ماكرون وشيراك: أين "الفجوة"؟ | أخبار اليوم

ماكرون وشيراك: أين "الفجوة"؟

| الجمعة 02 يونيو 2023

انتظر لبنانيون كثر أن يقرن الحكم الفرنسي الحالي خياره الرئاسي على الأقل بما يحمي لبنان

"النهار"- نبيل بومنصف

منذ بدأت تتضح معالم تطوّر غير مسبوق في السياسة الفرنسية التقليدية حيال لبنان بالتبنّي والدعم الواضح والثابت لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مستندة الى ترشيحه المباشر من "الثنائي الشيعي" وبالتنسيق معه، نشأت مفارقة سياسية ديبلوماسية لم يعد ممكناً تجاوزها في مقاربة الدور والتأثير الفرنسيين في الواقع اللبناني. هي مفارقة تبديل جذري في التعامل مع التوازنات اللبنانية الى حدود استشعرت معها باريس نفسها "فداحة" تماديها لدى قرار الإليزيه دعوة البطريرك الماروني الى لقاء استثنائي واستقبال استثنائي قبل أيام.

وإن كان أفضل ما التزمه البطريرك حتى الساعة هو منع تسريب المضمون السرّي لمحادثاته مع الرئيس ماكرون لئلا تذيب التفسيرات المختلفة المهابة التي طبعت الزيارة ومردودها المباشر على البطريرك أولاً، فإن "الأمل" أن تكون باريس نفسها استشعرت وتبلغت أن تعاظم الصدمة السلبية حيال دورها يتصل بعدم تبرير فئات لبنانية كبيرة وليست مسيحية فقط لباريس تورّطاً لم تنجح حتى الساعة في تسويغه.كان الظن أساساً، وهو منطقي تماماً، أن من غير المنتظر أيضاً لا بل من الحتمي ألا تنحاز باريس حتى لمرشح من أصدقائها القدامى وحلفائها العريقين المندرجين في الصف السيادي التقليدي أو ما كان يوماً تحالف قوى 14 آذار. وإن كان "زمن الأول تحوّل" بفعل تحوّلات ربما لا قبل لفرنسا نفسها بها فإن ذلك لا يحجب حقيقة أن التسويق الفرنسي أو استراتيجية تسويق الخيار الفرنسي جنحت نحو خطأ كبير لا ندري ما إن كانت باريس بدأت تعترف به.

والواقع أن غلاة المعترضين على الموقف الفرنسي ربما ذهبوا بعيداً في رمي باريس بالمصالح الاقتصادية والنفطية وما إليها فحسب لأن الإفراط في المغالاة لا يفترض أن ينسي هؤلاء كما سواهم أن الرئيس الفرنسي وحده بادر مرتين بالانخراط الشخصي في مأساة لبنان، يوم شحّ ظهور رئيس لبنان وسائر الزعماء العرب والأجانب الى جانب اللبنانيين ومعهم وعلى الأرض في أعتى انفجار شهدته بيروت والعالم. المفارقة أن حمام الجماهير اللبنانية الذي أقيم لماكرون ذكّرنا آنذاك بالحمام الجماهيري لسلفه الديغولي جاك شيراك في وسط بيروت المشع آنذاك وهو يتأبّط ذراع باني مرحلة الإعمار رفيق الحريري. هي المفارقة التي لا بد من تظهيرها الآن تحديداً وبعد زيارة البطريرك الماروني لإنهاء مرحلة أسوأ "سوء تفاهم" لئلا نقول الصدمة الأشد سوءاً، مع فرنسا. قيل عن حق إن فرنسا أيضاً انحازت بقوة أكبر وأخطر من الآن في عهد شيراك الى جانب الحريرية السياسية وليست تالياً المرة الأولى التي توجب كل هذا الصخب المتصاعد والمفتعل من جانب رافضي سليمان فرنجية حيال فرنسا. لعل فرنجية نفسه "ظُلم" أيضاً بأسلوب تسويق باريس لخيارها مثلما يظلمه الثنائي الشيعي بسلوكيات نافرة منفرة في أنماط دعمه. ذلك أن فرنسا تطرح معادلة "الحلّ الممكن" من باب "الواقعية السياسية". كانت السياسة "الشيراكية" أيضاً واقعية جداً لكنها قرنت تبنّيها الحريرية بالدفع مع الولايات المتحدة نحو اتخاذ أهم وأبرز وأخطر قرار أممي لمصلحة السيادة والاستقلال الحقيقيين في لبنان هو القرار 1559. انتظر لبنانيون كثر أن يقرن الحكم الفرنسي الحالي خياره الرئاسي على الأقل بما يحمي لبنان من عصف الغطرسة الخارجية الذي يتغذى به حلفاء الداخل. هنا الفارق كله بما يتجاوز حتى اسم المرشح ولا يمكن تجاهل الفجوة التي أحدثها عدم الالتفات الى مخلفاته.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار