"مطرقة" أحكام خلدة وصرخة رفض التدخّل السياسي | أخبار اليوم

"مطرقة" أحكام خلدة وصرخة رفض التدخّل السياسي

| الأربعاء 26 أبريل 2023

رفضٍ كامل لما اتّضح للأهالي والنواب الحاضرين أنّه مزيج من التدخّل والتداخل السياسيَّيْن

 "النهار"- مجد بو مجاهد

كان للوَقْع الذي ظهّرته مطرقة أحكام المحكمة العسكرية في حقّ موقوفي أحداث خلدة، أن أنتج ردود فعلٍ غاضبة من العشائر العربية ونواب المعارضة الذين التحموا في موقف واحد. وقد استنكر الشاجبون الذين تقدّمتهم دار الافتاء بشخص ممثل مفتي الجمهورية الشيخ خلدون عريمط، حال "الجَوْر" وإغفال الحقوق وسيطرة قوى "أمرٍ واقع" على أن تُتابَع القضية في محكمة التمييز وعلى كلّ المنابر وصولاً إلى بسط سُلطان العدالة. وتتضمّن الخطوات التي تأكَّد العمل في سبيل بلورتها، تشكيل لجنة نيابية لمتابعة موضوع موقوفي خلدة، سياسياً وقضائياً. وأتى هذا السخط الواضح للتعبير عن رفضٍ كامل لما اتّضح للأهالي والنواب الحاضرين أنّه مزيج من التدخّل والتداخل السياسيَّيْن، ما رتّب خواتيم على مقياسٍ متناسب مع الجهات السياسية المسيطرة على البلاد. ولا تكتفي الملاحظات المسطّرة من "حاملي لواء" قضية موقوفي خلدة - نواباً وعشائر - عند هذا الحدّ، بل إنّ هناك مخاوف واسعة وجديّة من ارتدادات إبقاء الملف على حاله وانعكاسات ذلك في إيقاظ "البُعد الطائفي" على الجهتين المتقابلتين، واستعادة مظاهر احتقانٍ سادت بأشكالٍ مُسنّنة ومتقطعة على امتداد الأعوام الماضية. ولعلّ الأسباب والدوافع المؤدّية إلى هذا الشجب الواسع للنواب والعشائر على حدّ سواء متمثلة في استغراب ما تأتّت عليه الأحكام الصادرة غير المنتظرة.

اللافت والبارز، بحسب ما تشير إليه معلومات "النهار" المعبَّر عنها على نطاق متابعين حثيثين للملف، أنه كانت ثمة لقاءات استمرت ثلاثة أشهر غايتها التأسيس للمصالحة بين العشائر العربية و"حزب الله" بدءاً من الاتفاق على مخارج وتخفيف وطأة النزاع بين الطرفين. وقد حضر هذه اللقاءات النواب محمد سليمان وعماد الحوت ونبيل بدر إلى جانب موفد من "حزب الله" لدى مديرية المخابرات، وذلك للتوصل إلى اتفاق يُسهم في تبريد الاحتقان الذي بدأ يتصاعد تزامناً مع تداعيات أحداث خلدة على المستوى السني - الشيعي، على أن يُترَك غير المعنيين بالقضية وتقام أحكام مُخفّفة لمطلقي النار على الضحايا والمنازل من الجانبين المتنازعين؛ ونوقشت هذه الصيغة التي حصل التداول بها ثلاثة أشهر بين الموفدين المذكورين قبل اختتام اللقاءات قبل نحو شهر، مع طرح تشكيل وفدين للتعزية بالضحايا الذين سقطوا في المعارك من جانبي العشائر العربية و"حزب الله" أيضاً، على أن تكون هذه الخطوة بداية نهاية "حديث الرصاص الحادّ" الذي حكم العلاقة بينهما في السنوات الماضية. ثم صدرت الأحكام التي فاجأت متابعي القضية من عشائر عربية وجهات سياسية مواكبة لها.

حضور النواب قبل ساعات في المؤتمر الصحافي للعشائر، رسالة واضحة على رفض الخواتيم. وزير العدل سابقاً النائب أشرف ريفي، ضمن الحاضرين الذين يستهجنون ما بدا لهم أنه تدخل سياسي في تسطير الأحكام. هذا التدخّل يلتمس ريفي مؤشراته من خلال قراءته "هيمنة من "حزب الله" على المحكمة العسكرية ومسموعية غالبية الضباط فيها لما يرتئيه، باعتباره الدولة العميقة في لبنان راهناً والطرف الأقوى على الأرض؛ ما يحوّل فئة من الضباط إلى التأثر بالمكوّن الأقوى بدلاً من الوقوف إلى جانب صاحب الحقّ". ويذهب ريفي أبعد في توصيفه للواقع الذي يختصره لـ"النهار" بـ"حضور "حزب الله" الدائم في المحكمة العسكرية وتدخّله الذي لا يتقلّص على مستوى طاقمها، ما يدلّ على ضعف السلطة القائمة أمامه. ويتصرّف "حزب الله" وكأن البلد في حال سقوطٍ فيتحكّم به وفق إرادته، في دلالة على عنجهية تؤجج المخاوف من نزاعات أهلية إذا استمرت المسائل بهذا الشكل". استياء ريفي ينطبق أيضاً على دور المحكمة العسكرية، في إضاءته على "غياب المحاكم الاستثنائية في كل دول العالم؛ وعلى تحضيره اقتراح قانون سنة 2015 لتعديل قانون المحكمة العسكرية وحصرها بالعسكريين في القضايا الخاصة بالشؤون العسكرية والانتقال من المحاكم الخاصة إلى المحاكم المتخصصة مع التطلع إلى محاكم قضائية متكاملة يتولاها قضاة، لا ضباط".

علمياً، الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية في قضية الموقوفين في نزاعات خلدة قابلة للتمييز، باعتباره "الحلّ الوحيد" وفق تأكيد المحامي والناشط السياسي أنطوان نصرالله، مع الإشارة إلى أن "ثمة شروطاً خاصة في المحاكم العسكرية لتمييز الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية الدائمة". التدرّج العلمي، وفق مقاربة المحامي نصرالله لـ"النهار"، يحصل بدءاً من "تقديم محامي الموقوفين تمييز ضمن مهلة زمنية محدّدة ما يُبطل الأحكام إذا تم قبول التمييز شكلاً فتُعاد المحاكمات من النقطة صفر. وإذ يمكن طلب نقض الحكم من خلال غرفة التمييز، فإن من شأن محكمة التمييز إصدار حكمها في غضون جلستين مثلاً. ولا يُفترض أن تأخذ المسألة وقتاً طويلاً طالما أن التحقيقات قائمة سابقاً". ولا يلغي ذلك، انتقادات المحامي أنطوان نصرالله لاستمرار دور المحكمة العسكرية في قضايا مماثلة، باعتباره مؤشراً على "التخلّف عن مواكبة العصر بينما من الضروري اختصاص المحكمة العسكرية في شؤون العسكر فحسب، علماً أنها لا تحكم بتعويضات وعلى العسكريين الاتجاه محكمة مدنية لاستكمال قضاياهم في غياب الحقّ الشخصي أمام المحكمة العسكرية... ويُفترض بالقوى السياسية وأعضاء المجلس النيابي تقديم مشروع قانون يحصر صلاحيات المحكمة العسكرية بالحكم على العسكريين في ما يتعلّق بأعمالهم العسكرية فحسب، بدلاً من اعتبار كلّ سلطة لبنانية سياسية تتشكَّل القضاء كمطيّة لها وعدم السعي إلى تطويره وتعديل القوانين".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار