"ثلاثية" من البطريرك صفير لزمن الشحّ الانهياري! | أخبار اليوم

"ثلاثية" من البطريرك صفير لزمن الشحّ الانهياري!

| الجمعة 12 مايو 2023

 يوم وجداني أكثر منه أي محطة أخرى نظراً "للاشتباك" العنيف

 "النهار"- نبيل بومنصف

على الأهمية التاريخية المثبتة مسيحياً لصدور الإرشاد الرسولي في التسعينيات وتوقيعه على يد أحد كبار البابوات التاريخيين الذي دخل عالم القديسين البابا يوحنا بولس الثاني لدى زيارته للبنان عام 1997، فإن ذاك الحدث قد يفوقه "تاريخية" ما أنجزه كبير البطاركة الموارنة "الأيقونيين" بين عامَي 2000 و2004. في تلك الأعوام أنجز بطريرك "الاستقلال الثاني" الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير "ثلاثية" الأحداث الكبرى التي طوّرت مسار الصراع في لبنان من طابع "المقاومة المسيحية" الى "المقاومة اللبنانية" كلياً. هي الثلاثية المتتابعة لمصالحة الجبل وإصدار البيان التاريخي الأول للمطارنة الموارنة المنادي بالانسحاب السوري بعد الجلاء الإسرائيلي عن الجنوب وإطلاق الموقف الرافض للتمديد لعهد إميل لحود.

لا غرابة إطلاقاً إن شكل هذا اليوم، في كونه الذكرى الرابعة لرحيل البطريرك التاريخي مار نصرالله بطرس صفير يوماً وجدانياً أكثر منه أي محطة أخرى نظراً "للاشتباك" العنيف الذي سيثيره في وجدان المسيحيين تحديداً الذين يطلقون الأسئلة الهائمة والضائعة عن المستقبل ولا من يجيب ولا من أجوبة شافية. ولكننا بالتذكير بثلاثية تلك الوقفات المصيرية التي صنعها أكثر البطاركة الموارنة إثارةً لإرث الشجن الاستقلالي السيادي منذ سلفه التاريخي المؤسس للكيان قبل مئة سنة البطريرك الحويك، إنما نستعيد "وصفة" لا توازيها ولا تتجاوزها ولا يصحّ سواها وهي التي جعلت صفة القيادة الوطنية "البطولية" الأشبه بأساطير الرحابنة تلازم البطريرك صفير في حياته وبعد رحيله.

تستعر اليوم الشجون المسيحية مجدّداً وكأنها أمام جديد طارئ يصطدم به لبنان، وهو استعار مبرّر تماماً نظراً الى مصادفة الذكرى الرابعة لرحيل البطريرك صفير مع استعادة شذوذ دستوري ووطني هو الفراغ الرئاسي متلازماً مع خطر كياني بات يشكّله الإغراق السكّاني لأكثر من مليوني نازح سوري يهدّد توطينهم في لبنان بمحو هويته الوطنية محواً ساحقاً. مع ذلك ترانا أمام الإفلاس المسيحي تحديداً واللبناني الوطني عموماً عن اختراق أخطر ما يحدق بلبنان من الأخطار نستقي من سيرة البطريرك هذه "الثلاثية" المقتطعة من سيرته لأنها تشكل النموذج الأكثر حيوية في نجاح مقاومة قادها بطريرك ماروني أصبح قاطرة لموقف لبناني عابر للطوائف والمناطق وللبنان المقيم ولبنان المنتشر في سائر أنحاء العالم.

على رغم كل "الكاريزما" البطولية التي تجمعت في مواقفه وشجاعته الفائقة وبساطة شخصيته وتعبيره لم يوفق البطريرك صفير في توحيد من لا يتوحّدون بطبيعتهم ومراسهم التاريخي المعروف، أي موارنة لبنان ومسيحييه. لذا لا ترانا في حاجة اليوم الى العزف العقيم على وتر افتقاد إنجاز لم يتحقق يوماً ولن يتحقق إطلاقاً. ولكن القصور المخيف الذي يستحيل تجاهله في يوم استذكار البطريرك صفير هو عن تحويل المعركة السياسية – الدستورية من أزمة ذات طابع مسيحي حصراً الى أزمة هويّة لبنانية عارمة تتهدّد اللبنانيين قاطبة كمثل ما هدّدتهم حرب الجبل والوصاية السورية والاحتلال الإسرائيلي والعبث بالدستور. ومهما تكن النتائج التي أدت إليها وقفات البطريرك صفير في ذاك المثلث من الأحداث، فضلاً عما قبله وبعده بلوغاً الى تاريخ استقالته من السدة البطريركية، فإنه صنع "أصول" تحويل الموقف الوطني السيادي من مسيحي صرف الى لبناني عارم وكفى أن يسجّل له أنه "تسبّب" بذلك لاحقاً، ومع شهادة رفيق الحريري والشهداء الآخرين، بـ"قيامة" استقلالية سيادية سُمّيت "ثورة الأرز". فلماذا البحث عن الشمس في قارعة النهار؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار