المناورة الرمزية الهجومية: تطمين الداخل وتغيير في الاستراتيجية من دون الكشف عن الأسلحة النوعية! | أخبار اليوم

المناورة الرمزية الهجومية: تطمين الداخل وتغيير في الاستراتيجية من دون الكشف عن الأسلحة النوعية!

| الثلاثاء 23 مايو 2023

"النهار"- عباس صباغ

لا تزال المناورة الرمزية غير المسبوقة التي نفذها "حزب الله" عشيّة الذكرى الـ23 لتحرير معظم الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي تشغل المراقبين في الداخل وخارج الحدود. فما الرسالة التي أرادها الحزب من المناورة؟ وهل توجّس البعض من تعاظم قدرة المقاومة في محله؟

قبل نحو 3 عقود استعرضت المقاومة الإسلامية بعض قدراتها أمام الإعلام وإن بشكل محدود، والأحد الفائت كان الحدث غير المسبوق لجهة تنفيذ مناورة هجومية محدودة أمام حشد إعلامي ومباشرة على الهواء.

ما بين الحدثين الكثير من المتغيرات التي صبغت المشهدين الداخلي والخارجي، ولكن تنفيذ المناورة أول من أمس كان يهدف بحسب مواكبين لعمل المقاومة الى تأكيد جملة ثوابت وكذلك تطمين مناصري المقاومة إلى أن الأخيرة ليس لديها سوى مهمة واحدة كانت ولا تزال سبب وجودها.

وأبرز ما أراد الحزب إيصاله من خلال المناورة الرمزية الهجومية يكمن في أن المقاومة تطوّر قدراتها وتحافظ على جاهزيتها من دون الالتفات الى المتغيرات الداخلية والخارجية، وأن انشغال "حزب الله" بالملف الرئاسي وتعقيداته لا ينعكس البتة على المقاومة وشؤونها المعروفة والمنفصلة تماماً عن "الصغائر السياسية، الداخلية والخارجية".

أما الى الداخل اللبناني فكانت الرسالة أكثر من واضحة عندما أعلن صراحة رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين أن "لا أعداء للمقاومة في الداخل" وقال حرفياً "ندعو اللبنانيين إلى أن يزدادوا طمأنينة وأن يعتمدوا على المقاومة التي تُعنى بحماية كل اللبنانيين ولا ينبغي لأحد أن يخاف إلا الأعداء ونحن في الداخل اللبناني لا أعداء لنا". ولكن إعادة التأكيد على امتداد "المحور المتكامل من طهران الى غزة" ربما تقلق بعض اللبنانيين.


الجليل: هدف مستقبلي ثابت
لم يكن ذلك الجدار الرمزي الذي حطمه عناصر المقاومة تفصيلاً في المناورة التي جرت على أرض موقع عسكري كان يحتله الجيش الإسرائيلي، فاجتياز الحدود لم يعد حديثاً سرّياً في الأوساط وإنما بات هدفاً أساسياً للمقاومة، والمناورة حملت الكثير من الإشارات المباشرة والمضمرة لاجتياز الحدود مع تعمّد وضع بلوكات شبليهة تماماً بالبلوكات الاسمنتية التي رفعتها تل أبيب لحماية مستوطنات الجليل.

فمنذ 16 شباط عام 2011 مع الإعلان الأول للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عندما توجّه في ذكرى "القادة الشهداء" الى عناصر المقاومة "كونوا مستعدين ليومٍ إذا فُرضت فيه الحرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل، يعني بتعبير آخر، تحرير الجليل". هذه المعادلة كانت واضحة من خلال المناورة التي ركزت على أسر جنود إسرائيليين، وكذلك اقتحام مستوطنة إسرائيلية والسيطرة عليها مع استخدام سلاح المسيّرات للمرة الأولى في تاريخ المقاومة. فالمسيّرات رسمت خط الحدود البحرية الجنوبية في 2 تموز عام 2022 عندما حلقت المسيّرات غير الهجومية فوق منصّة "كاريش"، لكن في مناورة الأحد ظهرت المسيّرات المزوّدة بالصواريخ وأطلقت تلك الصواريخ على مجسّم لمستوطنة إسرائيلية.

أما في اختيار التاريخ، فإن اختيار الشهر الحالي يحمل أكثر من دلالة وإن كانت المناسبة هي الذكرى الـ23 للتحرير فإن في أيار أكثر من مناسبة تتصل بالمقاومة اتصالاً متيناً وتبدأ من عام 2000 أي يوم التحرير، وتصل الى معركة "ثأر الأحرار" قبل أيام مروراً بمعركة القصير عام 2013، و"سيف القدس" عام 2021. المقاومة أرادت أيضاً من خلال مناورتها الرمزية التأكيد على "وحدة الساحات"، ولذلك كانت دعوة وفود من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" فضلاً عن فصائل مقاومة فلسطينية أخرى.

أما عن تزامن المناورة وصدور مقررات القمة العربية التي عُقدت في جدة في 19 الحالي، فيشير المواكبون لمسيرة المقاومة إلى أنه لا علاقة البتة بين الحدثين عدا عن أنه في الشكل فقد سبقت الدعوة للمناورة انعقاد وصدور مقرراتها، مع الإشارة الى أنها أكدت حق اللبنانيين في المقاومة وتحرير مزارع شبعا والقسم اللبناني من بلدة الغجر.

ويضيف هؤلاء "لا تبدّل المقاومة من قناعاتها بأن القرارات الدولية لا تحرّر الأرض، والدليل ما عايشه اللبنانيون، فالقرار الدولي رقم 425 الذي صاغه سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة الراحل غسان تويني ظل 22 عاماً من دون أن تلتزم به تل أبيب الى أن فرضت المقاومة معادلاتها وطردت جيش الاحتلال من الجنوب".


لا سلاح نوعياً
قبل أيام من انطلاق المناورة ساد الاعتقاد لدى بعض المتابعين أن المقاومة ستعرض سلاحاً نوعياً للمرة الأولى في تاريخها، وذهب بعض المحللين الى توصيف ذلك السلاح الى أن أصدرت العلاقات الإعلامية في الحزب بياناً توضيحياً بشأن المناورة تضمّن نفياً لكل ما جرى تداوله عن السلاح النوعي. وإن كانت تل أبيب الأكثر اهتماماً بالمناورة وإن كانت تنتظر عرض سلاح نوعي، فإن غياب ذلك السلاح لم يحجب الاهتمام باقتحام مستوطنة إسرائيلية وكذلك عملية الأسر المفترضة واجتياز الحدود مع التركيز على الوقت القصير لتنفيذ تلك المهام. لكن السلاح الذي عُرض للمرة الأولى كان المسيّرات المجهّزة بصواريخ هجومية، ما يعني إدخال أسلحة جديدة الى ساحة المواجهة المستقبلية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار