مسلسل الاعتداءات على القنوات التلفزيونيّة ورمزيّتها السياسيّة... | أخبار اليوم

مسلسل الاعتداءات على القنوات التلفزيونيّة ورمزيّتها السياسيّة...

| الثلاثاء 24 يناير 2023

مسلسل الاعتداءات على القنوات التلفزيونيّة ورمزيّتها السياسيّة...

هل بتنا في زمن تدجين الإعلام عبر ترهيبه بقنابل ورصاص؟


"النهار"- منال شعيا

هل هي مصادفة أم مجرد لعبة قدر ان يأتي اعلان اعتماد بيروت عاصمة الاعلام العربي لعام 2023 بُعيد مشهد الاعتداء على تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للارسال"؟.. هو مشهد اعتاده اللبنانيون في الآونة الأخيرة، مع اكثر من قناة تلفزيونية، فصار السؤال مشروعا: هل بتنا في زمن تدجين الاعلام عبر ترهيبه بقنابل او رصاص او مجرد ارسال رسائل امنية؟

تاريخ الاعتداءات على القنوات التلفزيونية ليس بسيطا ولا جديدا في لبنان، حتى في زمن السلم... اذ خلال الحرب دفع الاعلام اللبناني اكثر من ثمن، وكانت من الاثمان الباهظة. اما في زمن السلم، فتعددت الروايات، وكان الاعلام يأخذ نصيبه بامتياز.

"تنميط الشيعة"؟
بالأمس، ألقى مجهولون قنبلة في اتجاه مبنى LBCI أدى انفجارها الى التسبب بأضرار مادية. وإذ فتحت الأجهزة الأمنية تحقيقا في الحادث، أكدت المؤسسة "تمسكها بكشف حقيقة ما حصل، وانها ستكون كما كانت دوماً، منبراً للحرية والدفاع عن لبنان".

عبر الفيديوات التي بثتها المحطة، ظهرت آثار القنبلة التي تسببت بأضرار في الجدار الخارجي لأحد الاستوديوات وزجاج السيارات العائدة اليها في الباحة الخارجية....اما في الأسباب، فقد ربط البعض الحادث بالاعتراض على "سكتش" ساخر حمل عنوان "تعلّم اللغة الشيعية"، او ما سُمي "تنميط الشيعة"... فكانت الرسالة الى المحطة، في زمن فراغ وفوضى غير مسبوقين.
لكنها ليست المرة الأولى بالنسبة الى الـLBC، ولعل كثرا لا يزالون يذكرون تاريخ 6 كانون الثاني 2006 حين سخر برنامج "بسمات وطن" من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فما كان من مناصري الحزب ومؤيديه الا ان نزلوا الى الشوارع واحرقوا الإطارات.

صحيح ان الاعتداء لم يحصل يومها بشكل مباشر على مبنى المحطة او موظفيها، لكنه كان رسالة شديدة اللهجة ضد المؤسسة، وكأن ثمة خطوطا حمرا ممنوع المسّ بها او الاقتراب منها...

هكذا، وبهذه البساطة، يسعى كثيرون الى تدجين الاعلام، والمفارقة ان الفئة نفسها هي من تسارع عادة الى نفي أي علاقة لها بالعناصر التي تهدد او تشتم او تلقي قنابل على وسائل الاعلام، فتبادر الى بيانات الاستنكار والاكثار من دعوات التهدئة "واحترام حرية التعبير".


تلفزيون "المستقبل" و"أيار المجيد"
9 أيار 2008 ... هو تاريخ لم ينسه البعض... كان الهجوم قاسيا جدا هذه المرة على قناة "المستقبل"... حصلت تلك الحادثة تزامناً مع حوادث 7 أيار 2008 الشهيرة، إثر صدور قرارين في مجلس الوزراء، بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بـ"حزب الله" وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير. فقامت القيامة ولم تقعد... "ولعت" بيروت والجبل أيضا... ودفع تلفزيون "المستقبل" الثمن بأكبر اعتداء عليه لم يوفر مبناه ولا حتى موظفيه بلغة "طائفية – مذهبية" بغيضة أظهرت ان المجتمع اللبناني لم يتعاف كليا من "ثقافة الحرب والنزف"...

والى 15 حزيران 2003: لم يكن المشهد اقل قسوة بالنسبة الى تلفزيون "تيار المستقبل"، حين تلقى الاخير صاروخا أوقع اضرارا جسيمة.

يومها، اعتُبر هذا الاعتداء الأول من نوعه بعد انتهاء الحرب الاهلية، لكن في ذلك العام، كانت الساحة اللبنانية بدأت تتحضر رويدا رويدا لمشهد التصفيات او الاغتيالات التي بدأت أواخر العام 2004 وتوسعت عميقا في العام 2005...

آنذاك، تبنت عملية الصاروخ مجموعة "انصار الله" ، من دون كشف مزيد من التحقيقات او التوصل الى معرفة الحقيقة... كما في كل مرة.


"ام تي في": "الحرس القديم"
لم يكن حال الـ MTV مغايرا. تلك المحطة التي أقفلت بحكم قضائي جائر عام 2002، بسبب ما عُدّ يومها مخالفة للمادة 68 من قانون الانتخابات، واستمر إقفالها لمدة سبع سنوات... في اكبر اعتداء على وسيلة إعلامية، حتى لو اخذ الاعتداء هذه المرة شكلا غير امني او عسكري... في 7 نيسان 2009 اعيد افتتاح المحطة... هي الأخرى لم تسلم من الاعتداءات والمناوشات عليها، ولعل ابرزها ما حصل قبل نحو شهرين، خلال برنامج "صار الوقت".

ففي 3 تشرين الثاني 2022، شهد هذا البرنامج إشكالا كبيرا مباشرة على الهواء... ثوان، وتطور الاشكال الى خارج الاستوديو، في مشهد اعتُبر انه محضّر له سلفا، فالتضارب الذي لم ينته في الداخل، امتد الى الخارج...حيث عمد مناصرون حزبيون قيل انهم ينتمون الى "الحرس القديم"، فتم تكسير محتويات الاستوديو واللافتات ووقوع جرحى.

وتعليقا على الحادثة، قالت إدارة المحطة: "(...) واضح أن هؤلاء يرغبون بالفوضى، وقد هدد بعضهم بذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل الحلقة، ثم هددوا المحطة بشكل مباشر بعدها".

وكالعادة، لم تُعرف نتيجة التحقيقات ومصيرها.


"الجديد": اعتداءات متتالية
الى قناة "الجديد"... عرفت هذه القناة اكثر من اعتداء. آخرها كان في كانون الأول 2022 حين شهدت اعتداءات متتالية بدأت بقنبلة مولوتوف وتطورت بطلقات نارية عدة، على مدى أيام... والسبب فيديو ساخر!

وفي شهر كانون الأول من العام 2020 ، تعرضت المحطة لاعتداء بعد انتقادها رئيس الجمهورية، فقام عدد من مناصري "التيار الوطني الحر" بالاعتداء بالحجارة والعصي...

اما فجر 2 شباط 2019، وفي حادثة ليست الأولى من نوعها، فقد اعتدى مجهولون على قناة "الجديد" عبر رمي قنبلة يدوية. لكن الاعتداء الأكبر او الأكثر رمزية، ان صح التعبير، كان في 24 تموز 2012 حين تعرضت "الجديد" لاطلاق نار وإحراق اطارات عند مدخلها.

يومها، اندلعت النيران وتطور المشهد فسارع الجيش اللبناني الى الانتشار في شوارع العاصمة عقب الهجوم في اجراء احترازي... اما الاعتداء فكان بسبب برنامج حواري بثته القناة، وتحدث فيه الشيخ احمد الأسير، وتضمن البرنامج تهجما على الأمين العام لـ"حزب الله" والرئيس نبيه بري!

المشهد نفسه... في 16 شباط 2017، حين تجمهر شباب من حركة "امل" أمام مبنى المحطة متسلحين بالحجارة والمفرقعات النارية، ومستغلين وقت عرض نشرة الأخبار، اعتراضا على كلام اعتبروه "مسيئا للرئيس بري".

ليست هذه الجردة سوى عيّنة تفصّل ابرز الاعتداءات، وليس كلها، على وسائل الاعلام والقنوات اللبنانية... ولعل كثرا لم يدركوا بعد ان التعرّض للاعلام يزيده قوة... وصوابا!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار