بوصعب: هناك "خريطة طريق" بعد الترسيم... لم تُنفّذ | أخبار اليوم

بوصعب: هناك "خريطة طريق" بعد الترسيم... لم تُنفّذ

| الأحد 26 فبراير 2023

الدولة غير مفلسة مثلما يُشاع، وإنّما يشوبها سوء إدارة

محمد بركات- عماد الشدياق - اساس ميديا
كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عن تفاصيل العلاقة بين صندوق النقد الدولي والحكومة في الجزء الأول من حواره مع "أساس". يواصل بو صعب في الجزء الثاني كشف تفاصيل عملية الترسيم البحري، وكيف لم ينفذّ الأميركيون "خريطة طريق" بعد الترسيم التي تمّ الاتفاق عليها.

* بالعودة إلى واشنطن: أنت متّهم اليوم بتخريب خطّة التعافي وأنّك ترعى مصالح المصارف؟

- منذ بداية العمل بقانون "الكابيتال كونترول" كنت أتعرّض لحرب من جمعية المصارف ومصرف لبنان. إذ  كانوا هم من يرفضونه ويرفضون الخطة، فكيف أُتّهم بأنّني أذهب إلى واشنطن لنسفها؟

أنا أوّل من فتح المعركة معهم حول هذا الموضوع. وهناك خلاف بيني وبين "جمعية المصارف" وأتوّجه إلى رفع دعوى ضدّهم. وهم طلبوا مفاوضتي حتى يوضحوا وجهة نظرهم.

سلامة مسؤول ونص

* ما السبب؟

- هل يُعقل أن ترسل الجمعية كتاباً إلى نائب رئيس مجلس النواب وتخدعه وتخدع النواب بمعلومات مغلوطة؟ هل يريدون أن نسنّ قوانين بناءً على معلومات خاطئة؟ أين تحصل ممارسات كهذه في العالم؟

سوف أكشف لكم أمراً: لقد أرسلوا كتاباً رسمياً إليّ، من دون أن أطلب، يضجّ بالتهويل من مغبّة إقرار الكابيتال كونترول لأنّه بحاجة إلى ما بين 14 و15 مليار دولار في السنة من المصارف، متحجّجين بأنّ هذه أموالاً لا يملكونها نتيجة كثرة الحسابات.

قالوا في الرسالة إنّ لديهم في المصارف نحو 1.6 مليون حساب، وإنّ كلّ حساب يتطلّب 800 دولار شهرياً، وبالتالي يحتاجون إلى 15 مليار دولار سنوياً.

لكن تبين أنّ هذه الأرقام غير صحيحة. حصلت على الأرقام والمعلومات كافّة من وزارة المال، وبالتالي هذه خديعة للمجلس النيابي. أنا مودع وجمعت الأموال طوال حياتي ووضعتها في المصارف اللبنانية، ولم أحوّل قرشاً إلى الخارج. أنا والمصارف على خلاف كبير لأنّني سُرقت مثل أيّ مواطن. لكن علينا أن نكون منطقيين. صحيح أنّ على الدولة اللبنانية مسؤولية، وصحيح أنّني وضعت أموالي في المصارف بإرادتي، لكنّ المصارف أعطتها لمصرف لبنان مقابل فوائد عالية، وهو بدوره أعطاها للدولة التي صرفت الأموال. وهنا "غلطة" حاكم مصرف لبنان الذي يقول دوماً إنّه غير مسؤول، وهذا غير صحيح. رياض سلامة "مسؤول ونصّ" لأنّه استمرّ بتوريط المودعين ولم يأتِ يوماً إلى الحكومات المتعاقبة ليقول لها إنّ الوضع سيّئ.

أنا شغلت وزارتين ولم أسمعه مرّة يخبر الحكومة عن نيّته إجراء هندسات ماليّة. كلّها كانت تحصل من خارج الإطار الحكومي ووفق قانون النقد والتسليف. هذه السياسة انتهجتها الحكومات المتعاقبة حتى ترضي المواطن، ولا تزيد عليه الضرائب، ولا ترفع تعرفة الكهرباء. قدّمت له هذه الخدمات مقابل الهدر وأموال الصفقات. إذا رفضت الدولة أن تردّ ما عليها من ديون، فالمصرف بدوره لن يستطيع إعادة أموال المودعين.

لكي نحافظ على المصارف، على الدولة أن تتحمّل مسؤولية، مع العلم أنّ الدولة غير مفلسة مثلما يُشاع، وإنّما يشوبها سوء إدارة.

تواصلت مع الرئيس ميقاتي وناقشنا فكرة إنشاء صندوق استثماري من دون اللجوء إلى بيع أصول الدولة. المطلوب استثمارها وليس بيعها. مثلاً مرفأ بيروت، هناك لجنة مؤقّتة تديره، وهو ملك الدولة. فليبقَ ملكها، لكن بدلاً من أن تكون الشركة التي تديره لجنةً مؤقّتة، فلتستثمره شركة خاصة. بذلك يمكن مضاعفة الأرباح 12 مرّة. إذا حقّقنا أرباحاً بصافي 500 مليون دولار سنوياً، بوجود القطاع الخاص، يمكن أن تصبح قيمة المرفأ السوقية 6 مليارات دولار. بذلك تستطيع الدولة أن تحتفظ بـ40% أو 60% من ملكيّته. بهذه الطريقة نعيد للمودعين ودائعهم. قد يحصلون على أسهم بـ10% مثلاً من هذا الصندوق. وهذا ينطبق على المطار وقطاعَيْ الاتصالات والكهرباء والأراضي التي تملكها الدولة. خطة كهذه تعطي الأمل للمودع بأنّ أمواله لن تتبخّر وستعود بعد سنوات إليه أو إلى أولاده أو أحفاده. أمّا ما يحصل اليوم فيؤكّد أنّ الأموال ستتبخّر.

سأصوّت لملء الشغور الرئاسي

* هل هذا ما طرحته في واشنطن دولة الرئيس؟

- نعم. هذه واحدة من الأفكار التي عرضناها. لكنّهم في الصندوق كانوا مستمعين. هذه الأفكار موجودة في الخطة لكنّها رمادية. لهذا نقول: "فلندرجها بهذا الشكل الواضح، لأنّ مجلس النواب لن يشرّع إلّا إذا كانت العودة الآمنة لأموال المودعين واضحة ضمن الخطة.

* هل لمستم تجاوباً؟

- استمعوا إلينا، لكنّ المشكلة الأساسية، التي لمسناها نحن وإياهم في واشنطن، تُختصر بأنّ التواصل بين "لبنان" والصندوق ليس سليماً. يقولون إنّنا نماطل ونضيع الوقت.

* هل ترى أنّ الانتخابات الرئاسية في ظلّ هذا المجلس مستحيلة؟

- لا. ليست مستحيلة وسنصل إليها عاجلاً أم آجلاً. سنتّفق ونصل إلى تجميع 65 صوتاً لأحد المرشّحين، وحينما نتجاوز الـ60 صوتاً سيجتمع المجلس ويكتمل النصاب.

* في كلامك الأخير تحوّلت إلى "ناخب ملك"... هل هذا صحيح؟

- أنا ضدّ الفراغ. مع أيّ إنسان يصل إلى سقف الـ64 صوتاً، الفراغ وبين هذا المرشّح أو ذاك سأصوّت لملء الشغور.

* أيّاً كان هذا المرشّح؟ وحتى لو كان سليمان فرنجية أو ميشال معوّض؟

- نعم 99% حتّى لا أقول 100%. سبق وقلت لو كان المرشّح سليمان فرنجية أو ميشال معوّض فسأصوّت لواحد منهما إن كان بحاجة إلى صوتي من أجل الوصول.

* ماذا عن قائد الجيش؟

- قائد الجيش لا. هو من بين الـ1%. مع العلم أنّ قائد الجيش بحاجة إلى أغلبية 86 صوتاً لتعديل الدستور.

* هل ترى أنّ مفاوضات الترسيم "خدعت" لبنان فلم يحصل على نفط ولا كهرباء؟ 

- خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية تحدّثت مع المفاوض الأميركي آموس هوكستين وقلت له: "إذا أنجزنا الترسيم وتوقّفنا ولم يستطع لبنان الاستفادة من قطاع الغاز وغيره فلن يكون هناك حدود آمنة. لا بدّ أن يستفيد لبنان اقتصادياً ومالياً وعليه أن يتعافى".

لهذا عملنا على "خريطة طريق"، وكرّسناها باتصال بين الرئيسين الأميركي جو بايدن واللبناني ميشال عون، ثمّ بالتواصل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعون.

بايدن أكّد للرئيس عون أنّ الولايات المتحدة ستكون إلى جانب لبنان "وتتطلّع إلى ازدهار الاستثمارات الأجنبية فيه". أمّا اليوم فجزء كبير من زيارتي الأخيرة لواشنطن كان لاستكمال النقاش حول هذه الخريطة لتوضع في يد أيّ رئيس يُنتخب، وأيّ رئيس يسمّى لتشكيل حكومة.

أميركا تغيّر سياستها الداخلية

* قابلت هوكستين خلال الزيارة.. ماذا قلت له؟

- أكيد قابلته، وناقشنا هذا الملفّ في البيت الأبيض. فقد اجتمعت مع مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، الذي لم يقابله أيّ مسؤول لبناني منذ 6 سنوات. لبنان غائب عن البيت الأبيض من أيام الرئيس سعد الحريري. وقد أكّدنا له أنّ عامل الاستقرار الذي حصل بعد ترسيم الحدود يجب أن يُبنى عليه، وعلينا أن نعمل كي يستمرّ.

هم أكّدوا أنّهم لا يتدخّلون بموضوع رئاسة الجمهورية ولا بأسماء المرشّحين. ليس لديهم مرشّح ولا حتى "فيتو" على أحد. قالوا: "انتخبوا الرئيس إن وجدتموه ملتزماً بهذه الخارطة، وسنساعده وندعو جميع الدول التي نمون عليها إلى مساعدتكم".

* ألا ترى أنّ عدم تبنّي أيّ مرشّح هو "تمريرة" لحزب الله؟

- لا أعلم، لكن لمسنا للمرّة الأولى في اجتماعاتنا أنّ هناك تغييراً في السياسة الأميركية تجاه لبنان، وتخلّوا عن السياسات السابقة التي كانت تتبنّى هذا المرشّح أو ذاك. هم لا يريدون تحمّل مسؤولية أيّ شيء، ويقولون: "أنتم اختاروا وتحمّلوا المسؤولية، وبناءً عليه نقرّر التعامل معه أم لا بناءً على أدائه".

هل هناك خديعة تعرّض لها لبنان؟

* البعض يقول، ومنهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إنّ لبنان تعرّض لخديعة سياسية... ألا ترى أنّ ذلك صحيح؟ 

- قطعاً لا. سبق واصطحبت شركة توتال الإعلاميين والصحافيين على متن الباخرة التي أجرت المسح الجيولوجي، وأجرت استدراج عروض للباخرة التي ستبدأ بالحفر هذه السنة. علينا ألّا ننسى أنّ العمل في البحر ليس مزحة، فالأمور بحاجة إلى كثير من التحضيرات. الحفّارة التي وصلت إلى كاريش انطلقت منذ عام 2019، ووصلت في العام الماضي، فيما نحن وقّعنا في شهر تشرين الأول، وتمّ الاتفاق بين توتال والإسرائيليين في تشرين الثاني وبينها وبيننا في شباط... ما زال الوقت "معقولاً".

لا عقوبات على سلامة..

* ربطاً بهذا الكلام كيف تقرأ تهديدات السيّد نصرالله؟

- التهديد موضوعه مختلف. أتى في ليلة قفز فيها الدولار إلى 80 ألفاً بعدما سُرّب احتمال إدراج رياض سلامة على لوائح العقوبات. ربّما اعتبر السيّد نصر الله أنّ هناك خطّة ما ضدّ لبنان. وأنا هنا أحلّل ولا أملك معلومات. لكن ما سمعته من الأميركيين أن لا عقوبات على سلامة، على الرغم من موقفهم المستجدّ من سلامة ورفضهم التمديد له. في نظرهم سوف يؤدّي أيّ شيء من هذا القبيل وفي هذا التوقيت إلى أزمة كبيرة في القطاع المصرفي، وهذا ليس التوجّه الأميركي. بل أكثر من ذلك، استطاعوا أن يحدّدوا الجهة التي سرّبت الخبر.

أين ملفّ الكهرباء؟

* أين ملفّ الكهرباء واستجرار الكهرباء إلى لبنان والقرض الدوليّ؟

- ملف الكهرباء هو "الصدمة" التي تحدّثنا عنها في واشنطن. وهي أدّت إلى الخلاف مع الرئيس ميقاتي. المشكلة مع البنك الدولي الذي اجتمعنا به في حينه وأعلن أنّ القرض مؤجّل لسنتين. سألناهم كيف ذلك وأنتم تتفاوضون معنا ومع الحكومة؟ فأجابوا بأنّهم أوضحوا للحكومة هذه المستجدّات. القرض متوقّف نتيجة تعثّر الحكومة في تلبية الشروط بدءاً برفع التعرفة، وكيفية استعادة الأموال عبر الجباية. وأخبرنا الإدارة الأميركية بما قاله البنك الدولي فأكّدت أنّها والفرنسيين سيتحدّثون إلى البنك الدولي لاستئناف العمل بالقرض.

نحن ننتظر النتيجة وإذا لم يقتنع البنك الدولي فهذا يعني أنّ هناك عرقلة في السياسة، مع العلم أنّهم قالوا صراحة منذ البداية: "لن نسير باستجرار الكهرباء من الأردن قبل استجرار الغاز من مصر، لأنّ الأوّل قد ينسف الثاني وهو الأهمّ".

* دولة الرئيس هل تعتبر أنّ التعطيل سياسيّ.. من الحفّارة الضائعة إلى الكهرباء المفقودة؟

- بلا شكّ أنّ البلد مشلول، فالحكومة لتصريف الأعمال، وثمّة فراغ في سدّة الرئاسة. ما نفعله اليوم يُختصر بـ"تحضير الأرضيّة" إلى حين انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، أقلّه نكون بذلك أمام "خشبة خلاص" ننطلق منها. أمّا الانتخابات الرئاسية فيمكن أن تبصر النور في غضون شهر من اليوم أو ربّما يمتدّ الفراغ ستّة أشهر إضافية. لا أحد يعلم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار