نصيحة ميقاتي للحريري: اعتزل السياسة تأتِ الرئاسة | أخبار اليوم

نصيحة ميقاتي للحريري: اعتزل السياسة تأتِ الرئاسة

| الجمعة 24 فبراير 2023

من "حسنات" ابتعادهما عن الانتخابات النيابية أنّهما تفاديا أكلافها المادية الباهظة

 "النهار"- أحمد عياش

الإطلالة الأخيرة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حملت مضامين عدة، منها ما يتناول الشأن العام ومنها ما يتعلق بشؤون شخصية، لعل أبرزها ما يتصل بتبوّء ميقاتي منصب رئاسة الحكومة للمرة الثالثة. وتشاء الظروف أن يصل الأخير الى هذا المنصب في المرّات الثلاث وريثاً للمسؤوليات التي تبوّأها آل الحريري، بدءاً من استشهاد الرئيس الرفيق الحريري في مثل هذا الشهر قبل 18 عاماً، مما أدّى الى إطاحة حكومة الرئيس عمر كرامي تحت وطأة الزلزال البشري الذي استنكر الجريمة، فكان أن فتحت الطريق للوزير ميقاتي الى السرايا كي يتولى رئاسة حكومة تشرف على إجراء الانتخابات النيابية وهكذا كان.


أما في المرة الثانية، فبدلاً من أن تكون مظلومية الرئيس رفيق الحريري عام 2005 طريق ميقاتي الى المنصب الأرفع للسنّة في لبنان، كان الظلم الذي أُلحق بنجل الشهيد، سعد الحريري، في بداية عام 2011 الذي دخل الى البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما رئيساً للحكومة، لكنّه خرج من اللقاء رئيساً سابقاً بفعل الانقلاب الذي دبّره الثلث الوزاري المعطّل بقيادة "حزب الله" وعضوية حركة "أمل" وبإخراج "التيار الوطني الحر" بمؤازرة "الوزير الملك" عدنان السيد حسين الذي نقل البارودة من كتف كتلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى كتف "حزب الله"، ما أدّى إعلان استقالة هؤلاء من مكتب وزير الخارجية جبران باسيل وإطاحة حكومة سعد الحريري الأولى. ولم يتأخّر الرئيس ميقاتي بعد ذلك، في قبول تكليفه رئاسة الحكومة الجديدة.

ثم كانت "الثالثة ثابتة"، في عام 2019 عندما دفعت أحداث 17 تشرين الأول سعد الحريري الى الاستقالة من رئاسة الحكومة، طوعاً لا كرهاً، كما كانت الحال عام 2011، فكان أن أتت الفرصة للمرّة الثالثة لميقاتي كي يعود الى القصر الحكومي حيث لا يزال حتى الآن.

ما العبرة من هذا السرد للتاريخ؟
في اللقاء الأخير الذي جمع الحريري مع ميقاتي في منزل الأخير، كانت قسمات وجهَي الرجلين تشير الى ارتياح ما، يحمل دلالات لا يعلم أبعادها إلا الراسخون في مواكبة علاقات الجانبين. ومن أبرز هذه الدلالات أن الجفاء الكبير بينهما عام 2011 صار في سنة 2023 صفاءً يشير الى أن الـ12 عاماً الماضية، علّمت ميقاتي والحريري الكثير كي يصلا الى حالة الصفاء هذه. ومن هذا العلم جاهر به الاثنان حيال الانتخابات النيابية الأخيرة. ففي المقابلة التلفزيونية الأخيرة، قال ميقاتي إنه في بداية أحداث 17 تشرين الأول 2019 تبنّى شعار "كلّن يعني كلّن"، فدعا الى تنحّي كل المسؤولين إفساحاً للوجوه الجديدة كي تتحمّل المسؤوليات. ومن مفاعيل هذا التوجه، استنكاف ميقاتي عن خوض الانتخابات النيابية الأخيرة. ومثل قول ميقاتي، أبلغ الحريري الإعلاميين الأسبوع الماضي في بيت الوسط أنه أول من استجاب لصوت انتفاضة 17 تشرين، داعياً الى إعطاء الشباب فرصة ليثبت نفسه، ويضيف: "لم يكن لديّ أيّ شيء أقدّمه في السياسة، وكنت أرى إلى أين سنصل وليس باستطاعتي فعل شيء". وعرّج على قرار اعتزاله السياسة في بداية العام الماضي بما في ذلك عدم المشاركة في الانتخابات النيابية، فقال: "تخيّلوا أنا اليوم عندي كتلة كبيرة وما قادر أعمل شي".

إذن، صارت هناك لغة مشتركة بين ميقاتي والحريري. ففيما الأول لا يزال وراء مكتبه في السرايا تحت عنوان تحمّل مسؤولية "الانتظام العام"، معرباً في الوقت نفسه عن زهده وتطلعه الى يوم يخرج فيه من السياسة بعد انتخاب رئيس للجمهورية، كما قال في مقابلته الأخيرة، يقول الحريري أيضاً إنه غير مستعجل للعودة من أعماله الخاصّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن في موازاة ذلك، أدّت نظرية "الزهد" التي اعتمدها ميقاتي، الى وصوله الى رئاسة الحكومة 3 مرات، وربما تكون هناك مرّة رابعة، كما بدا من جوابه عن سؤال في مقابلة "الجديد".

أمّا الحريري، فربما يكون موفد له في طريقه الى بنشعي كي يلتقي زعيم تيار "المردة" سليمان فرنجية لمتابعة الحوار بينهما حول التطوّرات في لبنان.

يقول متابعون لملف العلاقات بين رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة الأسبق، إن من "حسنات" ابتعادهما عن الانتخابات النيابية أنّهما تفاديا أكلافها المادية الباهظة، وبالتالي "تربيح الجميلة" الذي كان سيرافقهما طوال 4 سنوات، كما هي العادة في تاريخ الحياة النيابية. لكن في المقابل، هناك فرص متوافرة للوصول الى السرايا وإن من خارج البرلمان انطلاقاً من عوامل لا علاقة لها بحجم الكتلة النيابية لأي منهما. والدليل، هو مسيرة الرئيس ميقاتي في رئاسة الحكومات.

في المقابل، يشير البعض الى التجربة المريرة التي مرّت بها العلاقات بين الحريري والمملكة العربية السعودية، ما شكلّ عائقاً أمام بقاء الحريري على المسرح السياسي الداخلي. لكن المتابعين أنفسهم يحيلون أصحاب الإشارة الأخيرة الى تجربة ميقاتي الذي سمحت له بأن تكون له علاقات مع الرياض، وفي الوقت نفسه، يستمر في الاجتماع كما فعل أخيراً مع حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله.

في الخلاصة، أن يعود الحريري الى السرايا وللمرة الرابعة أيضاً، ليس احتمالاً مستحيلاً. فـ"نصيحة" ميقاتي التي نجحت ولا تزال "اعتزل السياسة تأتِك الرئاسة".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار