ما أبعاد التلويح المفاجىء لنصرالله بالتصعيد ضدّ إسرائيل؟ | أخبار اليوم

ما أبعاد التلويح المفاجىء لنصرالله بالتصعيد ضدّ إسرائيل؟

| الإثنين 27 فبراير 2023

هذا ما يلجأ إليه كلما احتاج الموقف الى خطاب يخرج عن مألوف الأطر التقليدية الرتيبة

"النهار"- ابراهيم بيرم

ما الذي دفع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أخيراً وعلى نحو مباغت، للخروج على المنبر بتهديد في 14 شباط الجاري في يوم "شهيد الحزب" في وجه واشنطن محذراً إياها من إلحاق الأذية بالكيان الصهيوني، إذا ما مضت قدماً في عملية ممارسة الضغوط القاسية والموجعة على بيئة الحزب؟

هذا السؤال ما انفك يتردّد صداه في أوساط محلية وخارجية على رغم مرور أكثر من 15 يوماً على إطلاقه بحثاً عن إجابات شافية. ومن البديهي أنها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها نصرالله تهديدات مماثلة في وجه واشنطن وتل أبيب إذ باتت جزءاً لا يتجزّأ من خطابه يلجأ إليه من باب التذكير وإثبات الحضور بين فينة وأخرى أو كلما احتاج الموقف الى خطاب يخرج عن مألوف الأطر التقليدية الرتيبة.

لكن يُفترض عادة أن تسبق ذلك مقدمات تستدعي الاستنجاد بمثل هذا التصعيد الكلامي، لذا كان لافتاً أن يهدد نصرالله أخيراً بالانقضاض على معادلة ستاتيكو فرضت نفسها على الحدود الجنوبية منذ عام 2006 وكلفت بحراستها والإشراف عليها قوة عسكرية أممية مؤلفة من نحو 13 ألف عسكري يعملون تحت لواء قوة اليونيفيل العاملة في جنوب الليطاني وسط معادلة معروفة حيث يحافظ الحزب على ترسانته لكن شرط ألا يتصرف بها أو يستخدمها على نطاق واسع وحتى إنه محظور عليه التلويح بها جاداً.

وقد أضيفت الى هذه المعادلة بعد الترسيم البحري الذي نال رضى الحزب موادّ جديدة تستدعي التزاماً أكبر بتأمين الهدوء.

لذا فأن يضرب نصرالله فجأة بكل هذه الوقائع ويلوّح بخيار القوة واللجوء الى الحرب بمعناها الموجع يعني أن ثمة "أمراً جللاً" فرض على نصرالله هذا الأداء الذي ينذر بكسر معادلة تنطوي على قدر كبير من الثبات وعوامل الردع ويلوّح في المقابل بالانتقال الى مرحلة فيها قدر كبير من معالم المرحلة الممتدة من أيار عام 2000 تاريخ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب حتى عام 2006 تاريخ الحرب الإسرئيلية على الجنوب اللبناني، حيث حوّل الحزب المنطقة الحدودية بكاملها الى مرمح خيله يطلق فيها الدويّ تحت نوافذ المستوطنات.

بناءً على كل تلك المقدّمات فإن السؤال الذي ينكبّ البعض على استشراف الإجابة الحازمة عنه هو: ما هو هذا "الأمر الجلل" الذي فرض على نصرالله إطلاق هذا التهديد واستطراداً ركوب هذا المركب الخشن في هذا التوقيت بالذات؟

وما زاد في إلحاح السؤال أن الحزب في مقدوره أن يزاول هذا النوع من عرض العضلات واستعراض فائض القوة من خلال ممارسات ميدانية موحية وربما كافية وذلك من خلال تعزيز هادئ لترسانته ورفده بمزيد من الصواريخ أو نشر قوة إضافية على الحدود يعرف تمام المعرفة أنها كفيلة برفع منسوب الخشية عند إسرائيل.

لذا فإن بين الخبراء بالحزب من يجد في هذا السلوك تعبيراً عن استشعار أزمة كبرى يجد الحزب أنه بات أسيرها في الآونة الأخيرة أملت عليه اللجوء الى هذا السلاح وهذا الأسلوب الذي يفقد أهميته إذا ما استُخدم أكثر من مرة واحدة وتحديداً عندما يراد منه فعلاً التمهيد لشن حرب وفتح أبواب المواجهة الفعلية.

اللافت في هذا الإطار أن الكاتب والإعلامي الفلسطيني المقيم في لندن عبد الباري عطوان، الذي يقدّم نفسه كمتخصّص في دراسة مضامين إطلالات نصرالله الإعلامية قال في تحليله لخطابه الأخير إنه كان مليئاً بـ"الإحباط والشعور بالخيبة" وهو ما فرض عليه أن يطلق هذا النوع من التهديدات "التي تبدو "تهديدات اليائسين" الذين باتت حدود الخيارات عندهم محدودة جداً".
وفي معلومات سرت أخيراً أن مراكز التحليل والقرءاة في الحزب المكلفة تقديم تقييم عام لنصرالله قبل كل إطلالة من إطلالاته، قدّمت له قبيل آخر إطلالة تقييم موقف فحواه أن ازدياد الضغوط الأميركية والإسرئيلية على الحزب وضيق الخيارات الداخلية ولا سيما بعد العجز عن ضمان انتخاب رئيس كلها باتت تفرض عليه (نصرالله) أن يخرج على الملأ بخطاب خارج عن أطر المألوف والحدود التقليدية بناءً على اعتبارين اثنين:

الأول أن الخطاب التقليدي لم يعد يثير الاهتمام عند القاعدة الحزبية ولم يعد يجد صداه عند الخصوم والأعداء أيضاً.

الثاني واستطراداً ووفق هذا التقييم صار لازماً على الحزب وسيده تقديم خطاب جديد وأداء مختلف يتعدّى أسلوب امتصاص الهجمات واستيعاب حملات الضغط واحتواء مفاعيلها. فذلك الأسلوب استنفد غرضه وفاعليته وبات عديم الجدوى.

ولكن الذي حصل أن تل ابيب وواشنطن لم تتركا لنصرالله فرصة ترقب ردة الفعل على تهديده ووعيده واستطراداً فرصة استعادة المعنويات أو جزء منها. فبعد ساعات قليلة على تلك الإطلالة كانت بضع قذائف إسرائيلية تسقط على أرض لبنانية تبعد عن الحدود نحو كيلومترين. وبعدها بساعات كانت الطائرات الإسرائيلية تستهدف موقعاً مشتركاً للحزب والحرس الثوري الإيراني في بلدة كفرسوسة في محيط دمشق. كل ذلك أوحى بأن واشنطن وتل أبيب ليستا في وارد إعطاء أي تعهدات بخفض منسوب الضغوط العسكرية وإراحة الحزب سواء في الساحة اللبنانية أو السورية. وهذا يفرض على الحزب توقع المزيد من عناصر الضغط وأن تهديداته لم تعد ذات جدوى.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار