قلق "الحزب" يستبق لقاء باريس | أخبار اليوم

قلق "الحزب" يستبق لقاء باريس

| الثلاثاء 07 فبراير 2023

  لا فريق يمكن أن يكون داعماً لشروط الحزب وإن كانت فرنسا أو قطر تبديان تفهماً بينما

"النهار"- روزانا بومنصف

كان لـ"حزب الله" ردّ فعل استباقي قد يكون مبالغاً فيه بالنسبة الى البعض على اجتماع باريس الخماسي الذي جمع الى فرنسا كلاً من الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر يتناقض كلياً مع رد فعل قوى المعارضة. فغالبية هذه الأخيرة لم تحمّل هذا الاجتماع أكثر ممّا يُحتمل لا بل إنها خفّفت الى حدّ كبير من تأثيره ولا سيما في ظل اقتناع بأن هذا الاجتماع لن يخلص الى نتائج قادرة على تغيير المعطيات السياسية الراهنة ولا سيما لجهة تسريب أفضلية مرشح معيّن للرئاسة علماً بأن دوره ليس في هذا الاتجاه، فيما "حزب الله" بادر عبر مسؤوليه الى رفع السقف في اتجاه رفض رئيس يفرضه الخارج كما قال ولا سيما إن كان هذا الخارج أميركياً خليجياً أوروبياً إذا صحّ التعبير وإيران ليست من ضمن هذا اللقاء. ويبدو أن رد فعل الحزب الاستباقي يتصل بالمواصفات وخريطة الطريق المتوقعة خارجياً التي تصوّب نحو ترشيح إحدى الشخصيات في حد ذاتها لكن من دون تسميتها باعتبار أن أي محاولة من هذا القبيل يمكن أن تكون كما لو أنها قبلة الموت لأي مرشح محتمل بحيث لن يرفضه الحزب فحسب بل سائر القوى السياسية كذلك. ولكن قد تكون مخاوف الحزب من أن الأمور على طريقة أغنية فيروز الشهيرة "سمّى الجيرة وسمّى الحيّ ولولا شوي سمّاني".

وبالنسبة الى البعض فإن موقف الحزب هو على سبيل التحوط مسبقاً ولا سيما أن لا فريق يمكن أن يكون داعماً لشروط الحزب وإن كانت فرنسا أو قطر تبديان تفهماً بينما لا حساسية كبرى تجاه رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه بمقدار ما هي حساسية تجاه واقع أن "حزب الله" هو من بات يأتي بالرئيس المسيحي في لبنان.

وتحسّس الحزب يأتي في شكل خاص في ظل توجّس من الوثائقي الفرنسي الذي بدأ عرضه على إحدى محطات التلفزة الفرنسية. فبث الوثائقي عشيّة الاجتماع الخماسي قد يبدو أو يفسّر بمثابة رسالة واضحة الى خطورة التسليم بما يريده الحزب في ظل تسليط الأضواء على نشاطه المتصل بكارتيلات المخدّرات في كولومبيا وبالبعد الخطير لنشاطه على المستويين الإقليمي والدولي. فما أظهره الوثائقي أن الأدلة التي تلاحقه بموجبها الولايات المتحدة حقيقية وليست تحاملاً أو مجرّد أسباب سياسية فيما السياسة نفسها منعت مواصلة ملاحقته إبان مفاوضة الرئيس باراك أوباما إيران على ملفها النووي. ويثير الكشف عن ذلك تساؤلات حقيقية عما فعلته الدول الغربية ومن بينها فرنسا إزاء معرفتها وإدراكها لكل الأبعاد التي وردت في الوثائقي وكيف تتعامل مع الحزب فيما مخابراتها تعرف كل ذلك فيما كشف الكثير من العناصر المعروفة بالنسبة الى غالبية اللبنانيين ولو من دون أدلة ملموسة، إنما يشكل ضغطاً على الدول التي تساير الحزب وتبدي تفهّماً متزايداً لشروطه وضغطاً على الحزب في ظل رسالة تفيد بعدم إمكان القبول بما يشكله عملانياً بأبعاده غير السياسية فحسب، بسيطرته على لبنان وفرض ما يريده. هذا "التشهير" إذا صح التعبير يُفترض أن يشكل إحراجاً كبيراً للحزب، وضغطاً أيضاً على إيران كما يؤثر على المرشح الرئاسي الذي يدعمه الحزب.

وتالياً ثمة مبالغة من جهة بفرض اجتماع باريس رئيساً من الخارج فيما إيران ومعها الحزب يدركان أن الولايات المتحدة وفرنسا ترغبان بقوة في إنهاء الأزمة في لبنان منعاً لمزيد من الانهيار المكلف والمدمّر لما بقي من مؤسسات ولا سيما المؤسسات الأمنية التي لا تستطيع واشنطن دفع رواتبها أو ابتكار السبل لذلك منعاً لسيطرة الحزب. ولذلك يرفع هذا الأخير شروطه أو يتمسّك بها على هذا الأساس. من جهة أخرى ثمة تقليل كبير من أهمية أن ينهي هذا الاجتماع الأزمة الرئاسية ولا سيما في ظل تعطيل ممنهج وتعقيدات داخلية وخارجية تستبعد تسهيل إنهاء الشغور الرئاسي الذي لا يتطلب انتخاباً للرئيس فحسب بل توافقاً على رئاسة الحكومة والحكومة كذلك والبعض يقول التعيينات الكبرى. وهذا يصعب أن يبتّه اجتماع لدول صديقة لا تقع هذه الأمور التفصيلية في نطاق عملها فيما لا جسر قائماً حتى الآن في الداخل إزاء أي مقاربة يجب اعتمادها للحل في المرحلة المقبلة.

يظل اجتماع باريس يكتسب أهميته بالنسبة الى البعض من حيث شموليته أولاً ليضمّ كلاً من قطر ومصر بما يدحض الانطباعات عن اجتماع بطابع إنساني فحسب. وثانياً من حيث إمكان نقل أو إبلاغ ما يمكن التفاهم عليه على مستوى خماسي أي أميركياً وخليجياً وعربياً وأوروبياً الى إيران عبر القنوات المعهودة أي فرنسا التي تحافظ على قدرة على التواصل مع إيران فيما إيمانويل ماكرون اتصل بنظيره الإيراني أخيراً على رغم التوتر المعلن في العلاقات بين البلدين وعبر قطر كذلك والاتصالات غير مقطوعة بين مصر وطهران أو السعودية وطهران كذلك. فإجماع من هذا النوع إذا حصل قد يضيّق هامش اللعب على مفاوضات أو اعتراضات جانبية علماً بأن ثمة مكابرة لجهة الإقرار بأن الحزب أو بيئته بعيدان عن التأثر بما يحصل من انهيار في البلد وتداعيات هذا الانهيار. لا بل إن نجاة لبنان بأعجوبة من الهزة الأرضية التي حصلت في تركيا وآذت سوريا كثيراً كذلك قد يكون حافزاً لعدم ترك البلد أكثر في مهب المزيد من الانهيار والكوارث المحتملة التي يمكن أن تأتي بأي شكل كان. فيما لبنان الذي فقد صوته في الأمم المتحدة كذلك يشكّل مؤشراً قوياً على فقدان وجوده على الخريطة الدولية وكذلك علاقاته مع الخارج.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار