أيّ جديد حملته زيارة عبداللهيان على تعقيدات الساحة اللبنانية؟ | أخبار اليوم

أيّ جديد حملته زيارة عبداللهيان على تعقيدات الساحة اللبنانية؟

| الجمعة 28 أبريل 2023

لقاء بئر حسن لم يتم وفق ما ارتجته السفارة خصوصاً لجهة الحضور

 "النهار"- ابراهيم بيرم

ليس حدثاً مفاجئاً أن يحلّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ضيفاً على بيروت. وسواء كان الأمر مفاجئاً أو معلناً سابقاً فالعاصمة اللبنانية كما صار معلوماً هي محطة من المحطات الأساسية لكبار المسؤولين الإيرانيين، يدرجونها حكماً في إطار جولاتهم التي لا تهدأ على عواصم المنطقة، انطلاقاً من ثابتة مفادها أن هذه العاصمة هي واحدة من أربع عواصم عربية تنام طهران وهي مطمئنة كل الاطمئنان الى أنها مرتكز من مرتكزات قوّتها وحضورها وتأثيرها.

لكن عنصر المفاجأة في الزيارة الحالية لعبداللهيان يردّه العارفون الى أمرين:

الأول: مضمون التصريح الذي أدلى به عند وصوله الى مطار بيروت إذ كشف خلاله عن توجّه إيراني مباشر للتواصل مع معنيين بالشأن اللبناني بهدف إيجاد معالجات للأزمة اللبنانية التي بلغت حدود الاستعصاء.

الثاني: الإعلان للمرة الأولى عن رغبته في إجراء لقاء يجمعه مع ممثلين عن الكتل النيابية لبحث الاستحقاق الرئاسي الى قضايا وملفات أخرى.

وحسب ما سرى من معلومات فإن هذا اللقاء انعقد في المقر الجديد للسفارة الإيرانية في محلة بئر حسن وسط معلومات متباينة اعتبر بعضها أن اللقاء لم يتم وفق ما ارتجته السفارة خصوصاً لجهة الحضور، فيما اعتبر بعضها الآخر أن مكوّناً واحداً وازناً قد قاطعه وهو تكتل نواب "القوات اللبنانية" فيما حضر المدعوّون الآخرون.

اللقاء خرق ولا شك الإطار التقليدي المعروف لأيّ زيارة سابقة لمسؤول إيراني للبنان إذ كانت تقتصر على لقاءات مع مسؤولين رسميين والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى ممثلين عن أحزاب المحور وفصائل فلسطينية إذا اقتضت الحال، وواقع الحال الجديد هذا ولّد انطباعاً فحواه أن هذه الزيارة شاءتها طهران أن تكون مختلفة الى حدّ بعيد عن سابقاتها من الزيارات المماثلة إن لجهة المضمون أو لجهة التوقيت.

قبل أن تحط طائرة عبداللهيان في مطار بيروت آتية من مسقط وُجّه سؤال الى أحد نواب "حزب الله" عن معلوماته عن جوهر ما يحمله رئيس الديبلوماسية الإيرانية في زيارته هذه المرة خصوصاً أنها تأتي في إطار جولة واسعة يقوم بها الرجل على عواصم إقليمية؟ فكان جوابه المباشر: "حسب ما أملك من معلومات فإن الرجل وفد ليبلغنا الخطوط العريضة لمرحلة ما بعد اتفاق بكين التاريخي الذي أعاد الدفء والحرارة الى علاقات طهران بالرياض ووضع حداً لقطيعة وعداء طويلين بين الدولتين المحوريتين. فهي أول زيارة لمسؤول إيراني على هذا المستوى الرفيع منذ انعقاد لقاء بكين الثلاثي".

في طوايا كلام هذا النائب تقليل من أهمية الكلام الذي سرى عشيّة الإعلان عن الزيارة وغداتها ومفاده أن الرجل يأتي حاملاً في جعبته نوعاً من المبادرة تتمحور حول سبل الخروج من #الأزمة اللبنانية. ولا ريب في أن ثمة من أسقط أمانيه وتمنّياته على هذه الزيارة عندما روّج لفكرة أن المسؤول الإيراني الرفيع أتى على جناح السرعة ليمهّد لطروحات ورؤى نوعية تنهي أزمة الاستعصاء الرئاسي من خلال إقناع من يتعيّن إقناعهم داخلياً بالتخلّي وإن تدريجاً عن ترشيح سليمان فرنجية حصراً للرئاسة الأولى والانزياح الى خيار الاسم الثالث أو مرشح التسوية الذي يرضي الرياض كجزء من ترجمات اتفاق بكين الحديث الولادة.

لكن نوّاباً التقوا عبداللهيان أبلغوا "النهار" بأن مضمون كلام المسؤول الإيراني تركّز على مسألتين أساسيتين هما:

– أن المنطقة برمّتها تتجه نحو مرحلة استقرار وتوازن يتعيّن أن تنتفي منها عوامل التوتر والاحتقان العائدة الى مرحلة قد انقضت وانطوت صفحتها.

– أن المطلوب عاجلاً هو العمل لملاقاة هذه المرحلة بأريحية ومرونة والاندراج في سياقاتها ومقتضياتها لأنه آن الأوان لأن يترجّل هذا الإقليم عن صهوة الصراعات التي استنزفته واستهلكت قواه طوال العقود الأربعة الماضية.

وكان بديهياً أن يسهب المسؤول الإيراني بعض الشيء في إلقاء الأضواء على أبعاد اتفاق بكين ونتائجه الواعدة وضرورة تمسّك طرفيه الرئيسيين بمقتضياته. ولقد لفت في طيّات كلامه أن سرعة التنفيذ والالتزام بمضامين الاتفاق أمر ملحّ وضروري لأن ثمة محاولات إسرائيلية – أميركية مكشوفة قد انطلقت بغية عرقلة هذا الاتفاق وتبديد زخمه وتجويفه من مضامينه الاستراتيجية، لافتاً الى أن ثمة سباقاً محموماً بين إنفاذ الاتفاق وبين مساعي العرقلة والإحباط من جانب معسكر الأعداء.

وعلى رغم أن عبداللهيان لم يتطرّق مباشرة الى الشأن اللبناني الداخلي وتعقيداته وتشابكاته، فإن ثمة من استنتج أن زيارة عبداللهيان الحالية لبيروت تنطوي على خصوصيات ودلائل تختلف الى حدّ بعيد عن الزيارات الإيرانية السابقة للعاصمة اللبنانية وآخرها قبل نحو شهر زيارة مستشار المرشد الإيراني، السياسي المخضرم كمال خرازي، إذ يبدو جليّاً أن طهران مهتمة بأن توحي لحلفائها الأقربين والأبعدين بأنها وإن أبرمت اتفاقاً ذا طابع تاريخي – استراتيجي مع الرياض فإنه على بلاغته وأهمّيته لا يعني إطلاقاً أن العاصمة الإيرانية باتت في وارد التخلي عن مرتكزات قوتها في عواصم بذلت جهوداً استثنائية لتبسط نفوذها وحضورها فيها ومن بينها بطبيعة الحال بيروت. صحيح أن الحروب الضروس بين طهران والرياض على وشك أن تضع أوزارها بعد حدث بكين، إلا أن ثمة صراعاً من نوع آخر لا بد من أن يدور في العتمة قد انطلق لتوّه بين البلدين ويندرج تحت لافتة تصفية موروثات حقبة الصراع، إذ إنه يتعيّن على طهران أن تثبت أنها لم تتحوّل ولم تقدّم أية تنازلات جوهرية من أنها تترك حلفاءها في العراء ومن دون أيّ غطاء.

ومن هذه المنطلقات فإن المحسوبين على محور الممانعة بادروا خلال الساعات الماضية الى إثبات أن التوجّه المعروف لهذا المحور في شأن الاستحقاق الرئاسي ما زال هو نفسه ثابتاً لم يتغيّر. وفي هذا الإطار قال عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم "إن ثمة أمرين ثابتين عندنا: الأول أن ترشيح سليمان فرنجية مستمر وأن لا شيء يوحي في أوساط عين التينة بخلاف ذلك، وأن هذا الصرح في صدد الانعطاف أو التحوّل. والثاني أن الرئيس بري ما زال يراهن كثيراً على الحراك الفرنسي اللافت إن لجهة القوى اللبنانية أو لجهة الرياض بالمقدار نفسه الذي يراهن فيه على تقدّم الاتصالات بين الرياض وطهران خصوصاً بعدما قطعت أشواطاً إثر اتفاق بكين".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار