إعادة النظر بـ"التفاهم" مرجأة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية | أخبار اليوم

إعادة النظر بـ"التفاهم" مرجأة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية

| الجمعة 03 مارس 2023

الأمور على حالها بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"

إعادة النظر بـ"التفاهم" مرجأة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية


 "النهار"- ابراهيم بيرم

يوما بعد يوم يطبع طرفا "تفاهم مار مخايل" مستقبل العلاقة بينهما على الأسس التي تلت إقرارهما الضمني والعلني في الاشهر الاخيرة بأن هذا التفاهم الذي نُسجت خيوطه قبل نحو 17 عاما وقُدِّم على اساس انه تطور سياسي مفصلي في مسار الحياة السياسية اللبنانية المأزومة دوما، قد استهلك نفسه وأدى غرضه ومهمته وبات يحتاج الى صدمة استثنائية لإعادة بعث الحياة في جسده أو لإحالته لمرة اخيرة الى ارشيف محطات التفاهم السياسي في لبنان وما اكثر تجاربها.

لم يعد مفاجئا القول إن آخر توصيف دقيق لِما آل اليه هذا التفاهم اخيرا بعدما كان حجر الرحى طوال فترة ابرامه، قد ورد على نحو مكثف على لسان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عندما قال في آخر اطلالة اعلامية له (في 14 شباط المنصرم) وبكل وضوح ومباشرة: "ان تفاهم مار مخايل يقبع في وضع حرج"، ولم يشأ ان يضيف الى هذا شيئا وكأنه كافٍ وواف.
وبعدها بنحو 24 ساعة أطل رئيس "التيار البرتقالي" النائب جبران باسيل من على منبر احدى المناسبات ليرفع منسوب الحراجة الوارد على لسان سيد الحزب ويطلق موجة تشكيك غير مسبوقة بقدرات الحزب على تسديد ترسانته الصاروخية في اتجاه واشنطن والغرب ما دام انه (نصرالله من غير ان يسميه بالاسم) عاجز عن النيل من موقع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومَن قبض بيد من حديد على زمام ادارة اللعبة النقدية والمالية في لبنان وتوجيهها كيفما شاء وأراد .

كانت لافتة عملية ضبط النفس التي مارسها الحزب حيال هذا الكلام الموجع، لكن الأكيد ان ثمة من استنتج منذ ذلك الحين ان طرفي "تفاهم مار مخايل" قد انطلقا للتو في رحلة تطبيع نفسيهما على مرحلة جديدة تنهض على الأسس الآتية:

- ان مرحلة الخشية من تداعيات التحلل من هذا التفاهم والخروج من موجباته اوشكت على الانتهاء، لاسيما بعدما خبر كل طرف من الطرفين فكرة العيش خارج مظلة هذا التفاهم، ولم يجد احدهما اي غضاضة ولم يستشعرا أي تغيير جذري أو فارق نوعي.

وبمعنى آخر، تجاوز كل منهما مرحلة "التهيّب" من العيش خارج اطار هذا التفاهم، لاسيما انه كان صاحب عمر مديد وقد وُلد في ظروف استثنائية شديدة الحراجة كان يمر بها كلا الطرفين في عام نسجِ التفاهم في شباط 2006. ومذذاك نسج كل منهما استنتاجا فحواه ان التفاهم ضمانٌ وحماية وحاجة لا يستغنى عنها.

- ان كل طرف من طرفي التفاهم ما لبث اخيرا ان تساكن مع الحالة المستجدة ولم يتوقف طويلا عند ما خلّفه الانفصال. ففي حين كان بيّناً ان الحزب آثر الصمت خصوصا بعد كلام زعيمه الاخير، كان لافتا ان التيار اكتفى بإبداء بعض الملاحظات وبإطلاق بعض الاتهامات نحو الحزب محمّلا اياه التبعة لانه لم يمضِ معه كما يجب في رحلة الاصلاح والتجديد المنشودة.
ولاحقاً بدا التيار كأنه يستدرك الموقف، اذ ما لبث ان بادر بعض الرموز فيه وفي مقدمهم النائب آلان عون الى اطلاق كلام يقر بأن التفاهم ليس بالتأكيد في احسن احواله، لكنه شدد على أهميته وعلى ضرورة اعادة النظر فيه بشكل جريء، خصوصا اذا ما اراد الطرفان اعادة نفخ الروح فيه في المستقبل القريب.

واللافت ان القوى السياسية الاخرى سواء تلك المنضوية تحت لواء 8 آذار أو تلك التي تعدّ نفسها وريثة 14 آذار وسلسلة نهجها وخطابها، انقسم رد فعلها الى ثلاثة اقسام: القسم الاول سارع الى "الاحتفاء" بالتخلص من هذا التفاهم الذي القى بظلاله الثقيلة الوطأة على دورة الحياة السياسية خلال الـ17 عاما الماضية. وقد لوحظ ان إعلام حركة "امل" كان اكثر المحتفين لاسباب صارت معلومة، فيما القسم الثاني قارب المسألة من باب ان "الانفصال" امر طبيعي لان السياسة في لبنان رمال متحركة ولا شيء يدوم طويلا. أما القسم الثالث فبدأ يبني على اساس ان الانفصال كان مرتقبا لكنه راح يتعامل مع "التيار البرتقالي" كأنه آل الى عراء سياسي وانه سيبدأ تلقائيا رحلة البحث عمن يؤمّن له الغطاء كونه ما اعتاد العيش وحيدا في برية السياسة اللبنانية المتوحشة. وقد كان موقف حزب "القوات اللبنانية" اقرب الى هذا المنطق، فهو رغم انه انحاز ضمناً الى باسيل من منطلق ان السيد نصرالله قد ظلمه، إلا انه ما لبث ان دحض كل ما قيل عن امكان حصول تقارب بينه وبين التيار العائد عودة الابن الضال من خطيئة ارتكبها ومن إثم جنته يداه يوم هجر بيئته.

في كل الاحوال، وبعد سريان موجة الاسترخاء التي اعقبت مخاض عملية الانفصال بين طرفي التفاهم، سرت موجة معلومات وتكهنات تنطلق من فرضية ان الطرفين قررا ضمناً والى اجل غير مسمى ابقاء التفاهم في الصورة التي آل اليها اخيرا (اللامعلّق واللامطلّق) في انتظار انطواء صفحة الانتخابات الرئاسية باعتبار ان قناعة سادت الطرفين فحواها ان حال الافتراق التي حصلت انما بدأت بينهما على خلفية الخلاف حول شخصية الرئيس المقبل الذي سيخلف العماد ميشال عون في قصر بعبدا، لاسيما ان الحزب جاهر بمرشح حصري لهذا المنصب هو زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية، فيما عارض التيار بشراسة هذا الخيار ولم يترك لنفسه فرصة اعادة النظر فيه، وانه عندما تنطوي هذه الصفحة الخلافية يصير بالامكان أمر النقاش بالخيارات البديلة متاحا.

والمفارقة ان هذا الكلام قد غلّب فرضية اخرى سرت لبعض الوقت ومفادها ان ثمة تحضيرا لخطوة تجمع بين السيد نصرالله والنائب باسيل، اذ سرعان ما تبين ان هذا الكلام هو نوع من التأويل والاجتهاد، خصوصا ان السيد نصرالله نفسه سبق له أن اعتبر ان لغة الكلام قد تعطلت بين الطرفين مادام باسيل مصراً على استثناء اسم فرنجية من بحث قائمة المرشحين المقبولين عنده للرئاسة الاولى.

وفي الاجمال، فان "التيار الوطني" يؤكد على لسان اكثر من مسؤول فيه ان الامور مع الحزب ما برحت على صورتها المعروفة اخيرا ولم يطرأ اي جديد، لكنه يؤكد ان قنوات التواصل مع الحزب لم تُسد تماما ومهمتها التنسيق اليومي، ما يوحي ان ثمة روحاً ما زالت تختلج في التفاهم.

أما هل يمكن ان يطرأ مستجد يكسر هذه الصورة ويبدل المعادلات المعروفة، فالثابت ان التيار لا يبدي اي استعداد لتبديل موقفه المعهود والداعي الى البحث في "الشخصية الثالثة".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار