أفضلية قطر على فرنسا في إخراج الانتخابات | أخبار اليوم

أفضلية قطر على فرنسا في إخراج الانتخابات

| الخميس 18 مايو 2023

 لبنان في خطر القضاء على الخيط الرفيع الذي يربطه بالعالم

 "النهار"- روزانا بومنصف

يجزم مطلعون ان دولة قطر هي الوحيدة بين الدول المعنية والمؤثرة التي تتواصل مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بما يجعلها تمسك باوراق مؤثرة وحتما ترغيبية او ضاغطة، لو شاءت، في اتجاه حمله على التوافق على هوية الرئيس المقبل للجمهورية.

وهي قادرة انطلاقا من ذلك وصداقتها مع الجميع على تقديم الضمانات اللازمة في تسويق المرشح الذي تؤمن بانه قد يشكل تقاطعا مقبولا من الداخل والخارج على حد سواء ولا يحسب على فريق محدد لا سيما اذا كان قائد الجيش العماد جوزف عون احد ابرز من يتردد ان الوفد القطري الذي زار لبنان اخيرا استفتى مواقف الكتل والنواب حول دعم انتخابه من دون التوقف طويلا عند العائق الدستوري الذي يستطيع لبنان تجاوزه لو شاء حين تتوافر المصلحة في ذلك .

وقطر بدورها تتمتع بالقدرة على التواصل مع الثنائي الشيعي ومع ايران كذلك التي تتمتع بالتأثير كذلك عبر "حزب الله" فيما يكون الثنائي الشيعي وخصوصا الرئيس نبيه بري قد قاما بما في وسعهما من اجل اعادة رأب الصدع مع رئيس النظام السوري بشار الاسد لا سيما ان بري هو من بادر الى الاعلان عن دعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه على طريق ترتيب علاقته مع النظام.

بدأت مرحلة المساومات والاثمان والحصص التي يرغب كل فريق في تحصيلها قبل اعطاء موافقته النهائية على شخص الرئيس المقبل فيما يعتقد المطلعون انفسهم ان قطر تملك ما لا تملكه فرنسا التي باتت تثير بعض الالتباس في موقفها على غرار الالتباس الذي اثاره موقف المملكة السعودية والذي سمح لكل من الثنائي الشيعي وقوى المعارضة ان تفسره وفق مصالحهم .

اي هل تخلت فرنسا عن المعادلة التي طرحتها بدعم انتخاب فرنجيه ام لا فيما ينقل عنها انها لم تعدل موقفها بل تتعاطى مع ترشيح فرنجيه كما سواه من المرشحين الاخرين. يستبق الحديث عن التحرك القطري التنسيق الكامل مع المملكة السعودية وتلفت مصادر ديبلوماسية الى انه بعد اكثر من شهرين على اعلان دعم ترشيح فرنجيه وتولي فرنسا تسويق هذا الترشيح لدى الرياض، لم يخرج هذا الترشيح عن اطار دعم الثنائي الشيعي له من دون ان يطاول ايا من القوى السياسية الاخرى او يحقق اي تقدم علني ولو طفيف ، فضلا عن انه لم يحمل فرنجيه نفسه على تطوير حركته الداخلية بما يتعدى اللقاء الصباحي مع السفير السعودي وليد بخاري وهو اللقاء الذي يعزى الى طلب بري ذلك . ما تملكه قطر من افضلية على فرنسا بحيث قد تسفر جهودها انتخابا لرئيس الجمهورية قريبا وفق ما ترجحه مصادر ديبلوماسية بغض النظر عن التزام موعد 15 حزيران او بعده بقليل ، هو ان باريس لا تدرك جيدا الية ادارة الوضع بالمباشر في لبنان .

ولا ضير او شك كذلك بان باريس رغبت ان تلعب دورا اقليميا وربما دوليا من لبنان وتتدخل في التفاصيل تماما على ما يحصل في ملف المصارف ولا سيما ملف حاكم المصرف المركزي، ولكن لكل ذلك الياته التي لا يدركها المسؤولون الفرنسيون جيدا وان كانوا يعرفون عناوينه.

كما ان الديبلوماسية الفرنسية تتمتع بنفس قصير فيما انها مستعدة لتغيير مقاربتها من اجل انجاحها كما جرى على طاولة قصر الصنوبر ثم الدعوة الى تأليف حكومة مهمة ثم التراجع عنها وانهاء ورقة الرئيس سعد الحريري والسعي الى ورقة جديدة فيما ان النصائح التي قدمت اليها بمتابعة ما طرحه الرئيس ايمانويل ماكرون على طاولة قصر الصنوبر والعمل من اجل ذلك اي المساهمة ان لم يكن في تغيير النظام ففي تحديثه، قوبلت من المسؤولين الفرنسيين بان لا وقت لذلك وان الوضع الذي يتجه الى الانهيار يلح على تغيير حكومة باي ثمن .

ولا تتوقف المصادر المعنية طويلا امام التباعد المسيحي مع فرنسا في موضوع دعمها فرنجيه باعتبار ان ملاقاة العاصمة الفرنسية الثنائي الشيعي في اهدافه ذكرها بملاقاة فرنسا جاك شيراك الرئيس رفيق الحريري في اوج نفوذه ، ما احدث احباطا مسيحيا انذاك ايضا . ولكن ذلك يفتح بابا يتعين على المسيحيين التوقف عنده لان فقدان القدرة على التأثير او الوزن في تقرير وضع لبنان وارساء مصالحه عامل خطير مؤثر على الوجود المسيحي مستقبلا في ظل صراع داخلي لا ينتهي.

والحديث الاخير لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كان وفق هذه المصادر بالغ الوضوح في اصراره على مرشح لا يمثل تحديا لاي طرف على خلفية اخذه في الاعتبار موقف النائب تيمور جنبلاط الذي لا يرى كيف يمكن الا تتم مراعاة الشباب واللبنانيين الذين اعطوا اصواتهم للمجلس النيابي الحالي .

ما يزيد الامال او التفاؤل باحتمال نجاح قطر الى جانب امتلاكها وسائل اقناع مرجحة ، اولا ان الدول المؤثرة وايا يكن مدى او نسبة اهتمامها بلبنان باتت حاسمة جدا ازاء اقفال ملف الرئاسة في الاسابيع المقبلة والانتهاء من الانشغال بلبنان وازماته . ولا تستطيع الدول المهتمة راهنا بالابقاء على المستوى نفسه من الاهتمام فيما ان ما يتجه اليه لبنان لا يسمح بترف التنقل بين المعادلات او المبادرات الواحدة تلو الاخرى وانهيارها من دون الوصول الى نتيجة .

ثانيا ان الاحراج كبير جدا وان تقاذفت القوى السياسية الاتهامات بالتعطيل لان لكل فريق قواعده ولن يقنع قواعد الفريق الاخر فيما ان الدول المهتمة كلها تعرف " البئر وغطاءه " .

ثالثا انه في ظروف متغيرة كبيرة تمر فيها المنطقة والعالم وتركيب خرائط نفوذ جديدة ، ستتحمل هذه القوى من الجانبين مسؤولية رمي لبنان على الهامش والقضاء عليه ودفعه لان بلدا منهارا ومتروكا لا مكان له بين دول المنطقة . وهو شعر بذلك لدى اهماله في اجتماع بعض وزراء الخارجية العرب في العاصمة الاردنية اخيرا وسيكون عاجزا عن الحوار مع سوريا كما يطالب البعض او عن دفع رواتب القطاع العام والجيش وقوى الامن كذلك .

ومن غير المرجح ان يكون المسؤولون اطلعوا على التقرير الاخير للبنك الدولي وهو ليس الاول على طريق تحديد الخطر الكبير الذي انزلق اليه لبنان ويستمر في الانزلاق اليه ، ولكن لبنان في خطر القضاء على الخيط الرفيع الذي يربطه بالعالم اذا اخفق في انتخاب رئيس مقبول من الجميع قريبا .


انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار