ما يغيب عن تسويات باريس | أخبار اليوم

ما يغيب عن تسويات باريس

| السبت 01 أبريل 2023

 "النهار"- علي حمادة

أشعلت باريس محركاتها لدفع ترشيح النائب السابق سليمان فرنجيه للرئاسة الى الامام على رغم معرفتها ان دون هذا الترشيح معوقات كبيرة يستحيل تجاوزها بهذه السهولة، وخصوصا بالطريقة المعتمدة من قِبل خلية قصر الإليزيه المعنية بالملف اللبناني. فقبل كل شيء ان سليمان فرنجيه هو أولا وأخيرا مرشح "حزب الله" وحركة "أمل"، وبعض القوى غير الشيعية العاملة على موجة "الثنائي" السياسية نفسها، مثل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وآخرين يؤثِرون البقاء خلف الكواليس. ثم إن المرشح المذكور يفتقر الى تأييد بيئته، حيث ان معظم القوى الحزبية والممثلة في مجلس النواب لا تؤيد ترشيحه لمنصب الرئاسة الذي يبقى، شئنا أم أبينا، منصبا مسيحيا بامتياز، يشعر المسيحيون ان "الثنائي الشيعي" مصمم بكل قوة على وضعه تحت "عباءته"، وذلك أياً تكن الاعتبارات، ومهما ارتفعت حدّة المعارضة او اتسعت مروحتها. ثم هناك القوى السيادية والى جانبها الإصلاحية التي لا ترى في فرنجيه صورة لا سيادية ولا إصلاحية لانه جزء من محور يقوده "حزب الله"، ولانه جزء من تحالف يضم اركان الطاقم الحاكم المعتبَر مسؤولا عما آلت اليه أوضاع البلد من مساوئ. ولا يمكن تجاوز عامل الكفاءة المفترَض ان يتوافر في حدوده الدنيا لدى رئيس جمهورية لبنان، فيما يواجه البلد أعتى ازمة اقتصادية، مالية، اجتماعية، مؤسساتية منذ ولادة الكيان. وأخيراً وليس آخراً لم يسمع الشعب اللبناني، ولو كلمة واحدة مفيدة من المرشح بالنسبة الى برنامجه وأفكاره ورؤيته للمرحلة الرئاسية المقبلة، فهو يخوض سباقا محموما نحو الرئاسة بأسلوب قد يعتبره كثيرون فوقيا، لا يراعي مقاييس الزمن الحالي حيث يحتاج المسؤول الى ان يخاطب الناس بلغة مختلفة.

في باريس يعتقد بعض العاملين في الملف اللبناني ان في المستطاع فرض رئيس من فوق. هذا خطأ كبير في التقدير، لاسيما ان سجلَّ الرئيس ايمانويل ماكرون منذ ان اطلق مشروعه الإنقاذي اللبناني الذي قدمه غداة تفجير مرفأ بيروت غير مشجع، فيما المشروع تراجع الى ان تلاشى، لتحل مكانه خيارات السياسة الواقعية الباردة التي خاطبت الكلّ ما عدا الشعب الذي آمن في لحظة يوم زار ماكرون بيروت إثر تفجير المرفأ بأنه سيتعامل مع القضية اللبنانية بطريقة مختلفة عن قوى دولية أخرى. وما من شك في ان الدعم الذي تقدمه باريس لبعض المسؤولين اللبنانيين هنا او هناك يزيد الخيبة من طريقة التفكير في الاليزيه الساعية الى تسوية من الصعب هضمها.

انطلاقاً مما تقدم وبصرف النظرعما يروَّج من روايات باريسية حول الاستحقاق الرئاسي، من المهم ان تدرك باريس ان تسوية رئاسية توصل مرشح "حزب الله" الى قصر بعبدا لن تكفيها كل الضمانات التي تسعى باريس لتجميعها بهدف استمالة المحور العربي. فما من أحد يمكنه ان يضمن سلوك رئيس للجمهورية بعد عام او عامين. وماذا لو شهد الاتفاق السعودي - الإيراني انتكاسة مصدرها طهران؟ هل يمكن لباريس ان تضمن سلوك جماعة طهران في لبنان؟ هل يكفي ان تقفل طهران بعض محطات التحريض العاملة في حمى "حزب الله" في لبنان حتى نعتبر اننا ضمنّا سلوكا رئاسيا سويّا، ومستقلا، ومعتدلا، ومحايدا لست سنوات مقبلة؟
نقول لباريس ان ضمانتكم غير كافية، كما هي وعود طهران. وحدها حماية منصب رئاسة الجمهورية من الاستتباع هي الضمانة ليس إلّا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار