لبنان والرئاسة في ظل التغيّرات الإقليمية: لا خلاف فرنسيا وسلة أسماء بدأت تتداول | أخبار اليوم

لبنان والرئاسة في ظل التغيّرات الإقليمية: لا خلاف فرنسيا وسلة أسماء بدأت تتداول

| السبت 13 مايو 2023

ازعور وبارود وحنين يحظون باحترام في الاسرة الدولية

"النهار"- رندة تقي الدين
ما اعلنته وزارة الخارجية الفرنسية قبل أسابيع ان باريس ليست في وارد اختيار الرئيس اللبناني العتيد قرأه البعض في لبنان على أنه خلاف بين الخارجية والاليزيه. واقع الحال انها قراءة خاطئة للذين لا يعرفون فرنسا حيث الرئاسة هي فعلا التي ترسم السياسة الدولية ووزارة الخارجية تطبقها، وذلك منذ عهود جميع الرؤساء باستثناء فترات حكومات التعايش حين استطاع كل من وزيري الخارجية اليميني الديغولي آلان جوبيه في عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتران والاشتراكي أوبير فيدرين في عهد الرئيس اليميني الراحل جاك شيراك، التأثير في الملف الدولي.

اما اليوم، وكما دائما، فالرئيس في فرنسا هو الذي يرسم السياسة الخارجية، وفريقه الديبلوماسي برئاسة السفير السابق الى لبنان ايمانويل بون هو الذي ينفذها في الشرق الأوسط، وبالتحديد الملف اللبناني من خلال المستشار الرئاسي باتريك دوريل. كل ذلك يجري تنسيقه مع وزيرة الخارجية كاترين كولونا ومدير مكتبها السفير لوي فاسي ومديرة الشرق الأوسط في الخارجية الديبلوماسية آن غيغين التي ستنتقل لتولّي سفارة بلادها في تونس، والسفيرة في لبنان آن غريو.

حقيقة الموقف الفرنسي من الرئاسة اللبنانية على ضوء هذا الواقع هي ان الرئاسة الفرنسية لا تختار الرئيس في لبنان، وانها بعد أكثر من ستة اشهر من فراغ رئاسي تلاحظ ان الوضع يزداد خطرا والأحزاب المسيحية والنواب التغييريين فشلوا في الاتفاق على مرشح معيّن. والطرح الفرنسي بالسير بالمرشح سليمان فرنجية رئيس "تيار المردة" وبرئيس حكومة إصلاحي هو نواف سلام، إنما كان لدفع المعارضين الى الاتفاق على مرشح والإسراع بذلك لان ثمة تعيينات مهمة لا تنتظر في طليعتها حاكم المصرف المركزي.

فرنسا اليوم كشريكتها الولايات المتحدة التي قالت مرارا على عكس ما يصدر من تأويلات في لبنان ان ليس لديها أي مشكلة مع فرنجية، ترى كما الجميع ان لا غالبية برلمانية ممكنة للمرشح فرنجية، لذا يجب على اللبنانيين البحث عن مرشح يحظى بغالبية في البرلمان، ولكن لم يظهر هذا التوافق خصوصا ان أسماء مرشحين كثر تحظى باحترام كبير لدى الدول المعنية والمتابعة للملف الرئاسي وفي طليعتها فرنسا، ولا مانع لدى هذه الدول ان يكون قائد الجيش العماد جوزف عون رئيسا نظراً الى مناقبيته ونزاهته، كما المسؤول في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد ازعور او الوزير السابق زياد بارود او النائب السابق صلاح حنين، هؤلاء يحظون باحترام في الاسرة الدولية لانهم معروفون بكفاءتهم ونزاهتهم، لكن المسألة هي أولاً التوافق داخل لبنان ثم تعهّد الرئيس ومؤيديه داخليا عدم تعطيل العمل الحكومي، وان يتم اختيار رئيس حكومة فاعل على صعيد الإصلاحات، والا لن يستطيع لبنان الخروج من ازمته وسيزداد التدهور. فرنسا ماكرون اختبرت التعطيل اللبناني عندما نظمت مؤتمر "سيدر" الذي كان بإمكانه ان ينقذ لبنان لولا التعطيل والانقسام والفساد. ومنذ هذا المؤتمر في 2018 والوضع يزداد تفاقما، وكل ما نجح فيه رؤساء الأحزاب اللبنانيون هو انتقاد موقف فرنسي أسيء فهمه من دون التوصل الى أي اتفاق. فمجرد ان يوافق رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على مرشح يرفضه خصمه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل والعكس صحيح. اما باقي النواب المعروفين بالتغييريين فهم أيضا عاجزون عن التوحد. واما الثنائي الشيعي فيرفض التنازل بعض الشيء عن نفوذه ويصر على مرشحه من دون التعامل مع طرح المعارضة. والدول الخارجية، وفي طليعتها السعودية، لديها مثل المعارضة مخاوف على لبنان من "حزب الله"، وتعتقد انه بعودة العلاقات الديبلوماسية مع بشار الأسد سيكون بالإمكان ابعاد تأثير ايران وإخراج هذا البلد من سوريا. بعض المعلومات لدى مصادر دولية تقول ان ايران طلبت من السعودية التطبيع مع الأسد للتقدم في مفاوضات اليمن. هذا الامر محتمل جدا إذ إن الإيرانيين ابطال في المقايضة. ولكن قد تلاحظ المملكة بسرعة ان سوريا الأسد لن تتحرر لا من ايران ولا من "حزب الله". والتطبيع السعودي مع الأسد قد يعطي ايران والحزب مزيدا من الزخم في لبنان. فكيف ستتعامل المعارضة اللبنانية مع الظروف الإقليمية الراهنة والتي ستعزز قبضة الثنائي الشيعي على البلد، اذ ان أي رئيس لن يأتي الا بدعم من "حزب الله" مهما قالت المعارضة. فلا الداخل اللبناني ولا التغيرات الإقليمية تسمح بالتفاؤل بالنسبة الى مصير لبنان.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار