تحولات العلاقة بين فرنسا "الأم الحنون" ولبنان: من بكركي وقريطم... إلى الضاحية سرّ؟ | أخبار اليوم

تحولات العلاقة بين فرنسا "الأم الحنون" ولبنان: من بكركي وقريطم... إلى الضاحية سرّ؟

| السبت 06 مايو 2023

منذ ايام شيراك أخذت الأمور منحى مغايراً حيال العلاقة الفرنسية - المسيحية

"النهار"- وجدي العريضي

ما يربط لبنان بفرنسا أكثر من علاقة سياسية وديبلوماسية، فباريس "مربض خيلنا والأم الحنون" تحديداً للمسيحيين وللموارنة منهم خصوصا، وهذا واقع لا يمكن انكاره تاريخياً حتى أن الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا ميتران، وقف الى جانب المسيحيين وذلك ما تبدى خلال الحروب لا سيما ابان الاجتياح الإسرائيلي العام 1982، والأمر عينه انسحب على رؤساء آخرين فكانت باريس الداعم الأبرز لهم في السرّاء والضرّاء ولم يسجّل أن ساءت العلاقات مع الزعامات والقيادات والأحزاب المسيحية، ومرد ذلك الخصوصيات الثقافية والفرنكوفونية تحديداً الى عوامل اجتماعية وسواها.

لكن بدأ يسجل اخيرا تراجع في العلاقة لم يكن وليدة الساعة، فقد تبدلت هذه العلاقة جزئيا بحكم صداقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، فأخذت الأمور منحى مغايراً حيال العلاقة الفرنسية - المسيحية اذ كان شيراك الى جانب الحريرية السياسية كليا ولم يتخل عن دعمه للبنان وطنياً لا سيما خلال عملية عناقيد الغضب ومن ثم الوصول الى تفاهم نيسان العام 1996. فالحقبة الشيراكية – الحريرية غيّرت نسبيا في معادلة "الأم الحنون"، وربما وسعت افاقها، وكانت بداية التراجع في العلاقة بين القيادات المسيحية وباريس لتستمر "المسيرة" مع من خلف شيراك من الرؤساء فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي الى الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون. وهنا أصل الحكاية فالماكرونية أصابت العلاقة المسيحية – الفرنسية بأضرار جسيمة حتى مع قوى أخرى تسمى بالسيادية بفعل توغل السفراء الفرنسيين في عمق الضاحية الجنوبية انطلاقا من مصالحهم الاقتصادية مع ايران، وبناء العلاقات المستجدة مع "حزب الله" من السفير السابق برنار فوشيه، الى السفيرة الحالية آن غريو، ناهيك عندما جاء ماكرون الى بيروت بعد انفجار المرفأ، جمع القيادات اللبنانية برمتها في قصر الصنوبر ليعقد خلوة مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، لتتوّج هذه العلاقة الفرنسية مع "حزب الله" بدعم ترشيح رئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، ما أغضب الأحزاب والقوى المسيحية على اختلافها كما وقوى أخرى.

السؤال المطروح، هل انتهت "صلاحية" العلاقة بين المسيحيين وفرنسا، وهل من يعمل على اصلاح ذات البين وعودة الأمور الى ما كانت عليه؟ فهل الرابطة المارونية قادرة على حل هذه الأزمة أم بكركي الموقع الأبرز للمسيحيين؟

في هذا الإطار، يقول عضو "تكتل لبنان القوي" النائب سيمون أبي رميا الخبير بالشؤون الفرنسية "تربطنا علاقات وثيقة بها مستمرة ولن نفرّط بها ولها منّا كل التقدير والاحترام في ظل ما يجمعنا من أمور كثيرة ولكن السياسات متحركة وغير جامدة وتأتي غالباً وفق مصالح وتقاطع الدول سياسياً واقتصادياً، وعلى هذه الخلفية تبدل موقف فرنسا تجاه المسيحيين وعلى المستوى السياسي اللبناني بشكل عام حيث الاليزيه من يمسك بالملف اللبناني، الا أن ذلك لا يعني أن هناك قبولاً من سائر المؤسسات الدستورية الفرنسية، لافتاً أن معادلة فرنجية – سلام طرحت في الاليزيه.

ويردف أبي رميا، عازياً ذلك الى تراجع دور المسيحيين بفعل الخلافات والتباينات في ما بينهم، ما أدى الى استفادة قوى أخرى من هذا الواقع لأن تباعد الأحزاب والزعامات والقيادات المسيحية، كان له الأثر البالغ في تغيير تلك المعادلة.

بدوره رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، يقول لـ"النهار"، أن كلمة تراجع العلاقة الفرنسية ـ المسيحية، كلمة كبيرة، باعتبار أن الوضع المسيحي في لبنان تراجع بفعل الأخطاء التاريخية، وهذا ما ينسحب على لبنان برمته، وليس على المسيحيين فحسب، ولكن، نحن كرابطة مارونية على تواصل دائم مع الفرنسيين على كل المستويات، والعلاقة لم تتبدل أو تتغير، فقد يكون هناك مشكلة مع الأحزاب السياسية لاعتبارات وظروف معينة، إنما ثمة تاريخ يربطنا كمسيحيين ولبنانيين مع سائر العهود الفرنسية المتعاقبة، وإذ كان هناك من تباينات وخلافات، المسألة تعالج بهدوء ورويّة، لأن باريس ومن خلال معطياتي وخبرتي، لم يسبق لها أن تخلت عن لبنان يوماً في أصعب الظروف وأحلكها.

أما على خط بكركي، فتشير مصادر مقربة من الصرح لـ"النهار"، أن الجو الفرنسي مع بكركي إيجابي، ولم يسبق أن حصلت أي شائبة، ولكن لا يخفى أن هناك تباينات مع الأحزاب من "التيار الوطني الحر" إلى "القوات اللبنانية" والكتائب، على اعتبار أن للأحزاب وجهات نظر سياسية وميول مغايرة عن دور بكركي الكنسي والروحي والوطني بشكل عام.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار