موفد أوروبي في "كوثرية السيّاد" وزيتونة إيرانية في "مارون الراس" | أخبار اليوم

موفد أوروبي في "كوثرية السيّاد" وزيتونة إيرانية في "مارون الراس"

| الخميس 11 مايو 2023

موفد أوروبي في "كوثرية السيّاد" وزيتونة إيرانية في "مارون الراس"

ترسيم إقليمي – دولي لحدود آمنة وقواعد اشتباك مضبوطة جنوباً


"النهار"- داود رمال


منذ إطلاق الصواريخ "المجهولة التبنّي والمعلومة المصدر والأهداف" من جنوب لبنان في السادس من نيسان الماضي، ووقوف مستقبل المنطقة على حدّ بين حدّين، لجهة التدحرج نحو الحرب أو الإبقاء على وقف الأعمال العدائية وفق القرار الدولي 1701، الذي كرّس قواعد اشتباك كان يراد منها الانتقال لاحقاً من "وقف الأعمال العدائية الى وقف إطلاق النار بما تتضمّنه من خروقات جوية وبحرية وبرية"، لم تهدأ الحركة الديبلوماسية الدولية والإقليمية والعربية باتجاه لبنان، في محاولة لفحص النيات المستقبلية وهل الأمور ذاهبة الى مسارات تصعيدية لا تشبه حالة الهدوء المكرّسة منذ صيف عام 2006؟

لم تمض ساعات قليلة على صلية الصواريخ التي جاءت في ظل توقيت إسرائيلي وفلسطيني ولبناني وإقليمي دقيق جداً، حتى اشتغلت الاتصالات من السفارات الغربية والعربية في بيروت باتجاهات مختلفة، وتركّزت على الخط الساخن المتمثل بـ"الوسيط اللبناني الدولي" اللواء عباس إبراهيم، الذي كان يضع قيادة "حزب الله" في دقائق ما يجري وما يُطرح، ولا سيما السعي الغربي لمعرفة الجواب الحاسم عن سؤال مركزي مفاده: هل "حزب الله" أطاح كل قواعد الاشتباك القائمة في منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية المعززة (يونيفيل)؟ وتالياً، هل سيعود الجنوب الى ساحة مواجهة مفتوحة كما كان عليه الأمر قبل الاجتياح الإسرائيلي في عامي 1978 و1982؟

الجواب كان مقتضباً جداً وهو "أن تدحرج الأمور وذهابها الى مواجهة واسعة هو بيد إسرائيل، لأنها هي التي تخرق يومياً القرار 1701 وتستخدم الأجواء اللبنانية في العدوان على سوريا حيث يسقط ضحايا من سوريين ولبنانيين وجنسيات مختلفة".

استمر القلق الغربي ومعه الخشية العربية من ذهاب الأمور الى مكان لا يمكن التكهّن بنتائجه، خصوصاً بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن توحيد الساحات وغرفة العمليات المشتركة لقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية وغيرهما، والتي عقدت اجتماعاً برئاسته في بيروت بحضور قيادتي حماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، الى إيفاد مبعوث (على الأرجح نروجي) الى لبنان، وفور وصوله الى مطار رفيق الحريري الدولي توجّه والوفد المرافق مباشرة الى كوثرية السياد في الجنوب قاصداً دارة اللواء إبراهيم، الذي استضافه وصحبه الى مائدته وأجرى معه جولة من النقاش حول تطوّرات الوضع بين لبنان وإسرائيل.

توجّه الموفد الأوروبي بالسؤال الى اللواء إبراهيم: هل السيد نصرالله جدّي في مسألة توحيد الجبهات والردّ على أيّ عمل عسكري إسرائيلي في أي مكان من كل الجبهات في لبنان وسوريا وفلسطين وحتى الأردن واليمن؟ وردّ اللواء إبراهيم بالقول "أعرف انكم قلقون وخائفون على إسرائيل، وأعرف أن السؤال مصدره إسرائيل لا بل بنيامين نتياهو شخصياً"، فردّ الموفد قائلاً "هذا صحيح، هناك قلق في إسرائيل وهناك صعوبات داخلية، وأي خطأ قد يؤدّي الى انفجار الوضع"، ردّ اللواء إبراهيم بالقول "أبلغ نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة، أن تهديد السيد نصرالله جدّي جداً، وأن أي عدوان يستهدف قوى المقاومة خارج دائرة المواجهة الطبيعية سيكون الرد قاسياً جداً. لن تسمح المقاومة في لبنان بعد اليوم باستباحة الأجواء اللبنانية للاعتداء على سوريا. كل شهيد يسقط في سوريا من لبنانيين وغير لبنانيين سيقابل برد موجع مهما كلف الأمر". سأل الموفد: ما الحلّ؟ فأجابه اللواء إبراهيم: الحلّ بيد حكومة إسرائيل وهو العودة الى قواعد الاشتباك المكرّسة منذ تفاهم نيسان 1996 والمؤكد عليها في القرار 1701".

نقل الموفد الأوروبي الرسالة الى إسرائيل، وفي زيارة اللواء إبراهيم الأخيرة لفرنسا تبلّغ الجواب الإسرائيلي الملتزم بقواعد الاشتباك وعدم وجود نيّة بالتصعيد. وهذا الجوّ بكامله وُضع في عهدة السيد نصرالله.

لم يُقفل الأمر عند هذا الحدّ، بل كانت له متمّمات كرّس عبرها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في زيارته الأخيرة للبنان، "معادلة الردع وقواعد الاشتباك"، إذ لفت بعد لقاءاته الرسمية المتنوّعة، زيارة استثنائية ذات رمزية خاصة الى حديقة إيران في بلدة مارون الراس – قضاء بنت جبيل عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وهناك استحضر من حيث يدري أو لا يدري معادلة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي تحدّث في 13 تشرين الثاني 1974، للمرّة الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قائلاً "أتيت إلى هنا حاملاً غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من أجل الحرية في الأخرى. فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي"، بينما عبداللهيان غرس في مارون الراس شجرة زيتون بما ترمز الى السلام والهدوء في هذه المنطقة وجدّد التأكيد على دعم المقاومة.

إنها بكل بساطة، إعادة ترسيم إقليمية ودولية لحدود جنوبية آمنة ومستقرة من رأس الناقورة الى مزارع شبعا، في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، وكل دولة لحساباتها والتزاماتها، على أمل أن يكون ترسيماً دائماً تمهيداً للترسيم البري والبحري وفق الخرائط المعترف بها دولياً مع قبرص مروراً بفلسطين المحتلة وانتهاءً مع سوريا.


انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار