"حماس" الغطاء الفلسطيني لـ"الحزب" أي أبعاد لاستدعائها؟ | أخبار اليوم

"حماس" الغطاء الفلسطيني لـ"الحزب" أي أبعاد لاستدعائها؟

| الأربعاء 12 أبريل 2023

تجربة "الصواريخ اللقيطة"  قد تكرّرت نحو 15 مرة منذ عام 2006


"النهار"- ابراهيم بيرم

أمر إقحام "حماس" في صلب مشهد المواجهة مع إسرائيل من الجنوب، ليس بالتأكيد حدثاً طارئاً ينطوي على عنصر المفاجأة والصدمة. فعلى رغم أن الأضواء سُلطت بتركيز على هذا الأمر بعيد تحميل تل أبيب حركة حماس حصراً تبعة إطلاق الصواريخ الـ34 من الجنوب في اتجاه منطقة إصبع الجليل في الأراضي الفلسطينية المتاخمة للحدود مع لبنان ومن ثم مسارعة تل أبيب الى الرد على هذا الفعل بغارة استهدفت بقعة جغرافية محدودة تعمدت أن تكون في محيط مخيم الرشيدية جنوب صور، فإن الراصد بدقة لمسار الأوضاع والتطورات في الجنوب وتحديداً منذ إنفاذ القرار الأممي الرقم 1701 عام 2006 يصل الى استنتاج فحواه أن السعي الحثيث والجاد الى تظهير حضور أمني – عسكري للعنصر الفلسطيني "المقاوم" عموماً وحركة حماس خصوصاً أمر تعود جذوره الى أعوام عدة خلت إذ إن ثمة تجارب ومحطات متكررة كرّست معادلة إحضار هذا العامل الى عمق المشهد الصراعي كلما احتاج اللاعبون والضالعون في معادلة الصراع المفتوح على الحدود الجنوبية وفي مقدمهم "حزب الله" الى النأي بأنفسهم عن أي تطور تصعيدي يدور على أرض تلك البقعة الجغرافية، ويبعد عنهم المسؤولية المباشرة أمام الداخل اللبناني المثقل بالصراعات والمشبع بالانقسامات حول الحزب ودوره.

وحسب إحصاءات مستقاة من أكثر من مصدر فإن تجربة "الصواريخ اللقيطة" التي كانت تنهمر من بقعة جنوبية نحو الأراضي المحتلة قد تكرّرت نحو 15 مرة منذ عام 2006. واللافت أنه كان ثمة حرص دائم على أن يكون مصدر تلك الصواريخ من محيط المخيمات الفلسطينية الموزعة في محيط صور (3 مخيمات أساسية و3 عشوائية صغيرة). وعلى جاري عادته كان "حزب الله" المفترض وفق كل التقديرات أنه صاحب اليد الطولى في الميدان الجنوبي، يعتصم بالصمت حيال أي تطور من هذا النوع فلا يتبنّى ولا ينفي عن نفسه تهمة المسؤولية سواء أتته من تل أبيب أو من الداخل اللبناني.

والمعلوم أن هذا النهج التكتّمي اعتبره الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالة أخيرة له جزءاً من "إدارة المعركة وعنصراً من عناصر القوة له فيها" انطلاقاً من قاعدة راسخة عند الحزب تقوم على فرضية أن "أي إيضاح نعطيه مهما كانت قيمته" هو خدمة مجانية للعدوّ "لذا نحن لسنا حرس حدود لإسرائيل ولتبادر هي الى بذل الجهد لفك خلفيات أي حدث وطوايا أي تطوّر".

"لعبة" يعتبر الحزب أنه برع فيها في صراعه المفتوح مع إسرائيل وهي لعبة تجهيل الفاعل وإبعاد المسؤولية وعدم تقديم أي إيضاحات لتل أبيب. وخلال التجارب الماضية جرت العادة أن تسارع تل أبيب الى توجيه أصابع الاتهام نحو الحزب مباشرة وتحميله التبعة وأن تشرع في إطلاق التهديدات والتحذيرات له وللحكومة اللبنانية، لتعاود الأمور بعدها سيرتها الأولى ويلتزم كل طرف "قواعد" اللعبة المألوفة منذ نحو ثلاثة عقود. لكن المستجد هذه المرة في المشهد الجنوبي سعي الحزب الخفيّ الى إقحام حماس عن سابق تصور في المشهد هذا من جهة والحاجة الإسرائيلية الموازية الى استدراج تلك الحركة الى ميدان الصراع في الجنوب لأن ذلك يهوّن الأمر عليها لأنها تعيد تكرار تجربة ما قبل عام 1982 حيث كانت تقول إنها تواجه غير لبنانيين من جهة ثانية وحاجة الحركة نفسها الى تثبيت إطلالتها وحضورها العسكري في هذا الميدان.

وبقطع النظر عن حقيقة حجم هذا الحضور فإن الحركة على ما يبدو لا يضيرها إطلاقاً أن "تكون" ستاراً للحزب فهي ترى أن من عناصر القوة المضافة عندها أن تكون على تخوم المواجهة مع إسرائيل من الجنوب اللبناني ولو من موقع الفزاعة.

فالمعلوم أنه بعدما عادت الحركة الى دمشق أخيراً نتيجة جهد بذله الحزب والقيادة الإيرانية، أطلق الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله نظرية تشابك الساحات وما يترتب على ذلك من تعهد علني بأن يرد أضلاع "محور الممانعة" رداً مشتركاً على أي اعتداء إسرائيلي على واحد منهم. وفي هذا السياق تندرج الزيارت العلنية المتكررة للقيادات العليا للحركة لبيروت مجسّدة بزيارات رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية وبإقامة دائمة لنائبه الشيخ صالح العاروري في العاصمة اللبنانية يشرف منها على نشاط الحركة التنظيمي والسياسي.

لا ريب في أن الحركة الأحدث عمراً قياساً بأعمار الفصائل الأخرى وفي مقدمها حركة "فتح"، نجحت أخيراً في تركيز رؤوس جسور لها وسط الوجود الفلسطيني في لبنان بعدما كانت نكرة، لكن اللافت أن هذه الحركة لم تمارس لعبة الكشف عن جناح مقاتل منظم لها في لبنان. ولكن على ما يبدو فإن حاجة الحزب لإشراك حماس الى جانبه في مشهد المواجهة مع إسرائيل هي أكبر وأكثر إلحاحاً وذلك عائد لاعتبارات عدّة أبرزها:

– حاجة الحزب الى غطاء فلسطيني – عربي – سنّي يدثّره ويقيه غوائل عدّة. ولا ريب في أن الحركة المنتمية جذوراً الى جماعة "الإخوان المسلمين" يُفترض أنها تفي بهذا الغرض لكونها تبعد عنه شبهة التفرّد وإقصاء الآخرين بناءً على حسابات إيرانية.

– إعادة الاعتبار الى "الدور المقاوم" للحزب ما ينفي عنه صفة الاسترخاء والتراخي التي ألحقت به أخيراً بعد ترسيم الحدود البحرية.

– إعادة تسليط الأضواء على العامل الفلسطيني في لبنان بعدما تعامل كثر مع هذا الوجود وكأنه كمّ مهمل بعدما تراجعت أعداد اللاجئين المسجّلين في وكالة الأونروا بنسبة كبيرة نتيجة موسم الهجرات المتتالية.

والسؤال المطروح: ماذا بعد، فهل ستجرؤ "حماس" على تظهير حضور عسكري ملموس أم ستظل قانعة بأداء دور "الغطاء الفلسطيني" لنشاط الحزب غب الطلب؟

بعد انسحاب القوة العسكرية لفصائل منظمة التحرير من بيروت وتوزيعها في خمس دول سجّلت أكثر من محاولة من جانب حركة فتح للعودة الى لبنان، لكن الوجود السوري متحالفاً مع قوى لبنانية حال دون ذلك وكانت النتيجة معارك طرابلس في عام 1984 ثم معارك المخيمات بعدها مباشرة، التي كانت أطول وأكثر دموية.

وبعد الشروع في إنفاذ اتفاق الطائف نجح الجيش اللبناني في "تصفية" آخر وجود فلسطيني مقاتل في محيط مخيمي عين الحلوة والمية ومية. وكانت آخر تلك المحاولات تجربة حركة "فتح الإسلام" في مخيّم نهر البارد التي انتهت بهجوم الجيش على ذلك المخيّم وطرد فلول ذلك التنظيم.

من يومها أيقن الفلسطينيون أن أمر العودة الى الساحة اللبنانية صار صعباً حدّ الاستحالة، ولكن على ما يبدو ثمة تطورات في الداخل والإقليم بدلت المعادلات على نحو كرّس الحاجة الى حضور فلسطيني بوزن حركة حماس وإن من الباب الإعلامي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار