يوم الدولار الطويل بإدارة الحاكم: الأمر لي! | أخبار اليوم

يوم الدولار الطويل بإدارة الحاكم: الأمر لي!

| الأربعاء 22 مارس 2023

يوم الدولار الطويل بإدارة الحاكم: الأمر لي!
ما يعني عملياً ان نِسب الاقتطاع باتت 90 في المئة؟

 "النهار"- سابين عويس

أمّا وقد اطمأن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الى وضعه في التحقيقات القضائية المحلية والاوروبية، كما اطمأن الى ان تهديداته للمنظومة السياسية التي غطت سياساته وهندساته بقرارات حكومية، فقد انتقل من موقع الدفاع عن نفسه وعن الاتهامات المُساقة ضده، وهي اتهامات كافية لإقالته، كونها اتهامات بالاختلاس وتبييض الاموال واساءة استعمال المال العام، الى مرحلة الهجوم واستعادة زمام الامور.

ثمة مَن اعتقد في الايام القليلة الماضية ان المصرف المركزي فقد السيطرة على السوق فحلّق الدولار في السوق السوداء الى مستويات جنونية غير مبررة في أي شكل من الأشكال وتحت أيّ مسمى. لكن الواقع ان "المركزي" كان حاضراً وبقوة في السوق من خلال التدخل شارياً الدولار على مستويات منخفضة، استعداداً لتوجيه ضربته عند بلوغ الدولار المستوى الموجع الذي يضع السلطة السياسية أمام مسؤولية التدخل.

كيف لا وهو، منذ استقالة الحكومة وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية وتعطل المجلس النيابي الحاكم بأمره في السوق، والوحيد الذي يتمتع بالاستقلالية ولديه هامش التحرك والمناورة في السوق، والتحكم بعمل الصيارفة، وتاليا بسعر الدولار.

ما حصل بالأمس من تقلّب مخيف في سعر الصرف لم يكن نتيجة حركة السوق أو حركة عرض وطلب، أو نتيجة عامل سياسي أو تقني، بل نتيجة رسالة واضحة وجّهها الحاكم ومفادها "الأمر لي". وهي تأتي رداً على الدعوات لمحاكمته بتهم الاختلاس وتبييض الاموال، وذلك تنفيذاً للتهديدات التي وجّهها الى السياسيين في بيانه الصادر غداة انتهاء جلسات الاستجواب الاسبوع الماضي.

ماذا فعل الحاكم أمس؟
بعد ارتفاع غير مبرر للدولار من 110 آلاف ليرة صباحاً الى ما يقارب 143 الفا ظهراً، اعلن سلامة في بيان اصدره قرابة الثالثة بعد الظهر، عن اجراء "عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الاوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة"، الذي رفعه الى 90 ألف ليرة مقابل كل دولار. وأجاز للجمهور ان يسلم الليرة النقدية الى الصرافين فئة "أ" أو الى المصارف العاملة على ان يسلم الدولار بعد 3 أيام وتُسجَّل كل العمليات على منصة "صيرفة".

وأحرج الحاكم المصارف ودفعها الى فك اضرابها عبر اعلانه انه يمكن للمصارف التي تعود عن اضرابها المشاركة في هذه العملية، كاشفاً ان الهدف من هذه العملية هو الحد من تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي.

وبرر الحاكم في حديث امس قراره هذا بأنه يرمي الى سحب كل الليرات من السوق، معلناً ان لدى "المركزي" القدرة على ذلك، وداعياً المواطنين الراغبين في الاستفادة من هذا التدبير الى الذهاب الى اقرب صراف فئة "أ" يتعامل معه "المركزي" وهم معروفون من الجميع كما قال، او الذهاب الى المصارف التي لم تغلق ابوابها، معتبراً ان هذا القرار يصب في مصلحة الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

ليست هذه العملية الاولى التي يلجأ اليها المصرف المركزي عبر رفع سعر "صيرفة" والاخلال بسعر الدولار بعد رفعه الى مستويات عالية جداً. فهو قام بهذا التدبير اكثر من مرة، وفي كل مرة كان الامر يصب في مصلحته لاعادة تكوين بعض الاحتياطات التي تساعده على الصمود حتى انتهاء ولايته في تموز المقبل، من دون المسّ بالاحتياطات المعلنة لديه.

لكن الحاكم اغفل ان هذا التدبير يبقى تدبيراً موقتاً وحلاً مجتزأً لا يعالج الازمة بل يمعن في تعميقها وفي اقتطاع المزيد من اموال الناس. فالتسعير وفق منصة "صيرفة" لسداد الفواتير بات على اساس 90 الف ليرة، والدولار الجمركي على اساس 45 الف ليرة، أما السحوبات فلا تزال على 15 الف ليرة، ومقاصة الشيكات على اساس 10 في المئة من قيمة الشيك، هذا في حال نجح حاملو الشيكات في تسييلها.

ما يعني عملياً ان نِسب الاقتطاع باتت 90 في المئة!

في بضع ساعات، ارتفع الدولار من 110 آلاف ليرة الى 143 الفا ليعود وينخفض الى 110 آلاف، في لعبة حققت ارباحاً لمستفيدين في السوق، واتاحت لـ"المركزي" لمَّ الدولارات، فيما الكلام عن حماية القدرة الشرائية بات عبثياً بعدما فقدت الليرة قيمتها كما فقدت قوة التعامل بها في سوق باتت مدولرة في شكل كامل. أما السلطة فغائبة كلياً عن المشهد، وباتت في الواقع اسيرة المواجهة القضائية مع الحاكم من جهة، واسيرة التسوية التي يركن اليها هو لخروج آمن من السلطة وفق معادلة جديدة ارساها لما تبقّى من ولايته، وركيزتها الدولار مقابل المحاكمة، وعلى السلطة في المقابل، على حد ما يقول مصدر مصرفي، ان تتعامل مع هذا الواقع على قاعدة "أقيلوه أو تقبّلوا أعماله"!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار