لودريان اليائس: لا حلّ إلّا بتعديل النظام | أخبار اليوم

لودريان اليائس: لا حلّ إلّا بتعديل النظام

| الأحد 02 يوليو 2023

وجود أزمة نظام في لبنان استناداً إلى الأزمات السياسية التي تخلف نهاية ولاية كلّ رئيس 

منى الحسن - اساس ميديا
بعد جولته التي شملت المسؤولين وتمضيته ثلاثة أيام مستمعاً إلى تطلّعاتهم في شأن انتخاب رئيس للجمهورية وشكل الحوار الممكن أن يسمح بعبور سالم إلى هذا الهدف، خرج الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان باستنتاج واحد مفاده أنّ الحلّ في لبنان لم يعد ممكناً والحوار للحوار لن يوصل إلى النتيجة المرجوّة، ولا بدّ من حوار يتناول النظام السياسي. وتقول المعلومات إنّ الموفد الرئاسي سيعود إلى لبنان ليبلغ هذه الخلاصة إلى المعنيّين.

أزمة نظام

ليست المرّة الأولى التي يُستنتج فيها وجود أزمة نظام في لبنان استناداً إلى الأزمات السياسية التي تخلف نهاية ولاية كلّ رئيس للجمهورية.

مع خروج جيشها من لبنان خرجت سوريا سياسياً وانتهى دورها المتمثّل في ضبط إيقاع الأزمات فبدأت تظهرعلامات الأزمة الداخلية في الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف. منذ ذلك الحين يعاني لبنان عدم وجود حَكَم في الدستور يتمّ الركون إليه، بعدما كان هذا الحكَم من خارج الدستور ووليد الوجود السوري بامتياز، فلم تكن تتعطّل الجلسات أو التعيينات بسبب ما يسمّى الوصاية على لبنان التي كانت في حقيقة الأمر تضمن عملية استقرار قسريّ للنظام السياسي اللبناني.

أولى الأزمات كانت إبّان استقالة الوزراء الشيعة والوزير المحسوب على رئيس الجمهورية إميل لحود من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة واعتبارها غير شرعية، فساد التعطيل واندلع خلاف بين فريقَي 8 و14 آذار، وخاضت فرنسا أولى تجاربها في الدخول على خطّ الأزمة السياسية منذ اتفاق الطائف. عقدت في سان كلو جلسة حوار على مستوى قيادات الصف الثاني من ممثّلي الموالاة والمعارضة، لكن لم تنتهِ إلى نتائج عملية. أظهرت سان كلو المشكلة ولم تأتِ بالحلّ، واستمرّ الحال على ما هو عليه.

انفجار 7 أيّار

شهدت نهاية الولاية الممدَّدة لعهد الرئيس إميل لحود أزمة سياسية مفتوحة تفجّرت عسكرياً في السابع من أيار 2008 واستوجبت عقد مؤتمر الدوحة الذي توصّلت القوى السياسية إلى التوافق على المشاركة فيه. عُقدت طاولة حوار قطرية برعاية فرنسية وانتُخب على أثرها قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحصل أوّل تعديل غير معلن للدستور من خلال ما يسمّى الثلث الضامن في الحكومة أو الوزير الملك.

لم يدوَّن هذا التعديل في الدستور، لكنّه أظهر الأزمة وأتى بحلّ مؤقّت استخدمه فريق الثامن من آذار والتيار الوطني الحر في الانقلاب على حكومة سعد الحريري الأولى من خلال سحب وزرائهم من حكومته أثناء لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قابله رئيساً للحكومة وخرج من عنده رئيساً لحكومة تصريف أعمال.

انتهت ولاية ميشال سليمان عام 2014 ودخلت البلاد مرحلة تصريف أعمال وعادت إلى الواجهة أزمة النظام مجدّداً واستمرّت إلى حين عقد التسوية التي انتُخب بموجبها العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وعاد الحريري إلى رئاسة الحكومة عام 2016. حصلت الانتخابات البرلمانية في 2018 وأفضت إلى معادلة جديدة ضمّت عون والحريري وخرج منها حزب القوات، لكن لم تدُم أكثر من سنة، إذ وقع الانهيار الكبير عام 2019 ودخل لبنان في أزمة نظام أعلنت عن نفسها بعدّة مظاهر ولو بقي عون رئيساً إلى 2022، لكن خلال هذه الفترة أظهر النظام علامات وهن كبيرة أهمّها العجز عن تشكيل الحكومات.

انتهت ولاية عون في أيلول 2022 ودخلت البلاد مجدّداً فراغاً رئاسياً كان قد سبقه انفجار المرفأ الذي حاولت فرنسا من خلاله التدخّل في ملفّ لبنان، ووعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّه سيقترح على المسؤولين اللبنانيين "ميثاقاً سياسياً جديداً" لـ"تغيير النظام" ثمّ تراجع عن أقواله. توقّف البحث عند هذا الحدّ إلى أن أعاد ماكرون تشكيل فريق عمل متخصّص بملفّ لبنان. ولأهداف تجارية حاولت فرنسا التسريع في انتخاب الرئيس ودعمت حكومة ميقاتي. أرسلت باتريك دوريل للقيام بجولة أفق، لكن من دون جدوى، ثمّ حوّلت الملفّ إلى جان إيف لودريان الذي قام بجولة أفق هي أقرب إلى رفع العتب ووعد بالعودة، لكن لن يكون أمامه أيّ إمكانية لعقد تسوية جديدة من أجل تسمية رئيس للجمهورية. قام هو الآخر بجولة استطلاع مستعرضاً إمكانية عقد تسوية جديدة، وخلص إلى نتيجة تقول: أنتم دولة فاشلة ونظام مأزوم وعليكم السعي إلى تصحيحه.

إذا كان مثل هذا السعي مستبعداً في الوقت الراهن فإنّ من شبه المؤكّد استمرار الفراغ الرئاسي حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة ما دامت الحلول غير مرتقبة ولبنان لا يحتلّ صدارة البحث الإقليمي والدولي بدليل غياب أميركا والسعودية عن الاستحقاق الرئاسي.

مجلس النوّاب عاجز

تتقاطع القوى السياسية والأحزاب على حقيقة أنّ مجلس النواب الحالي عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية في ظلّ الانقسامات الحادّة بين النواب. نحن لا نتحدّث هنا عن انقسام عمودي بل عن انقسامات بالجملة وتشكيلة هجينة تجعل من المستحيل تلاقي كتلتين على مرشّح رئاسي، ولنا في جلسة الانتخاب رقم 12 خير دليل. فالنواب الذين انتخبوا جهاد أزعور إنّما فعلوا هذا لمرّة واحدة وأخيرة، ومن انتخب فرنجية فمن باب مبايعة الثنائي على قاعدة "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما"، إضافة إلى مجموعة مهمّتها أن ترى الشيء وتفعل عكسه، أي أنّ المهمّ بالنسبة لها السير عكس السير. لا شكّ أنّ تغيّر الظروف من اليوم حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة سيكون سبباً لأن لا يحالف الحظّ كثيراً من النواب مرّة جديدة، ولذا قد لا تبقى على حالها التكتّلات التي تشكّلت وخاضت الانتخابات مجتمعة.

كشف النائب فيصل كرامي بقوله إنّه "إذا ما بقيت الأوضاع على حالها فالأرجح أن ننتخب رئيساً في 2024 أو 2025"، أنّ الموضوع مطروح في الكواليس، خاصة أنّ المتحدّث هو حليف الثنائي ومقرّب من الحزب وشاهد على بعض نقاشاته الرئيسية عن قرب. ولذا ستُطرح حتماً فرضية كهذه في كواليس الحزب، الذي لا يتردّد في التعبير عنها بتمسّكه بخيار فرنجية أيّاً كانت المواجهة مع الرافضين، مستعيناً بتجربته مع الجنرال ميشال عون التي عطّل فيها البلد لأكثر من عامين ونصف إلى أن تمّ التوافق المسيحي على انتخابه. فما المانع أن يتكرّر الوضع ذاته وقد مرّ ما يزيد على عام على انتخاب مجلس النواب الجديد ولم يبقَ من ولايته سوى ثلاث سنوات لا يراها البعض فترة طويلة في الحسابات السياسية الداخلية للأحزاب والقوى السياسية، خاصة في ضوء رهانات الطرفين على تغيّر قواعد اللعبة. فالحزب يرى أنّ الظروف ستتناسب أكثر مع خياراته، بينما تراهن القوى المعارضة على تراجع حضوره وضمور قوة الثنائي وتراجع عدد نوابه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار