التوتر بلغ أشدّه عند الحدود الجنوبية... والاهتمام الفرنسي بلبنان يتراجع | أخبار اليوم

التوتر بلغ أشدّه عند الحدود الجنوبية... والاهتمام الفرنسي بلبنان يتراجع

| الإثنين 10 يوليو 2023

الوضع الداخلي إلى مزيد من التعطيل ... القوى السياسية والطائفية عاجزة عن التحاور


 ابراهيم حيدر- "النهار"


بينما تتقدم تطورات الجنوب على وقع التوتر الذي تشهده المنطقة بعد ضم الاحتلال الإسرائيلي لقرية الغجر على الحدود والتهديدات بإزالة خيمتي "حزب الله" المنصوبتين داخل منطقة مزارع شبعا المحتلة، بدا أن الاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية متجهة إلى مزيد من التعطيل ليبقى البلد في حالة الفراغ وتصريف الأعمال، خصوصاً مع ظهور مزيد من الاستعصاءات وعجز القوى السياسية والطائفية عن إيجاد قواسم مشتركة للتسوية وفشل الخارج حتى الآن في تحقيق خرق في جدار الازمة، لا في الدعوة إلى الحوار أو ممارسة ضغوط  تعيد ترتيب الأولويات اللبنانية، خصوصاً مع الحديث عن تولي مبعوث الرئاسة الفرنسية جان-إيف لودريان مهمة جديدة في السعودية قد تقلل من اهتمامه بالملف اللبناني.

ما يحدث على الحدود الجنوبية سيكون له تأثيرات على مسارات الاستحقاقات اللبنانية كافة لا سيما في الدور الذي يؤديه "حزب الله" ليس في الملف الجنوبي فحسب، إنما على مستوى الملفات الداخلية اللبنانية، مع فرضه وقائع ميدانية جديدة واستعداداته لأي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تفيد المعلومات أن التوتر بلغ اشده على الحدود مع إعلان إسرائيل حالة تأهب جيشها. وفي المقابل قرر الحزب عدم إزالة الخيمتين، فيما يركز على قضية الغجر، حيث نقل مصدر سياسي مطلع أن "حزب الله" قد يذهب إلى خيار التصعيد لتثبيت الوقائع التي نجح في فرضها انطلاقاً من مزارع شبعا وكفرشوبا، وتعزيز وضعه الداخلي كمقرر في مسار الحرب والسلم، وان كان احتلال الجزء الشمالي اللبناني من الغجر هو قضية وطنية لبنانية عامة.

يستدرج الحزب كل الأفرقاء في الداخل والخارج للبحث معه في الاستحقاقات الأساسية للبنان، وهو يعلم وفق المصدرالسياسي أن مهمة لودريان شارفت على الوصول إلى طريق مسدود، على الرغم من دعوته الجميع للحوار، وهو بذلك يتبنى موقف "الثنائي الشيعي" وإن كان يختلف معه في جدول الأعمال. فـ"حزب الله" ومعه الرئيس نبيه بري يريدان الحوار حول خيارهما الذي يتمسك بسليمان فرنجية مرشحاً نهائياً للرئاسة، فيما الحوار الذي يدعو إليه مبعوث الرئاسة الفرنسية هو للاتفاق على مرشح تسوية وعلى طريقة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي فشل في تحقيق أي انجاز يُحسب له في لبنان. لكن التطورات جنوباً طغت على مختلف الاستحقاقات وهي مفتوحة على البحث في مسألة التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، كما أنها متصلة بملف الاستحقاق الرئاسي. ويقول المصدر أن تأهب "حزب الله" للتصعيد جنوباً لا يقف عند الحدود، بل له استهدافات لبنانية للقول إنه المقرر في مختلف الشؤون، "فهو الذي يدافع عن لبنان في غياب الدولة، وهوالذي اعاد على الأرض تثبيت مقولة "الجيش والشعب والمقاومة" وهو الذي ساهم بفائض قوته في توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية ووصفه بالإنجاز التاريخي للبنان، وسيؤدي الدور نفسه في ترسيم الحدود البرية، وبالتالي على الجميع أن يتفهموا اعتباراته عندما يتمسك بمعادلة انتخاب رئيس "لا يطعن المقاومة بالظهر". لكنه في المقابل يريد فرض معادلة في البلد يكون فيها المقرر مع رئيس تحت جناحيه.

في موازاة التوتر جنوباً، بدا ان الوضع الداخلي ينحو إلى مزيد من التعطيل. القوى السياسية والطائفية عاجزة عن التحاور بين بعضها البعض، وهو ما أكده البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، لذا يدعو إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان، ما يعني أن لا رهان على مهمة لودريان في تحقيق أي انجاز. وعلى الرغم من أن المبعوث الرئاسي الفرنسي سيستمر بمهمته اللبنانية، إلا أن مصادر دبلوماسية تشير إلى أن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التعقيد خصوصاً عندما يغرق لودريان في مهمته السعودية الجديدة، إذ لا يمكن الرهان على قربه من القيادة السعودية لتحقيق انجازات لبنانية طالما أن لدى المملكة أولويات أخرى وشروطا في ما يتعلق بالوضع اللبناني، وهي أحد الأسباب التي منعت بحث الملف اللبناني في الاتفاق السعودي- الإيراني في بكين.

على وقع التطورات، يبدو أن الفراغ الرئاسي سيطول، وقد يتمدد إلى نهاية السنة الحالية، على الرغم من أن الشغور سيطال مواقع أساسية في الدولة، من بينها حاكمية مصرف لبنان في 31 تموز الجاري، وصولاً إلى قيادة الجيش مطلع السنة الجديدة، في وقت يتفاقم الخلاف حول تعيين رئيس للأركان يحل محل قائد الجيش في حال سفره أو إحالته على التقاعد، وهو ما يعني أن الدولة تتحلل خصوصاً في المواقع المسيحية الأولى، وتتحول الى تصريف للأعمال. ذلك يهدد ما تبقى من مؤسسات في ظل العجز عن التسوية. ويقول المصدر السياسي أنه في الوقت الذي يتمسك فيه "الثنائي الشيعي" بفرنجية للرئاسة ويستند في خياره على فائض قوة وهيمنة، لا تستثني ما يفرضه "حزب الله" جنوباً، وإن كان تحت شعار المقاومة لتحرير شمال الغجر أو المناطق المحتلة في مزارع شبعا، إلا أن القوى المسيحية التي تبنت ترشيح جهاد أزعور لم تستطع بلورة عناصر قوة تمكنها من المبادرة مع تسريب معلومات عن حسابات خاصة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعمل خلالها على إعادة ترتيب أوضاعه مع "حزب الله" وأيضاً العمل لرفع العقوبات عنه تمهيداً للترشح للرئاسة. ووفق المصدر فإن الأطراف المسيحية التي رفعت خيار الفيديرالية، يبدو أنها تفضل الفراغ على وصول مرشح "حزب الله" للرئاسة، وهو أمر يعني أنها استسلمت للأمر الواقع.

كل الممارسات السياسية للقوى الطائفية في لبنان تساهم في تأبيد الفراغ، أولاً لعجزها عن بلورة تسوية تنقذ البلد من الضياع، وثانياً لتمترسها خلف استعصاءات تنسف كل ما تبقى من رصيد في المؤسسات، بدءاً باتفاق الطائف وصولاً إلى الصيغة. وعلى هذا، تشير التوقعات وفق المصدر السياسي إلى احتمال فشل الحوار وعدم تمكن لودريان من جمع الأطراف على طاولة واحدة، هذا إذا استمر في مهمته اللبنانية ولم تشغله الوظيفة السعودية الجديدة، أو تولى أحد آخر المهمة مثل باتريك دوريل الذي لم يحقق أي خرق في جدار الازمة.

وفي انتظار ما ستؤول إليه التطورات جنوباً، من حوادث مرتقبة، يبقى "حزب الله" الطرف القادر على تجيير الامور لمصلحته باستعصائه، وبفائض قوته ودوره الداخلي والإقليمي الذي يستثمره كمقرر في مسار الرئاسة والحدود وأيضاً الكيان، ولذا الفراغ مرشح للتمدد إلى أمد طويل...

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار