الثنائي الشيعي: مطمئنّون بأنّ ترشيحنا مسار سيبلغ هدفه المنشود مهما طال السفر | أخبار اليوم

الثنائي الشيعي: مطمئنّون بأنّ ترشيحنا مسار سيبلغ هدفه المنشود مهما طال السفر

| السبت 11 مارس 2023

 "النهار"- ابراهيم بيرم

"أفرج" الثنائي الشيعي قبيل أيّام رسمياً عن اسم مرشحه المعروف للرئاسة الأولى، ولكن ذلك الأمر على بلاغته ودلالته لم يسقط السؤال الذي انتصب منذ البداية في داخل أوساط جمهور هذا الثنائي مشفوعاً بجمهور "محور الممانعة" وهو: هل بلوغ هذا المرشّح قصر بعبدا ممكن ومحقق أم لا يعدو الأمر كونه خطوة يائسة انتظر طويلاً من "يكاتبه" ويحاوره استعداداً لولوج عتبة التسوية معه؟

لا ريب في أن السؤال يكبر على صدر الأيام مع ارتفاع منسوب الاعتراض الداخلي والإقليمي المعلن على هذه الخطوة من جهة ومع انسداد الأفق والسبل أمام عبور المرشح نفسه (زعيم تيار المردة سليمان فرنجية) الآليات والمسالك الدستورية التي تؤمّن له الانتقال الى الكرسيّ الساعي إليه بدأب منذ زمن، وتحديداً من خلال القاعة العامة للمجلس النيابي وصندوقة الاقتراع التي يُفترض أن تدور دورتها يوماً ما؟

اللافت في هذا السياق أن ثمة منظّراً اعتاد النطق بلسان الثنائي والإفصاح عن مكنونات صدر جمهوره، طرح سؤالاً مناسباً للمقام فحواه: إن كان الرئيس بري والسيد نصرالله فعلا أخيراً ما كانا يلوّحان به وهو ترشيح فرنجية، وعمدا الى إخراج هذا الترشيح من دائرة الطيف الى دائرة الضوء حيث لا عودة الى الوراء فإن الأمر الأهم هو كيف يمكن لهذا المرشح المرور عبر البترون ومعراب وبكفيا (أي المعابر المسيحية) لضمان بلوغه القصر الرئاسي؟

وما لم يلتفت إليه ذلك المنظّر ليطرحه جهاراً هو كيف سيعبر الزعيم الشمالي نفق "الفيتو" السعودي المشهر سيفه عليه منذ زمن وازداد الأمر إلحاحاً في الأيام القليلة الماضية؟
ثمة بطبيعة الحال قناعتان تسريان في أوساط قواعد الممانعة بكل ألوان طيفه:

الاولى أن فرنجية بات مرشح المرحلة الانتقالية البالغة التعقيد والصعوبة، وأن الرجل الذي كانت فرصة وصوله الى سدّة الرئاسة الأولى شبه مضمونة مرتين متتاليتين الأولى يوم التمديد للرئيس السابق إميل لحود في عام 2004 والثانية عشية انتخاب العماد ميشال عون في عام 2016، باتت الآن ضعيفة جداً لا بل تبدو متعثرة بفعل التطوّرات والتحوّلات في الداخل وفي الإقليم على حدّ سواء.

الثانية أنه بعد خطوة الترشيح صار لزاماً على الثنائي المتصدّي والمتحدّي أن يخوض غمار تجربة تحدٍّ وجودي يُبنى عليها الكثير في سياق مسار مواجهات ممتدّة مع الذين يجاهرون الآن، وهم ليسوا قلة لإسقاطها من أي حساب، بأنهم وضعوا نصب أعينهم مهمة "تحرير" الرئاسة الأولى بما تمثّل من قبضة الثنائي وتحديداً من تحت سيطرة واحد من هذا الثنائي وهو "حزب الله" ولا سيما أن ثمة عاملين سلبيين يلعبان ضد مصلحة هذا الثنائي وهما تجربة رئاسة العماد عون المدعومة من الحزب والهجمة المكثّفة عليه والتي انتهت بإفقاده أكثرية مريحة كانت له في المجلس السابق اتكأ عليها ليؤمّن تحصين نفسه من جهة ولكي يمضي قدماً في منازلة الخصوم.

ثمة ولا ريب تأويلان في معرض البحث عن إجابة عن هذه الأسئلة المعتملة، الأول يقوم على فرضية أن ترشيح الثنائي لفرنجية بهذه الطريقة هو عبارة عن يأس من انتظر على قارعة الطريق عروضاً لم تأته فلم يعد أمامه إلا الانتقال الى وضع الهجوم.

في الأيام القليلة لماضية سرت معلومات في كواليس الفريق الممانع جوهرها أن الرئيس بري قد استعجل الكشف عن ورقة الترشيح المخبوءة قبل الأوان المتفاهم عليه ما شكّل عنصر مفاجأة لفرنجية نفسه وتالياً للحزب الذي سعى أمينه العام السيد نصرالله الىى الاستدراك من خلال تأييد الترشيح والإيحاء بأن الأمر منسّق علماً بأن هذه الكواليس تتحدث بلسان صريح بأن إعلان بري بهذا الشكل وفي هذا التوقيت شكل نقطة ضعف للمحور لأنه استعجال الثمرة قبل أوانها ولأنه كان مقدراً أن يبادر فرنجية لإعلان ترشّحه رسمياً ومن ثم يسارع الثنائي الى إعلان الدعم والرفد والإسناد، ولقد عزز ترشيح بري لفرنجية فرضية يتمسّك بها خصوم الثنائي ومفادها أن الثنائي يلعب لعبة فرض مرشحه على المسيحيين.

وبصرف النظر عن دقة هذه المعلومة التي تجعل بري بموقع المبادر قبل الأوان بناءً على اعتبارات وحسابات عدة أملت عليه هذا السلوك المتعجل، فإن مصادر قيادية في الثنائي لها سردية مختلفة لما حصل، فهي لا تنكر أنها انتظرت خمسة أشهر ليظهر من يردّ على دعوتها للحوار والتفاهم على رئيس توافقي لكن أحداً لم يأت. وهي في الوقت عينه ترفض فرضية أن خطوتها هي خبط عشواء أو خطوة يائسٍ وصل الى حائط مسدود بل برأيها إن الثنائي "يدري ما يفعل ويعرف ماذا يريد ويعي كل ما يحفّ بالأمر من صعوبات"، وهي (المصادر) لا تبالغ عندما تزعم أنها طوت "ملفّ الرئاسة طيّ الموقن باكتمال العناصر المرجّحة" وقد انطلقت لتوّها في رحلة التنفيذ الممنهج من خلال ملء الفضاء الإعلامي عبر إطلالات مدروسة (الرئيس بري سيكون له في الأسبوع المقبل ثلاث إطلالات إحداها مع وفدي نقابتي المحرّرين والصحافة) إضافة الى إطلالات نصرالله.

وتذهب المصادر نفسها الى حدّ التأكيد أن عملية الترشيح هي جزء من مسار متدرّج قدّرت له قيادة الثنائي ثلاثة أشهر فقط تعتبرها مهلة كافية لبلوغ الهدف المنشود. وبناءً على ذلك ترى المصادر عينها أنها باتت تقبض على مفاتيح "التحكم والسيطرة" على هذا المسار، فعملية الترشيح نفسها صلّبت عود المحور بعدما بدا خلال الأشهر الخمسة الماضية متراخياً وفي حال ارتباك فيما بدا فرنجية نفسه واثقاً أكثر من نفسه ومستأنساً من قوة الإسناد التي يؤمّنها المحور بعدما قدّم له الإثباتات اللازمة التي تظهر امتلاكه الأكيد لكتلة متماسكة من 55 صوتاً ومعها متاح رفع العدد الى الرقم اللازم لتأمين النجاح وهو الـ65 صوتاً.

وأبعد من ذلك وفيما استعاد "المحور" تماسكه فقد الآخرون تماسكهم الأولي وباتوا قاصرين عن النزول الى المجلس بمرشح واحد يجمعون عليه وهذا ما دفع بري الى إطلاق قفّاز التحدي أخيرًا.

القصة عند هذا المحور تتعدّى مسألة انقلاب الصورة وتبادل الأدوار، فهذا الواقع على بلاغته لا يسقط أن الترشيح فرض أمراً واقعاً على الجميع لا يمكن أحداً الانفكاك من مداره والتفلت منه.

وتعي تلك المصادر حجم حيرة جمهورها وهو يتابع مستوى الاعتراض الإقليمي على مرشحه للرئاسة، الذي تحول أخيراً الى فيتو لا يمكن مغادرته، لذا فهي تردّ على ذلك بأنه أمر لا يمكن الرافضين المضيّ به بهذه الصلافة، لذا فإن الأمر بالنسبة لها قابل للاستيعاب والاحتواء وثمة من بدأ يطرق أبواب التفاهم والبحث عن تسويات، وهي على يقين بأن الجواب سيأتي عاجلاً أو آجلا لأن الترشيح نفسه خطوة متقدّمة في مسار التسوية المنشودة من الجميع.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار