"الإتفاق الرباعي"... هل يتكرّر وماذا عن ضحاياه؟! | أخبار اليوم

"الإتفاق الرباعي"... هل يتكرّر وماذا عن ضحاياه؟!

| الجمعة 07 يوليو 2023

فارس سعيد: أخطأنا في الرهان على الهامش اللبناني لـ"حزب الله"

"الإتفاق الرباعي"... هل يتكرّر وماذا عن ضحاياه؟!

طوني كرم - "نداء الوطن"


يُستحضر بعض المحطات السياسيّة المفصليّة من تاريخ لبنان الحديث، كذرائع لتسجيل نقاط في هذا الإتجاه أو ذاك، بعيداً عن الركون إلى سياقها الطبيعي والظروف التي أدت إليها، على غرار تحميل قوى «14 آذار» المسؤوليّة عن تهميش «الشخصيات الشيعية» المتحررة من هيمنة الثنائي «حزب الله» – حركة «أمل»، من خلال عقد «الإتفاق الرباعي» في انتخابات عام 2005، ما أدى إلى احتكار «الثنائي الشيعي» تمثيل هذا المكون على مختلف الصعد، ولا سيما السياسيّ.


في محاولة لاستعادة ثنايا وظروف هذا الإتفاق الإنتخابي بين قوى «14 آذار» و»الثنائي الشيعي»، يكشف أحد الأعضاء المؤسسين «للقاء قرنة شهوان» ومنسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»نداء الوطن»، أنّ التواصل السياسي بين مؤسسي «لقاء قرنة شهوان» والمكونَين الوطنيين الآخرين في لبنان (السنّة والشيعة)، أتى من أجل فكّ «العزلة» التي تعرّض لها الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بعد «نداء مجلس المطارنة الموارنة» في 20 أيلول عام 2000، وتحديداً بعد الهجوم المركّز على البطريرك من شخصيات سياسيّة مارونية في السلطة حينها، واعتبارهم أنّ المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان وفق ما ورد في بيان المطارنة، يشكل خدمةً لمصالح إسرائيل، كما أعلن رئيس جمهورية لبنان آنذاك إميل لحود، (في ذكرى الإستقلال أي بتاريخ 22 تشرين الثاني عام 2000)؛ وصولاً إلى تهديد الوزير السابق سليمان فرنجية باجتياح بكركي بـ 2000 سيارة إذا ما استمر البطريرك صفير بالمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان، كما فعل آخرون من حلفاء النظام السوري حينها.

واعتبر سعيد أنّ الخطوة الأولى لكسر الحصار السياسي المفروض على الصرح البطريركي حينها، أتت عبر زيارة رئيس الحكومة السابق عمر كرامي إلى بكركي، وتناوله الغداء الى مائدة صفير في حضور النائبة نايلة معوض والنائب السابق سمير فرنجيّة. وذلك قبل انكبابه أي سعيد إلى جانب سمير فرنجيّة على التواصل مع كل المكوّنات الوطنيّة الأخرى، في محاولةٍ لإعادة العلاقات الإسلاميّة مع بكركي.


الرئيس الحريري غير قادر

بالتوازي مع زيارة كرامي بكركي، لم تغب قنوات التواصل عن قريطم حيث رئيس الحكومة آنذاك رفيق الحريري. وينقل سعيد أنّ الرئيس الحريري أعرب عن عدم قدرته على التفاهم مع البطريرك صفير على هذه النقطة (أي المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان)، على إعتبار أنّ «بشّار الأسد ليس حافظ الأسد، وهو شاب جديد يستلم السلطة، وأنتم استبقتم الأمور في الهجوم عليه».

ويكشف سعيد، أنه بعد استجابة رئيس مجلس النواب نبيه برّي لمساعيهم، اكّد من الصرح البطريركي، بتاريخ 23 تشرين الثاني 2000، أنّ البطريرك صفير يتكلم على خروج الجيش السوري من صلب اتفاق الطائف والدستور اللبناني الذي نصّ على إعادة انتشار الجيش السوري إلى البقاع تمهيداً لانسحابه الكامل من لبنان، وفقاً لجدول زمني؛ إضافةً إلى إعلانه إطلاق 48 معتقلاً لبنانياً من السجون السوريّة، علماً أنه منذ ذلك التاريخ، لم يطلق أي معتقل لبناني آخر من السجون السوريّة.

لم يرُق لقوى الأمر الواقع حينها إعادة نسج العلاقات اللبنانية – اللبنانية وتحديداً مع بكركي وما تمثّل من ضمن السياق السائد وقتها، فاستعيض عنها بلقاءات حواريّة أعدها مجلس كنائس الشرق الأوسط في سويسرا، بين لقاء «قرنة شهوان» ممثلاً بالنائب فارس سعيد وكلّ من سمير فرنجية والسفير السابق سيمون كرم من جهة، وحركة «أمل» و»حزب الله» الذي شارك عبر النائب نواف الموسوي وكل من غالب أبو زينب ومحمود قماطي، من جهة أخرى. واستمر هذا اللقاء منذ 2001 حتى اغتيال الحريري عام 2005.

إغتيال الحريري وخروج الجيش السوري

يشدد سعيد، على أنّه مع إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وخلافاً لتحميل النظام السوري المسؤولية والمطالبة بخروجه من لبنان؛ «لم يكن في بالنا إمكانية ضلوع أو مشاركة «حزب الله» في قرار بهذا الحجم». وذلك انطلاقاً من حرص «حزب الله» وتأكيده خلال جولات الحوار على السلم الداخلي ووجوب توظيف خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000 بما يخدم لبنان واللبنانيين.

وإلى جانب المطالبة بخروج الجيش السوري، برز إصرار قوى 14 آذار على إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها، وبرز إتجاه قوى 8 آذار إلى عرقلة هذا المطلب، مع إعادة تكليف الرئيس عمر كرامي تشكيل حكومة من جديد رغم إستقالة حكومته في الشارع بعد أسبوعين على اغتيال الحريري، أي في 28 شباط 2005. ويشير سعيد إلى أنّ الرياح الإقليمية والدوليّة كانت مؤاتية لمطالبتهم بإجراء الإنتخابات في موعدها على قاعدة أنّ موعد الإنتخابات أهم من القانون الذي سيعتمد. وهذا ما ترجم عبر تفاهم سعودي - إيراني - سوري - فرنسي - أميركي على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها، وإن كان على حساب تعديل القانون وفق مطالب بعض القوى المسيحية حينها.

الإنتخابات والرهان الخاطئ

وفي هذا السياق، يوضح سعيد أنّه بعد مراجعة داخليّة، تمّ الفصل ما بين المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان وبين التصعيد مع «حزب الله»، وأبقي قانون الإنتخاب السابق بما يتلاءم ومطلب قوى 8 آذار، مقابل ضمان «14 آذار» حصول الإنتخابات في موعدها. ولفت إلى أنّ الرهان «الخاطئ» الذي رافق التسوية كان على الهامش اللبناني لدى «حزب الله»، على اعتبار أنّ تسليفه هذا التفاهم من شأنه أن يضمن دخوله مجدداً إلى الفكرة اللبنانية والمشروع اللبناني، على غرار تحلّي الشهيد كمال جنبلاط بهامش لبناني في علاقته مع منظمة التحرير، كما تحلّى أيضاً الرئيس الشهيد بشير الجميل بهامش لبناني مماثل رغم علاقته بإسرائيل. ليستطرد قائلاً: «أعتقد أنّ اغتيال كمال جنبلاط كما بشير الجميّل كان بسبب هذا الهامش اللبناني المتمايز». وذلك قبل أن يشدد على أنّ الخطأ ليس بـ»التحالف الرباعي»، إنما بتقدير إمكانية أن يتحلّى «حزب الله» والسيّد حسن نصرالله بأي هامش لبناني يتمايز به عن النظام الإيراني في لبنان.

وإنطلاقاً من تأكيد سعيد على خطأ (14 آذار) في تقدير الهامش اللبناني لـ»حزب الله»، بعيداً عن تحميلهم المسؤوليّة عن الهندسة السياسيّة أو الإنتخابيّة للإتفاق الذي شمل كل الأقضيّة ما عدا جبيل، وفق ما كشف السيد حسن نصرالله مع الإعلامي جان عزيز في مقابلة متلفزة، شدد على أنّ الرهان على مجاراة «حزب الله» وإيصال مرشحه لرئاسة الجمهورية من أجل المحافظة على النظام، سيرتّد سلباً على اللبنانيين، لأنّ «الحزب» يريد الرئيس لضمان إدخال تعديلات دستوريّة تحفظ إمرته على السلاح وتعزّز مكانته في الحكم... ليختم مؤكداً أنّ تعويم «حزب الله» لا يعود إلى «الإتفاق الرباعي»، بقدر ما يعود إلى إتفاق مار مخايل عام 2006، والى من تجاوز قرار مجلس الأمن 1701 وشارك «حزب الله» في البحث عن استراتيجيّة دفاعية، وأبرم معه قانون انتخاب بما يتعارض واتفاق الطائف، إلى جانب مشاركته عبر الحكومات في السياسات الدفاعيّة والماليّة والإقتصادية والخارجيّة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار