تظهير استياء مسيحي وسني من فرنسا | أخبار اليوم

تظهير استياء مسيحي وسني من فرنسا

| الجمعة 14 أبريل 2023

كيف يمكن ان يقلع البلد في ظل رئاسة فرنجيه اذا كان مدينا بوصوله للثنائي الشيعي

 "النهار"- روزانا بومنصف

استفزت المقاربة الفرنسية لموضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان وتبنيها دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ولا تزال في ظل مد وجزر مستمرين ازاء حقيقة المواقف الخارجية ، قوى سياسية متعددة تقر بانها لا تفهم الام يسعى الفرنسيون وقد سبق ان ساهموا في توريط لبنان في اوضاع صعبة كثيرة خلال العامين الماضيين .

وهناك اتهامات لهم بانهم " " يبيعون " و" يشترون " عبر مواقفهم من اجل تحسين علاقاتهم مع ايران والحصول على صفقات معها . ومع ان قوى مسيحية عدة تجاهر بتحفظها الشديد على تبني فرنسا تسويق فرنجيه، فان واقع الامر ان غضبا متعاظما يتلاقى حوله افرقاء مسيحيون وقيادات سنية، فيما هو معروف موقف اللقاء الديموقراطي ايضا، ويوجه هؤلاء اسئلة الى الفرنسيين في مقابل الاسئلة التي وجهتها باريس الى فرنجيه مفادها كيف ترى باريس ان الاخير هو رجل المرحلة المصيرية والشديدة الصعوبة التي يمر فيها لبنان وهل يملك القدرة والادوات لاخراج البلد من ازمته.

ومع ان كثيرين يحتفظون بود لرئيس تيار المردة على المستوى الشخصي ، فانهم غير مقتنعين لا بقدراته ولا ايضا بصلاته ومعارفه ما يثير اسئلة كيف يمكن ان يقود البلد في المرحلة المقبلة وهل يمكنه تحصيل الثقة الداخلية في الدرجة الاولى وفي ادارة العلاقات مع الخارج لان البلد يحتاج الى رئيس قادر ولا يعتمد فقط على مستشاريه . ويسأل هؤلاء ايضا كيف يمكن ان يقلع البلد في ظل رئاسة فرنجيه اذا كان سيكون مدينا بوصوله للثنائي الشيعي في ظل علامتي استفهام كبيرتين : المعارضة المسيحية لانتخابه والتي ستصعب عليه التعاطي مع القوى المسيحية حتى لو تأمن انتخابه بطريقة ما . والاخرى تكمن في واقع ماهية الاوراق التي يملكها من اجل التأثير على " حزب الله" صاحب الاجندة الاقليمية او الضغط عليه من اجل تحصيل بعض النفوذ للدولة الذي يرجح الحزب ان يؤمنه عبر الاسلوب نفسه الذي جرى فيها التعاطي مع ميشال عون اي منحه القدرة على تحصيل مكاسب تكتيكية وتعيينات ونفوذ في الوسط المسيحي من اجل مساعدته على تثبيت اقدامه وتثبيت مسيحيته او تأكيد صدقيته فيها ، لقاء بقاء قرار الدولة الخارجي وقرار الحرب والسلم في ايدي الحزب. يضاف الى ذلك ان النظام السوري لن يساير لبنان ايا يكن رئيسه على حساب مصالحه والامر نفسه بالنسبة الى " حزب الله" باعتبار انه امتداد اقليمي لدولة خارجية .

الحكم السياسي بات قاسيا جدا على فرنسا في ظل اعتقاد لا بل اقتناع بانها تبيع وتشتري عبر لبنان وتدفع مصير لبنان او اللبنانيين بمثابة " مهر " لايران وطمعا بمصالح وصفقات معها تتقدم في اعتقادها على مصالحها مع المملكة السعودية التي تبقي عينها واهتمامها على الولايات المتحدة . ومفهوم ان الدول ليست جمعيات خيرية وتسعى الى تأمين مصالحها بكل الوسائل المتاحة ولكن الامر بالنسبة الى هذه القوى، ان الاصرار الفرنسي على التمسك بالمعادلة التي تبنتها وتستمر في تسويقها انما يعني ان فرنسا لا تتجاهل الرأي العام اللبناني علما انها تناقض مواقف اطلقها رئيس جمهوريتها ايمانويل ماكرون حول حتمية التغيير في لبنان ، بل انها تساهم في تأخير البحث عن معادلة جديدة يتم فيها انجاز الاستحقاق الرئاسي سريعا. وهناك من يعتقد ان باريس قد تعدل في موقفها ازاء هذه المعادلة كما سبق ان غيرت موقفها من الرئيس سعد الحريري حين شجعته على تأليف الحكومة الاخيرة في عهد ميشال عون ولم تساعده لا بل شجعت مواقف نسفت كل جهوده ثم تبنتها على قاعدة تبني تكليف الرئيس نجيب ميقاتي قبل ان تعترف لاحقا بان الحريري لم يكن بالسوء الذي تم تصويره او شيطنته. ولا ينسى هؤلاء كيف ضغطت فرنسا في عز دعمها لحكومة من التكنوقراط التسليم بوزارة المال للثنائي الشيعي تسهيلا لحكومة لم تتألف في نهاية الامر ومن ضمن التطلع الفرنسي لعلاقات جيدة مع ايران ، ولكن الموقف الفرنسي ضمن مكسبا للثنائي الشيعي بوزارة المال يكاد يكون مستحيلا ان يتخلى عنه هذا الفريق بعد الان وهو اعتبره انتصارا لا بل اقرارا فرنسيا وحتى دوليا باحقيته في هذه الوزارة . ولذلك فان هذا الاصرار الفرنسي على الاستمرار في المحاولة على رغم تبلغ باريس على الاقل موقفا سعوديا رافضا وكذلك موقفا قطريا رافضا لرئيس محسوب على طرف سياسي معين في لبنان ويفرض ارادته ليس على اللبنانيين فحسب بل وخصوصا على القوى المسيحية يبدو مثيرا للاستغراب لا بل للاستهجان .

ويبدو ان القوى السياسية باتت تميل الى اخراج تحفظاتها لا بل انزعاجها من المقاربة الفرنسية الى العلن والمجاهرة بذلك بدلا من ابقائه وراء ابواب مغلقة رغبة في احراج باريس في عدم تنزيهها عن اهداف لا صلة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين. وذلك في الوقت الذي باتت هذه القوى ترى ان فرنسا التي اظهرت دوما اهتماما بان يكون لبنان محورا اساسيا من اولوياتها لاعتبارات تاريخية وقد سلمت لها الولايات المتحدة واوروبا بذلك وحتى الدول العربية التي انصرفت عن لبنان بسبب محوريته في خلال الاعوام الاخيرة ، لن تستطيع المساهمة عملانيا وماديا في انهاضه اقتصاديا. فيما ان هذا العبء الاخير يعول فيه على الدول الخليجية التي تتمسك حتى الان بموقفها وتراهن القوى المتحفظة على الدور الفرنسي والرافضة له ان تنجح بتحييد هذا الاخير والكف عن المحاولة وتاليا تقوية فريق من اجل التشدد في العرقلة .

والتحفظ على دور فرنسا يصل حدود الخوف من اقناعها بمرشح بديل تستطيع بيعه لئلا تخسر ، فيما ان اي مرشح محتمل يتنازل الثنائي الشيعي عن مرشحه من اجله قد يجعل كثر يدفعون ثمنا باهظا وتنازلات في حين ان لا شيء قد يتغير .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار