرفأ بيروت سلكت طريقها نحو ما بدا احتواءً لمنْع أي ارتداداتٍ متفجرة لـ «قنبلة قضائية» سُحب صاعقها فجأة وما لبثت أن أحدثتْ ارتجاجاتٍ واسعة في الشارع الذي بدا صوتاً واحداً مع المعارضة ونوابها ومع الكنيسة التي واكبت احتجازَ نون لحظة بلحظة وشكلت «الجندي غير المجهول» الذي ضغط لإنهاء اعتقاله وتشكيل «مظلة حماية» للأهالي الذين كانوا على موعد أمس مع تحقيقٍ أمام تحري بيروت في مسألة تكسير زجاج قصر العدل خلال تحركهم الاحتجاجي قبل أسبوع.

وبمواكبةٍ نيابية واسعة، ووسط حضورٍ من عدد كبير من أهالي الضحايا جرى سماع 10 من هؤلاء في مفرزة تحري بيروت (فردان) وبينهم نون، قبل أن يعطي القاضي زاهر حماده إشارةً بترْكهم بسندات إقامة بعد أن طلب أن يتعهدوا بعدم التعرض للأملاك العامة والقوى الأمنية والالتزام بالتظاهرات السلمية، وسط معلوماتٍ عن متابعة لصيقة من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للحؤول دون أن يتكرر معهم ما حصل مع نون يوم الجمعة حيث أُبقي لدى أمن الدولة موقوفاً ربْطاً بملف موازٍ يشمله مع بيتر بوصعب ويتناول تصريحات تضمّنت تهديداً «بتفجير العدلية بالديناميت» والتعرّض للقضاء ودعوة المحامي العام الاستئنافي في بيروت لـ «يبلّط البحر» بعد ما نُقل عنه لجهة الإصرار على «إحضار» الأهالي للتحقيق على خلفية الاعتداء على قصر العدل.

وبعد انتهاء سماع أقوالهم أمام الشرطة القضائية انتقل نون و بوصعب إلى مقرّ أمن الدولة في الرملة البيضاء بناءً على طلب القاضي حماده الذي اتفق مع النائب (القاضي السابق) جورج عقيص والنائب ملحم خلف (نقيب المحامين السابق) على اصطحاب الشابين في سيارة عقيص (غير مخفوريْن) لاستكمال التحقيق الذي لم يكن انتهى في قضية تهديد العدلية، وسط رهان على أن هذا الملفّ سيُختم، لكن القاضي ترك الشابين رهْن التحقيق وهو ما أثار ارتيابَ خلف وعقيص اللذين كانا يتوقعان إقفال المحضر.

جلسة مكهْربة غداً

وفي موازاة ذلك، يتّجه «ليّ الأذرع» بين رئيس حكومة تصريف الأعمال و«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس السابق ميشال عون) إلى جولةٍ جديدة بعد تحديد ميقاتي موعداً لجلسة وزارية غداً على جدول أعمالها 7 بنود يتقدّمها بندا العقد مع العراق لتزويد لبنان بالزيت الثقيل لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وسلفة الخزينة لتغطية ثمن شراء 66 ألف طن متري من الغاز اويل لزوم معامل الإنتاج وبما يتيح بدء تنفيذ خطة طوارئ متعددة الجانب أريد منها أولاً توفير تغذية بالتيار بما بين 8 و10 ساعات بملاقاة رفْع التعرفة، قبل أن يتم خفض «الهدف» إلى 4 أو 5 ساعات بحجة عدم قدرة مصرف لبنان على تأمين تمويلٍ بـ 600 مليون دولار.

ومع تحوُّل الجلسة الوزارية أمراً واقعاً، يَجْري رصْدٌ دقيق لتداعياتها على مستوييْن، تقني وسياسي. الأول يرتبط تحديداً بالمطاحنة المفتوحة بين ميقاتي والتيار الحر الذي يرفض أي التئامٍ لحكومة تصريف الأعمال في كنف الشغور الرئاسي ويصرّ على بتّ الملفات المُلحّة بصيغة المَراسيم الجوّالة الممهورة بتواقيع وزراء الحكومة الـ 24 بالنيابة عن توقيع رئيس الجمهورية، وهو ما يرفضه ميقاتي في شكل قاطع متمسكاً بدستورية انعقاد الحكومة ولو كانت مستقيلة وصدور المراسيم بتوقيع رئيسها (عنه وعن رئيس الجمهورية) والوزراء المعنيين بحسب كل مرسوم.

وحاول «التيار» أمس استدراج ميقاتي مجدداً إلى ملعب «الـ 24 توقيعاً» مع كشْف وزير الطاقة وليد فياض أنه أعدّ مشاريع المراسيم المتعلقة بكل جوانب خطة الكهرباء متضمّنةً توقيعه والوزراء السبعة الآخرين الذين كانوا قاطعوا جلسة 5 ديسمبر ولن يحضروا اجتماع يوم غد، داعياً لإقرارِها من الحكومة وإكمال تواقيع الوزراء الـ 16 الباقين، وهو ما تصدّى له رئيس الحكومة مرة جديدة.

ويسود اقتناعٌ بأن مآل ما سيُقرّ غداً في ما خص الكهرباء سيرتكز على السيناريو الذي اعتمَده ميقاتي بإزاء رفْض وزير الدفاع توقيع مرسوم إعطاء الأسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية «وفق الأصول»، حيث «استعار» رئيس الحكومة إمضاءه على مشروع المرسوم «وإن كان بصيغةٍ معدَّلة، ما يفيد موافقته على مضمونه»، وهو ما يُرجّح أن يجنّب في ملف الكهرباء فريق عون إحراجاً تجاه الناس وحرمانهم من «بصيص ضوءٍ»، ليُترك له إمكان الطعن أمام مجلس شورى الدولة.

وحرص فياض على الإشارة إلى ضرورةِ تنفيذ «الحلّ لشامل قضية الكهرباء»، إلا إذا كان المطلوب الابتزاز واستدراج جلسات جديدة، موضحاً «أن مبلغ الـ62 مليون دولار المطلوب هو سلفة خزينة من أجل بواخر الفيول لإفراغها، ونحتاج إلى 75 مليون دولار أخرى لبواخر فيول أخرى بالإضافة إلى تكاليف صيانة تُقدّر بـ54 مليون دولار».

وفي الشق السياسي لهذه المنازلة القديمة - الجديدة، تتركّز الأنظار على انعكاسات الجلسة على العلاقة المهتزّة بين التيار الحر و«حزب الله» الذي كان غطّى اجتماع 5 ديسمبر واختار إمساك العصا من الوسط في ما خص المحطة الثانية للقطار الحكومي في ظل الفراغ الرئاسي مبْلَغاً المعنيين تحبيذه حصْر الجلسة بملف الكهرباء أو سيكتفي بحضورها لإمرار البنديْن المتعلقين بها ثم ينسحب.

ويخضع هذا الموقف من «حزب الله» لمعاينةٍ دقيقةٍ لردّ فعل التيار عليه، هو الذي يُكْثِر من إشاراتِ الامتعاض من «تخلي» حليفه الشيعي عنه بدءاً من الملف الرئاسي الذي يطرح فيه الحزب سليمان فرنجية كمرشح رقم واحد مع وقف الإعلان الرسمي حتى الساعة لعدم قطْع «الحبل» مع التيار، وليس انتهاءً بتغطيته ما يَعتبره فريق عون طعناً للشراكة والميثاقية من خلال اجتماعاتِ حكومة تصريف الأعمال.

وإذ من المبكر التكهّن إذا كانت جلسة الغد ستُفْضي إلى «كسْر الجرة» بين حزب الله والتيار، فإن الأكيد أن «الأجواء المكهربة» على خط علاقتهما تنعكس مزيداً من التعقيدات على الأزمة الرئاسية، في ظل رصْد إذا كان فريق عون سيُبْقي على «خط الرجعة» مع الحزب عبر تأخير «النزوح» نحو مرشح معلن خارج كتلة الورقة البيضاء، أم أن جلسة الانتخاب الرئاسية الجديدة الخميس ستنطوي على مفاجآت على هذا الصعيد.

جعجع يرفع السقف

وكانت مؤشرات دوران الملف الرئاسي في الدائرة المقفلة تعزّزت مع مواقف عالية السقف لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان حاسماً برفض وصول أي مرشح لمحور الممانعة والثنائي الشيعي «لا سليمان فرنجية ولا غيره».

وتوجّه جعجع إلى السيد حسن نصرالله قائلاً «لا تراهنوا على أننا من الممكن أن ننتخب مرشحاً تحت الضغط وإن طال الأمر خمسين سنة»، مشيراً إلى أنه «في حال تمكّن(حزب الله)من الإتيان برئيس بالشكل الذي يريده فعندها يجب إعادة النظر في كل التركيبة اللبنانيّة، إذ من غير المقبول أن نبقى والأجيال اللاحقة تحت سيطرة حزب الله اللا شرعيّة».

وأضاف «عندها يجب إعادة النظر سياسياً بتركيبة الدولة التي تسمح للحزب بالتلاعب بها لمنعه من الاستمرار بذلك وايجاد طريقة كي لا يبقى(متسلبطاً)على بقيّة اللبنانيين، (والله يوفقو مطرح ما هو بس ما بقا فينا نكمّل هيك)».

وتابع «إما رئيس فعلي ينقذ لبنان وإما كل الخيارات متاحة، والله يهنيكم بالمقاومة التي من غير المقبول ان تتسلط على بقيّة اللبنانيين عبر تركيبة مهلهلة أدت بأكثريّة الشباب الى الهجرة بسبب الأفق المسدود. سلاح الموقف لا يزال الأقوى، ولا سيما ان كان موقف حق في مواجهة الباطل، لذا إجراء الانتخابات الرئاسيّة وفق القواعد الدستوريّة او لنشوف شو بدنا نعمل لانو ما منقبل الموت وعيونا مفتوحة».
https://www.alraimedia.com/article/1623926/خارجيات/لبنان-انطلاق-قطار-تحقيقات-الثلاثي-الأوروبي-عن-قضايا-فساد

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار