كلام نصرالله بعد إعلان بري: إلى التعقيد والتصعيد در | أخبار اليوم

كلام نصرالله بعد إعلان بري: إلى التعقيد والتصعيد در

| الأربعاء 08 مارس 2023

صعوبات كبرى تحول دون قدرة الثنائي وحده على نسج خيوط تسوية رئاسية

 "النهار"- ابراهيم بيرم

عندما يثني الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على ما سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن جاهر به واعتمده اعتماداً أخيراً، وهو تزكية زعيم تيار المردة سليمان فرنجية مرشحاً للثنائي الشيعي ومن والاه في السياسة وفي "المحور"، فإن السؤال الذي يجري تداوله في العديد من أوساط السياسة والإعلام خصوصاً تلك التي تقدّم نفسها على أساس أنها عليمة بطيّات ملفّ الانتخابات الرئاسية وخباياه، أن فرصة تقبّل العروض المتبادلة وانتظار صيغ التسويات المحتملة حول الشخصية المقبلة للرئيس الذي يُفترض أن يدخل قصر بعبدا ليقيم فيه لست سنوات مقبلة، قد انطوت وبالتالي صار الجميع من دون استثناء أمام مرحلة بمواصفات مختلفة ديدنها التصعيد وسمتها الأساسية التعقيد.

ثمة رأي يأخذ مداه في الانتشار والرواج منذ أن خرج الرئيس بري في إطلالته ما قبل الاخيرة معلناً صراحة أن فرنجية قد بات المرشح المكشوف لنا وسنواجه به الآخرين والمعارضين، وفحوى هذا الرأي يقوم على فرضية أنه ما كان للثنائي الشيعي أن يقدم على ما أقدم عليه في الايام القليلة الماضية، إلا بعد أن استنفد كاملاً فرصة تلقي العروض الملائمة للمضيّ الى تسوية رئاسية جدية، وإلا بعد أن أقفل الآخرون أبوابهم تماماً أمام فرصة تقديم عرض ما لهذا الثنائي على قدر من قابلية النظر فيه والبناء عليه.

وبناءً على ما تقدم فإن هذا الثنائي، وفق ما يقول عالمون به، قد فتح طوال الأشهر الخمسة الماضية التي بدأت بعد الشغور الرئاسي، أبوابه على مصراعيها سواء في عين التينة أو في حارة حريك منتظراً بشغف عرضاً معقولاً يفتح مغاليق هذا الملف الحساس (الانتخابات الرئاسية) ليقينه المسبق بأن ثمة صعوبات كبرى تحول دون قدرته وحده على نسج خيوط تسوية رئاسية وفق حساباته الخاصة، ولا سيما بعد ما أفرزته الانتخابات النيابية الاخيرة من توازنات هشة في داخل المجلس النيابي الجديد ولا سيما استطراداً بعد أن فقدت الاكثرية النيابية المريحة التي امتلكها في الانتخابات التي جرت في عام 2018.

ووفق المصادر نفسها فإن الثنائي قارب ملفّ الرئاسة الاولى "بموضوعية" وقد ظهرت البوادر على لسان الرئيس بري والسيد نصرالله عندما وجّها دعوة الى باقي الشركاء في المشهد السياسي عنوانه العريض: تعالوا الى كلمة سواء نتفاهم وإياكم على رئيس توافقي. وقد طوّر رموز الطرفين تلك الصفات التي يرون ضرورة توفرها في الرئيس المقبل المقبول ومنها ألا يكون من طينة استفزازية وشرط ألا يخبّئ في ثنايا ثيابه خنجراً يطعن به "المقاومة" في ظهرها عندما تسنح الفرصة.

وتحصي المصادر نفسها في معرض تدليلها على رغبة قيادتي الثنائي بالانفتاح على عروض تسوية، أن الرئيس بري إضافة الى الدعوتين اللتين وجههما الى الاطراف للجلوس الى طاولة حوار وطني يكون الطبق الوحيد عليها هو موضوع ملء الشغور الرئاسي والمضي الى التسوية الوفاقية المنشودة كان له أكثر من كلام صريح لترجمة فكرة الرئيس التوافقي.

وفي المقابل كان للسيد نصرالله ايضاً خلال الاشهر الاربعة الماضية 16 إطلالة تمحورت كلها حول إطلاق دعوات متجانسة مع دعوات الرئيس بري وبادر الى إطلاق 8 دعوات الى من يعنيهم الامر حاضاً إياهم على الإقلاع تماماً عن أي رهان يعقدونه على "تسويات إقليمية" من شأنها أن تنعكس على توازنات الداخل اللبناني وترجح كفة على أخرى.

ولا تخفي مصادر الحزب أن تحذيره المتكرر أتى من منطلقين اثنين الاول علمه بأن طهران ليست من النوع الذي يفاوض عن ساحة بعينها من 4 ساحات إقليمية تشهد تصادم إرادات المحاور الإقليمية وحساباتها. والثاني ترجمة لرغبته في "لبننة الاستحقاق الرئاسي" وإخراجه من لعبة التجاذبات الإقليمية ولعبة صراع الأمم.

وبناءً على ذلك فإن معطيات المقربين من الحزب ترى أن كلام نصرالله الاخير هذا موجه الى أطراف داخليين والى عواصم خارجية تجد أن من مصلحتها الربط والتشبيك بين الملفات علماً بأن همّ بعض هذه العواصم هو ملف ساخن وحساس بالنسبة لها وهو ملف الساحة اليمنية.
ولأن قيادة الثنائي كانت تعي سلفاً أن المنازلة التي تخوضها حول الملف الرئاسي ليست بالضرورة مع قوى داخلية عندها حيز من الاستقلالية بل هي مع قوى داخلية تتصرف على أساس أن مفتاح الحل وزر الضوء الاخضر المنتظر هو من الخارج بل إنها تتصرف على أساس أن هذه المعركة هي خارجية وأن لها انعكاسات داخلية، لذا فإن بري خاض عبر معاونه السياسي علي حسن خليل تجربته الحوارية مع الرياض مباشرة وعبر سفيرها في بيروت وليد بخاري.
ولاحقاً استمزج بري رأي السفيرة الأميركية وقد تعمّد بعدها توزيع انطباعات بأن ليس لواشنطن مرشح تتبنّاه أو آخر تضع فيتو عليه وكل ما يهمها هو انتخاب رئيس يسهم في فرملة الانهيارات الحاصلة. وفي السياق نفسه ثمة من يضع الزيارة الاخيرة لوفد التقدمي الى الرياض (تيمور جنبلاط ووائل أبو فاعور) واستمزاج المسؤولين فيها حول رأيهم بترشيح فرنجية هو بإيحاء من الرئيس بري وبتنسيق خفيّ معه. وفي الوقت عينه فإن "حزب الله" لم يتوقف عن استثمار انفتاح باريس القديم عليه. لذا راج أخيراً أن قناة تواصله مع الإدارة الفرنسية حفل بكثير من أفكار التسويات المحتملة.

وسواء كان عرض سلة الرئاستين معاً من ابتكار باريس أو من شغل الحزب خصوصاً أن الاخير كشف استعداده للنظر فيه ولو كان المرشح لرئاسة الحكومة السفير نواف سلام، فإن الأمر كان بمثابة استعداد من جانب الحزب لـ"ربط نزاع" يفتح الآفاق أمام تسوية معينة.

وبمعنى آخر، استشعر الثنائي أن ثمة من يدبّر في ليل ليس تحجيمه فقط بل أمر إقصائه نهائياً عن مدى التأثير والفعل ووضعه أمام خيار إما القبول بمرشح جاهز ومعروف المواصفات وإما تحميله تبعة العرقلة وما يتبعها من انهيارات.

وبناءً على ذلك تذكر المعلومات أن اللجنة القيادية المشتركة بين طرفي الثنائي، المكلفة متابعة الملف قد وضعت في آخر اجتماع لها خريطة طريق جديدة ونهائية للتعامل مع هذا الاستحقاق وهي تقوم على:

- قفل الأبواب أمام استقبال عروض التسويات الوافدة.
- الانتقال من مرحلة المرشح الشبح الى مرحلة المرشح المجسد وتقديمه على أساس أنه مرشح مدعوم من الثنائي وكل الحلفاء.
- إعلان الاستعداد للمنازلة في قاعة المجلس على أساس أنه صار لنا مرشحنا الذي تعرفون ونحن ننتظر مرشح العر ض الاخير من عندكم ولنحتكم وإياكم الى صندوقة الاقتراع.
- وضع نصرالله في إطلالته الاخيرة شريك تفاهم مار مخايل التيار الوطني الحر أمام فرصة العرض الأخير فعليك أن تحسم خياراتك لأنه لا مجال بعد اليوم للّون الرمادي.
- ثمة بطبيعة الحال من قرأ في طيات كلام نصرالله رسالة موجهة الى جنبلاط أيضاً.
وفي كل الاحوال كلام نصرالله وقبله كلام بري يعني أنه "الى التصعيد در".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار