نهاية ولاية الحاكم لا تزيد في الزائد | أخبار اليوم

نهاية ولاية الحاكم لا تزيد في الزائد

| الإثنين 15 مايو 2023

 سمعة لبنان في الخارج باتت سيئة أكثر مما يمكن لأحد تصوّره

"النهار"- روزانا بومنصف

يشكل اقتراب نهاية ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة عامل الضغط الخارجي في الدرجة الأولى بالإضافة الى الضغط الداخلي من أجل الحض على إنهاء الشغور في الرئاسة الأولى. ويربط مسؤولون الضغط الخارجي المتعلق بهذا الموقع بالضغط الأميركي أكثر من أي ضغط آخر نظراً لأهمية موقع حاكم المركزي في ضبط حركة الأموال وكل ما يتعلق بالشأن المالي الداخلي ومع الخارج ولا سيما في ظل غياب أي سياسة نقدية أو اقتصادية للحكومة اللبنانية وغياب حكومة فاعلة وكذلك عدم وجود رئيس للجمهورية. ويلعب مسؤولون سياسيون على هذا الوتر أيضاً من باب أن الشغور في رئاسة الجمهورية بات خطيراً لأنه بات يستدرج شغوراً في المواقع المسيحية المهمة في الدولة اللبنانية بما يعنيه ذلك سياسياً ومالياً ايضاً على خلفية أن مغادرة سلامة موقعه قد تسهم في تحفيز انهيار مالي أكبر يعجز السياسيون عن ضبطه ويضعهم في موقع حرج نتيجة ضغط اجتماعي واقتصادي يضعف مواقعهم أكثر. فبعد كل ما أصاب البلد وبغضّ النظر عن مدى مسؤولية سلامة، وهي موضوعياً مسؤولية مشتركة في ما وصل إليه الوضع بحيث تتحمّل القوى السياسية الجزء الآخر من انهيار الوضع، لن يكون منطقياً إبقاء القديم على قدمه أو المراوحة في المكان ذاته، علماً بأن أياً من نوابه قد لا يخرجون عن السياسة التي اعتمدها ولن تسمح القوى السياسية بأي تغيير راهناً.

ولا ترى مصادر مالية وسياسية مشكلة في تعميم هذه الانطباعات أو تضخيمها إن كانت ستؤدي الى إنهاء الشغور الرئاسي تحفيزاً على إنهاء حال الانهيار في البلد مع المحاذير التي ترافق تعميم المخاوف من مغادرة سلامة بالذات والإيحاء بأن خروجه سيشكل خطراً على البلد. فهذه الذريعة لا تتسم بأي منطق ولو أنه يجري تخويف الناس بذلك من أجل تمديد الواقع الذي تستفيد منه القوى السياسية باعتبار أن غالبيتها وكذلك الكثير من الفئات القادرة استفادت من التضخم وأكثرت من تلك الإفادة على نحو فاضح.

لن يذهب البلد الى مكان إذا غادر سلامة موقعه، علماً بأن الانطباعات وتكبير المخاوف قد يؤدي في المرحلة الاولى الى ذعر لدى الناس بناءً على التحضير النفسي للمرحلة المقبلة والذي يكثر السياسيون من تعميمه كل حسب مصالحه. فالوضع المالي في لبنان راهناً وفقاً لهذه المصادر متروك وليس ممسوكاً، على غير الانطباع الذي تجري إشاعته. ولو أن الوضع المالي ممسوك فعلاً لم يكن سعر الدولار ليصل الى ١٠٠ ألف ليرة أو يتخطاه. فالبلد في أزمة حادة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة تقريباً ولم يأخذ أي من المسؤولين إجراءً لتهدئة الوضع أو لمعالجته في الوقت الذي حصلت فيه أمور كثيرة دفعت بالوضع الى أن يكون أسوأ بكثير من النقطة التي انطلق منها. وهذه الأمور أدت الى خسارة المودعين أكثر بكثير مما خسروه في المرحلة الأولى من الانهيار فيما لا أحد يتحدث في هذا الموضوع.

يضاف الى ذلك أن سمعة لبنان في الخارج، بفعل الدعاوى في حق حاكم المصرف المركزي، بغضّ النظر عن صحتها أو مآلها، وكذلك الدعاوى في حق مصارف عدة ومسؤوليتها عن الأزمة، التي لا تقل عن مسؤولية السياسيين وسمعتهم في قيادة البلد الى الانهيار من دون أي رادع، باتت سيئة أكثر مما يمكن لأحد تصوّره. والمفارقة الكبيرة أن بلداً على هذا المستوى من تردّي سمعته وتتواتر المعلومات التي تظهر أكثر فأكثر مستوى الانهيار كما مستوى الاهتراء اللذين أصبح عليهما، يتعامل سياسيوه مع الوضع وكأن الأمور ماشية ويمكن الحديث عن بقاء هذه الأمور على حالها من خلال اقتراحات كتمديد مهلة خروج سلامة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو النقاش في احتمالات بديلة على المستوى الشكلي لا تقدم أو تؤخر في المنحى الانهياري للبلد على رغم أهمية هذا العنصر في الاعتبارات الدستورية أو السياسية. فالوضع الاقتصادي بات هو ما يقود اللعبة الداخلية ولا دور حقيقياً للمصرف المركزي لاعتبار أساسي مهم أن لا قدرة له ولا أموال لديه للجم الوضع الذي يسير وحده، والمؤشر الأبرز لذلك أنه لو كان المصرف المركزي لا يزال قادراً لاستطاع خفض سعر الدولار.

وحقيقة أخرى تضاف الى كل ذلك، أن لا صحة لتعميم الانطباع بأن الأموال ستتدفق من المملكة السعودية والدول الخليجية بالطريقة التقليدية التي يفكر فيها اللبنانيون وأن تحقيق بعض الضمانات السياسية سيحل الأمور وسيحصل انفتاح ينهي الأزمة، إذ لن تأتي أي أموال من دون حد أدنى من الإصلاحات المطلوبة ومن دون برنامج مع صندوق النقد الدولي ولن تأتي أي أموال إن لم تكن هناك إجراءات أخرى من خارج برنامج صندوق النقد حتى تصب في خانة الإصلاحات المبدئية.

الانشغال بالاستحقاق الرئاسي بات يحجب كل الأنظار عن الجوانب التي لا تقل أهمية في ظل الاجتهادات في تفسير الموقف السعودي علماً بأنه إن كانت السعودية موافقة فعلياً على سليمان فرنجية فإنه لن يخسر، لأنه يكون قد أخذ مقابل ذلك ثمناً باهظاً وإن لم يكن موافقاً فعلياً عليه فإن المملكة السعودية تكون لعبت اللعبة السياسية من دون أضرار عليها على عكس ما حصل مع فرنسا. ومع أن اللعبة السياسية تجري راهناً تحت سقف التوقيت الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري في ظل ذريعة استحقاق انتهاء ولاية رياض سلامة، فإن المعلومات المتواترة من جانب فريق الثنائي الشيعي تفيد بأنه إما سليمان فرنجية رئيساً وإلا فإن الرئاسة ستتأخر لوقت طويل ولا سيما أن باريس نفت كل المعلومات وما نقل عن تراجعها في تبنّي فرنجية أو عدم التسويق له. فالتوقيت الذي أعلنه بري أراد به رد الانتقادات عنه وتحميله المسؤولية في عدم الدعوة الى عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ويحاول أن يظهر للخارج تعاونه ووضع الكرة في ملعب الآخرين. كما أنه يحاول أن يبرر تسلم النائب الأول الشيعي مهام رياض سلامة على خلفية أنه وضع القوى المسيحية الأخرى أمام هذا التحدّي ولو أن هناك تسريبات برفضه ذلك. ولكن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لم يوح بذلك بل على العكس. وهذا لا يعني أن الخارج ليس ضاغطاً ولكن مضت أكثر من ثلاث سنوات ولبنان السياسي لا يعير أذناً صاغية لكل الضغوط الخارجية وحتى للإهانات التي تناولته.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار