فتوى نصرالله: نحن مَن يدير الفراغ الرئاسي | أخبار اليوم

فتوى نصرالله: نحن مَن يدير الفراغ الرئاسي

| الخميس 19 يناير 2023

هل ستكون لاستمرار باسيل في تحدي الامين العام تداعيات لاحقا؟

"النهار"- أحمد عياش

كان واضحا في كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عشية الجلسة التي عقدتها امس حكومة تصريف الاعمال والتي هي الثانية منذ بدء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية في آخر شهر تشرين الأول الماضي، ان جلسات أخرى ستُعقد في المرحلة المقبلة. وفي هذا الوضوح الجازم في كلام نصرالله تخطى الأخير تحفظات "التيار الوطني الحر" عن انعقاد مجلس الوزراء لحكومة تصريف الاعمال في صورة مطلقة قبل انهاء الشغور الرئاسي.

ما بات مؤكدا ان علاقات "حزب الله" مع "التيار" دخلت طورا جديدا أصبح فيه "تفاهم مار مخايل" المبرم عام 2006 والذي نظّم العلاقات بين الجانبين طوال 16 عاما من الماضي. وقد حرص نصرالله على توضيح معالم هذه العلاقات في صيغتها الجديدة التي لا تعني "التيار" وحده فحسب، وإنما تعني جميع اللبنانيين لصلتها بإدارة الفراغ الرئاسي.

في العودة الى إطلالة نصرالله مساء الثلثاء الماضي خلال حفل توزيع "جائزة الشهيد سليماني العالمية للأدب المقاوم"، فهو قارب الجدل القائم حول عقد جلسات لحكومة تصريف الاعمال التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي من زاوية هي الأولى من نوعها. فقد قال: "انتم تعرفون انه بالنهاية ‏الخبراء الدستوريون يناقشون النص الدستوري ويحللون ويفسرون ويفككون، علماء الدين لدينا ‏يدرسون فقه، هذه وظيفتهم اصلا، قانون، لكن اسمه فقه". ثم استخلص الآتي: "يحق ‏لحكومة تصريف الاعمال ان تجتمع لتأخذ القرار في حدود القضايا الضرورية والملحّة ‏وغير القابلة للتأجيل".

إذاً، من الآن فصاعدا، بحسب نصرالله، واستنادا الى "فقه العلماء"، لم تعد هناك حاجة الى العودة مرة أخرى لشرح موقف "حزب الله" من الجلسات المقبلة لحكومة تصريف الاعمال.

مرّ وقت طويل، وأهل القانون يقولون "الضرورات تبيح المحظورات". لكن نصرالله أطلّ من موقع "فقه العلماء" في المؤسسة الدينية التي ينتمي اليها زعيم الحزب، كأنه يقصد إعطاء تأييده لانعقاد الجلسات الحكومية صفة ما فوق القانون الوضعي فتجسّد واقعا دينيا له تسمّى "الفتوى" التي تماثل الحكم المبرم في العالم الواقعي.

ولتقريب الصورة على هذا المستوى، يقول وزير سابق بارز، انه اختبر بنفسه ما تعنيه "الفتوى" التي يصدرها "حزب الله". فخلال احدى الدورات الانتخابية النيابية سمع من ناخبين حصلوا على خدمات مهمة من الوزير المرشح انه بموجب "الفتوى" سينتخبون من رشّحه الحزب وذلك "حرصاً على عدم ارتكاب إثم يغضب الله".

بالطبع، لا ينتمي "التيار الوطني الحر" الى الطائفة الشيعية كي يتعامل مع كلام نصرالله كما يتعامل أتباع الأخير. ولهذا كان موقف رئيس "التيار" جبران باسيل غاضبا على إجازة الحزب إنعقاد الحكومة ولو بجدول أعمال كهربائي. حتى ان باسيل كاد أن يقترب من تكرار الكلام الذي استخدمه غداة الجلسة الحكومية السابقة الشهر الماضي ما أدى الى توتر عال بين شريكيّ "تفاهم مار مخايل". فهو قال: "إنّ الإمعان بالكذب بخرق الدستور والميثاق وإسقاط الشراكة سيعمّق الشرخ الوطني، وسيأخذنا أبعد بكثير من ضرب التوازنات والتفاهمات". وهنا وجه الشبه واضح بين "الكذب" وبين تشكيك باسيل الشهر الماضي بـ"الوعد الصادق" الذي يعني استهداف نصرالله بصورة غير مباشرة. فهل ستكون لاستمرار باسيل في تحدي نصرالله تداعيات لاحقا؟

وفي انتظار نتائج هذا التطور في العلاقات بين حارة حريك وميرنا الشالوحي، صار واضحا من الآن فصاعدا ان جدول اعمال الحكومة في مرحلة الشغور الرئاسي التي من غير المعلوم كم ستطول، سيتم إعداده فعليا برعاية "حزب الله" كما تحقق في الجلسة امس عندما قرر الحزب ما هي البنود التي من المسموح مناقشتها وإقرارها على ما ينطوي ذلك من تجاوز لصلاحيات رئيس مجلس الوزراء الذي ينيط به الدستور هذه المهمة.

هذا من ناحية عمل الحكومة في فترة الشغور الرئاسي. أما بالنسبة الى أصل المشكلة التي هي عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد عشر جلسات ولكن من دون نتيجة، فقد وجّه نصرالله سهامه الى الموارنة عندما قال ان "أحد تجليّات المشكل الأساسي في انتخاب الرئيس هو عند الموارنة وعند الكتل النيابية المارونية وعند القوى السياسية المارونية وليس عند طائفة دون طائفة أو جهة دون جهة". وفي مثل هذا الكلام، ردّ على كل من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعلى "التيار" ومؤسسه الرئيس ميشال عون ورئيسه النائب باسيل. وإذا كان من تفسير لهذا الرد فهو يعني تخفف "حزب الله" من أعباء "التفاهم" مع "التيار" وفي الوقت نفسه رمي الكرة في شِباك بكركي التي تتابع بلا هوادة مسألة ملء الشغور الرئاسي.

هل من مصلحة لنصرالله في ان يضع حزبه في مواجهة المرجعية الروحية للموارنة وأحد طرفيّ المرجعية السياسية للطائفة، أي "التيار"، الذي يتقاسم هذه المرجعية مع "القوات اللبنانية"؟

ما يعطي وزناً لرد نصرالله على "التيار" بشأن جلسات الحكومة ولو صدفة، ما صرّح به امس النائب فادي كرم عضو الكتلة النيابية لـ"القوات" التي تحمل تسمية "الجمهورية القوية"، من أن جلسة الحكومة امس "بمنظور تكتل الجمهورية القوية دستورية وميثاقية"، مؤكدا انه "من الأساس رأي التكتل واضح بأنه يمكن للحكومة أن تجتمع في الحالات الطارئة"، منبهاً إلى "ألّا يتم التصرف على أن غياب رئيس الجمهورية أمر طبيعي". لكن هدف النائب كرم بكل تأكيد هو سحب البساط من تحت أقدام "التيار" الذي يريد أن يأخذ المسيحيين الى حيث تشاء مصالحه وليس الى حيث تشاء مصالح المسيحيين.

في الخلاصة، صارت إدارة الشغور الرئاسي عمليا بيد نصرالله ولكن بموجب "فتوى" من علمائه وليس بموجب مرسوم او قانون يصدر عن المؤسسات الدستورية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار