نصرالله ردّ على اجتماع باريس بإستطلاع ناري غاب عن أدبياته طويلاً | أخبار اليوم

نصرالله ردّ على اجتماع باريس بإستطلاع ناري غاب عن أدبياته طويلاً

| السبت 18 فبراير 2023

نصرالله ردّ على اجتماع باريس بإستطلاع ناري غاب عن أدبياته طويلاً
لا يكفي حزب الله طلب لائحة إسمية بالمرشّحين بل عليه مغادرة الخيار الأوحد
توظيف الأزمة المعيشية لتحريك المياه الرئاسية ولو أدى الأمر إلى قلاقل وصدامات


أنطوان الأسمر - "اللواء"


لا تنفكّ سلاسل الإمداد الخارجي تغذّي الأزمة اللبنانية، قصدا أو من غير قصد. وبسببها تتزايد عناصر الانفجار الاجتماعي جنبا الى جنب مع الانسداد السياسي الحاصل نتيجة تعطّل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتمنّع الأفرقاء المعنيين عن خطوات تقاربية من شأنها ردم الهوة التي لا تزال تحول دون إنهاء الفراغ بدءا.

على أن الأزمة ليست سياسية أو رئاسية فحسب، بل هي بتشعّباتها وأثقالها تنطوي على تأزم يكاد يكون تكوينياً وكيانياً يرتبط بعلة وجود البلد وإمكان استمراره على هذا المنوال من التشققات في هيكل النظام والتضرر في آليات الإنتظام العام.
وتزيد في حدة الأزمة نذر الارتطام الإجتماعي الأكثر من محتمل، مع محاولة أطراف داخلية وخارجية توظيف الأزمة المعيشية من أجل النفاذ منها صوب تحريك المياه الراكدة، ولا سيما الرئاسية منها، بما يرجّح كفة على أخرى، حتى لو إضطرهم الأمر إحداث قلاقل وصدامات على غرار ما رافق أحداث 17 تشرين من تجاوزات وتوظيفات واستغلالات.
ولا يُخفى رغبة الخارج في إحداث تصحيح في المعادلة القائمة راهنا والتي يرى فيها اندماجا بخيارات حزب الله، بل إلتحاقا بها، وانصهارا هو المسبّب الرئيس للمعاناة التي يخوض اللبنانيون غمارها ويدفعون الثمن.
من هذا المنطلق، يُفهم القلق الكبير الذي انتاب الثنائي الشيعي على وجه التحديد من الإصطفاف الخماسي في باريس. فهو كان يخشى أن يخرج الإجتماع بما يُشبه فرض مرشّح بعينه في سياق ما يعتبره، ولا سيما حزب الله، حربا معلنة على الخيار المقاومتي، وهو خيار بات مدموجا مع الخيار الوطني، بل قاطرا له بما لا يرضي جميع اللبنانيين.

ما حصل في باريس أن المجتمعين رقصوا على الحبل ببراعة. أقصوا تماما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من المعادلة الرئاسية، وثبّتوا افتراضيا خيار قائد الجيش العماد جوزاف عون من دون أن يعلنوا ذلك أو أن يجدوا ضرورة لهذا الإعلان أو تثبيته في بيان ختامي. في ظنّهم أن هذا الواقع يتيح لهم الضغط لبنانيا والتلويح بخيار أوحد في حال ظلّ المعنيون، وتحديدا حزب الله، على التصلّب والإقفال. وهم يعلمون تماما أن خيارهم الرئاسي لن ينزل بردا وسلاما عليه. لكنهم لن يُقفلوا على خيارات أخرى في حال وجد اللبنانيون القدرة على التفاهم على مرشّح من خارج الإصطفافات المعروفة، قادر على إعادة ربط لبنان بالخارج وعلى تسيير العجلة الإصلاحية مع فريق عملي حكومي وإداري قادر على ترجيح كفّة المصلحة العامة ومصلحة اللبنانيين على مصالح المنظومة. لذا كانت مواصفة طقم رئاسي خال من الفساد السياسي والمالي.
إلتقط الحزب رسالة إقصاء فرنجية في موازاة نذر التوترات الإجتماعية المستجدة (ولا شكّ أن الحزب إلتقط، كما زمن أحداث 17 تشرين إصبعا خارجيا محركا لسلسلة من التوترات المرتقبة)، فردّ أمينه العام السيد حسن نصرالله بمثلها، وعاجل الخمسة المعنيين باستطلاع بالنار غاب عن أدبياته طويلا. ربط التوترات الإجتماعية بمخطط خارجي اميركي، وهدّد بحرب مباشرة مع إسرائيل، الربيبة، ولوّح بالفوضى في كل المنطقة، بما يشمل تحديدا دول الخليج العربي التي يحمّلها مسؤولية في الإنهيار الحاصل، «إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى».
ويُخشى مع هذا الكمّ من التأزيم أن تُضفى تعقيدات إضافية على الرئاسة، وأن يتحوّل لبنان مجددا ساحة صراع وتصفية حسابات إقليمية ودولية إلى أن يحين موعد التسويات. ولن تكون المرة الأولى التي يدفع فيها لبنان أثمانا باهظة لقاء تقاتل الخارج ومن ثمّ تصالحه.

يفترض كل هذا التأزّم وطلائع الانهيارات الآتية وصولا الى الإرتطام الكبير الذي لم يعد بعيدا، أن يخرج الحزب، بصفته المُمسك بيَمين البلد، من الجمود الرئاسي، وأن يبادر إلى رحاب تشاورية أوسع وصولا إلى المرشّح الذي يحظى بالإحتضانين الداخلي والخارجي ويشكّل واسطة العِقْد، المُعطى مفتاح قفل الحصار.
ولا يكفي أن يقف حزب الله على طلب لائحة إسمية بالمرشّحين وأن ينتظر أن تُمنح له. هو تقع عليه مسؤولية مغادرة الخيار القائم ومسؤولية أن يفتح الباب عبر تأكيد انفتاحه على خيار آخر تكون للمسيحيين فيه يدٌ طولى. عندها تُبطل أي ألغام قد يكون الخارج زرعها لتوظيفها في السياق الذي يخشاه الحزب وحذّر منه أمينه العام، ويزيح أي خيار صداميّ من الجانبين، وتنطلق مسيرة استعادة الحياة من براثن الشقاء.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار