الاستحقاق الرئاسيّ: تراجع باريس تكتيكيّ والعبرة في ما سيفعله المعارضون | أخبار اليوم

الاستحقاق الرئاسيّ: تراجع باريس تكتيكيّ والعبرة في ما سيفعله المعارضون

| السبت 22 أبريل 2023

لا مؤشّرات على حصول تغيير جدّيّ في مقاربة موضوع الرئاسة


 "النهار"- علي حمادة

من الصعب التأكّد من جديّة الموقف الفرنسيّ الذي صدر عن وزارة الخارجيّة، مؤكّداً أنّ باريس ليس لديها مرشّح مفضّل للرئاسة في لبنان. فسلوك الخليّة الديبلوماسيّة الفرنسيّة المعنيّة بالملفّ اللبنانيّ في الأسابيع القليلة الماضية يشير بما لا يقبل الشكّ إلى أنّ باريس عملت حتّى الأيام الأخيرة على طرح ما أمكن من "تسويات"، بهدف تسهيل انتخاب مرشّح "الثنائيّ الشيعيّ" رئيساً للجمهوريّة، في مقابل تقديم "جائزة ترضية" للقوى والشخصيّات والرأي العام عموماً في رئاسة الحكومة. وفي هذا السياق، يمثّل إدراج طرح معادلة "سليمان فرنجية – نوّاف سلام" ثمّ "سليمان فرنجية - تمام سلام " في سياق محاولة فرنسيّة، يُقال إنّها استندت إلى اقتراح قدّمه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، في محاولة لـ"إغراء"المملكة العربيّة السعوديّة كي تعلن عن دعمها فرنجية، وفي الوقت عينه، للالتفاف على المعارضة الكبيرة التي يواجهها ترشيح فرنجية أوّلاً، من قبل غالبيّة القوى المسيحيّة الوازنة في البرلمان، وثانياً من مروحة واسعة من الشخصيّات المسيحيّة من خارج البرلمان، وثالثاً من رأي عام مسيحيّ اعتبر أنّ ترشيح فرنجيّة لمنصب مسيحيّ مارونيّ أوّل في البلاد بمثابة محاولة لفرض إملاءات من قبل طرفَي "الثنائيّ الشيعيّ"، وتكريس عرف خطير على توازنات البلد، بحيث يصبح أيّ شخص يرشّحه "حزب الله" بالتحديد رئيساً بفضل ما يسميه الفرنسيّون في لقاءاتهم القوى اللبنانية المعارضة، "موازين القوى" التي تفرض نفسها.

وهنا أيضاً بالتحديد نتحدّث عن المعارضة من مكوّنات غير مسيحية، ترى أنّ فرض فرنجية بهذا الأسلوب الفجّ، لا يُكرّس عرفاً خاصّاً في مصير الرئاسة الأولى، بل يمسّ أيضاً مصير الرئاسة الثالثة، التي يلمس كثيرون أنّها حاليّاً في قبضة "الثنائيّ الشيعيّ"، تعمل تحت السقوف التي يرسمها "حزب الله " بشكل عامّ. وينسحب الأمر إذا ما تكرّس في رئاسة الجمهورية على بقية مكوّنات البلد، بحيث يصبح عرفاً من أعراف الحكم، وتركيبة السلطة أن يكون لـ"حزب الله" رجاله في الطوائف الأخرى، في مواقع أساسيّة من الدولة، فقط لأنّ "موازين القوى" تفرض نفسها!

قد لا يكون الموقف الفرنسيّ أكثر من خطوة تراجع تكتيكيّة، بهدف إسكات الأصوات المعترضة على المنحى الذي أخذته السياسة الفرنسية "الواقعية " أكثر من اللزوم، لكنّ مجرّد صدور الموقف له إيجابيّات، أهمّها أنّ إيصال فرنجية ليس بالسهولة التي يتوهّمها البعض، وثانياً أنّ الرياض، وعلى العكس من الترويج المعروف مصدره، لم تقل ما نُقِل عنها في إعلام "حزب الله" وشركائه خارج البيئة الشيعية. كما أنّ قرار فرنجية بالتحرّك في اتّجاه البطريركيّة المارونية ليس انعكاساً لارتفاع حظوظه، بل لكسر الفكرة النمطية التي تلتصق بشخصه، ومفادها أنّه ينتظر من "حزب الله"، ونبيه برّي، وبشّار الأسد، وإيمانويل ماكرون أن يقدّموا له الرئاسة على طبق من ذهب، فيما هو جالس على ضفاف بحيرته لا يتنازل ليتحدّث أقلّه مع الرأي العام، كاشفاً عن أفكاره في ما خصّ أزمات البلد ومشاكله، بما هو أبعد من التهويل الكلاسيكيّ المستنسخ من أدبيات مرحلة وصاية الاحتلال السوريّ على المسيحيين، مذكّراً بمرحلة التسعينات، أو محذّراً من اتّخاذ طرح "استراتيجية الدفاع الوطنيّ" فرصة لطعن ما يسمّى "المقاومة"!

في مطلق الأحوال بيان باريس هو تراجع لكنّه على الأرجح تكتيكيّ، فلا مؤشّرات على حصول تغيير جدّيّ في مقاربة موضوع الرئاسة، حتى وإن جرى التمويه عبر توجيه دعوات لشخصيات سياسية معارضة لفرض فرنجية الى باريس تحت بند "التشاور ". لذلك نعتبر أنّ الأهمّ الآن هو صلابة الموقف الداخليّ، وتوحيد الموقف المسيحيّ في اتّجاه طرح بديل جدّيّ، والتشاور مع الشركاء من البيئات الأخرى بما يُمَكّن من الدفاع عنه في البرلمان وإيصاله، تزامناً مع استيقاظ بعض القوى غير الشيعية من نومها، لأنّ الأعراف التي يحاول "حزب الله" تكريسها على مستوى رئاسة الجمهورية تشمل رئاسة الحكومة خصوصاً، وبعدها جميع المواقع المهمّة في تركيبة النظام، بصرف النظر عن التوازنات التي تكاد تصبح نظريّة!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار