العقوبات في بيان البرلمان الأوروبي... تهديد غير قابل للتنفيذ؟ | أخبار اليوم

العقوبات في بيان البرلمان الأوروبي... تهديد غير قابل للتنفيذ؟

| الخميس 20 يوليو 2023

العقوبات في بيان البرلمان الأوروبي... تهديد غير قابل للتنفيذ؟

إذا أراد الاتحاد فرض عقوبات فلديه أدوات مناسبة وقاسية جداً ويُمكن أن يكون لها تأثيرها الحقيقي

"النهار"- اسكندر خشاشو

تتواصل ردات الفعل على قرار البرلمان الأوروبي الأخير بشأن لبنان، ولا يزال بند النازحين السوريين أكثر البنود تداولاً وتقدّماً، على الرّغم من أنّ القرار حمل في بنوده الباقية نقاطاً تشخّص مكامن الخلل وتسمّي الأشياء بأسمائها، وكانت بأغلبيتها مطالب سيادية، وعلى أساسها تحرّكت الناس شعبياً، ونظّمت تظاهرات لا تزال حتى السّاعة.

تحدّث القرار عن تعطيل "السلاح" للمسار الديمقراطي والدستوري، وعن تعطيل التحقيقات في قضايا الفساد، وعن تعطيل التحقيق في انفجار الـ4 من آب، وعن تعطيل الانتخابات الرئاسية والبلدية، وعن مساعدات إنسانية للطبقات الفقيرة، وعن رقابة على المشاريع التي ينخرها الفساد، وعن حقوق المودعين، وعن نشر بعثة استشارية إدارية شاملة تابعة للاتحاد الأوروبي، من أجل تلبية الحاجة الملحّة في مواجهة الانهيار المتسارع للإدارة العامة والخدمات الأساسية، من خلال توفير خطّة عمل وما يتّصل بها من دعم ضروري، والأهم هو فرض عقوبات هادفة في الإطار الذي اعتمده المجلس في الـ30 من تموز 2021 ضدّ كلّ مَن يعرقل العملية الديموقراطية والانتخابية في المؤسسات اللبنانية، أو يعيق التحقيق المحليّ في انفجار مرفأ بيروت أو في تحقيق دولي وشيك عبر بعثة تقصّي حقائق، تحت طائلة الاستيلاء على أصولهم في الاتحاد الأوروبيّ.


في هذا الإطار، يشرح رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ"النهار" بأن "الإجراءات أو التدابير التقييديّة التي يتبنّاها الاتحاد الأوروبي تحت عنوان "العقوبات" أداة أساسية لتطبيق السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد، والتي تمكّنه من التدخّل بطريقة غير مباشرة عند الضرورة لمنع الصراعات أو الاستجابة للأزمات الناشئة أو الحالية. ولقد اعتمد الاتحاد الأوروبي تسمية "الإجراءات التقييدية" للإشارة إلى العقوبات، لأن التدابير التقييدية المفروضة من الاتحاد الأوروبي ليست عقابيّة".

ويضيف مرقص: "يعمل الاتحاد الأوروبي أيضاً على توجيه عقوباته بعناية وتصميم بطريقة تتناسب مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها. فهي تستهدف دولاً خارج الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الكيانات والأفراد المسؤولين عن مخالفة القوانين الدولية، والتي يريد الاتحاد التأثير فيها".

تجدر الإشارة إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي أكثر من نظام للتدابير التقييدية ساري المفعول. فهذه التدابير تتوزّع بين قيود دبلوماسيّة كقطع العلاقات الدبلوماسية وتعليق الزيارات الرسمية، وأخرى تدبيرية على العمليات التجارية بشكل عام، أو قيود على الدخول كمنع السفر، بالإضافة إلى القيود المالية كتجميد الأموال وحظر المعاملات المالية، وتعزيز السلم والأمن الدوليين، كما القيود الخاصة بمنع الصراعات. وبعضها مكلف من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في حين يتمّ اعتماد البعض الآخر بشكل مستقلّ من قبل الاتحاد الأوروبي.

ويشير مرقص إلى أن الإجراءات لا تُطبّق إلا في نطاق الولاية القضائية للاتحاد الأوروبي، في حين أن عقوبات الاتحاد الأوروبي لها تأثير بطبيعتها في الدول غير الأعضاء في الاتحاد، نظراً إلى أنّها أداة للسياسة الخارجية؛ بمعنى آخر، "إن الالتزامات التي تفرضها مُلزمةً لمواطني الاتحاد الأوروبي أو للأشخاص الموجودين في هذا الاتحاد أو الذين يمارسون الأعمال التجارية فيه".
ويقول: "أدّت الأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوكرانيا إلى زيادة ملحوظة في استخدام العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي. هناك الآن في الاتحاد عقوبات ضدّ ما يُقارب 35 دولة و7 منظمات إرهابية".
وبعد تقديم اقتراح فرض العقوبات، تتمّ مناقشته بدايةً في مجلس الشؤون الخارجية بعبارات عامّة، ثمّ يناقش بمزيد من التفصيل من قبل اللجنة السياسية والأمنية، ثم بعد ذلك يقدّم إلى فريق عمل المجلس المسؤول عن المنطقة الجغرافية، التي ينتمي إليها البلد المستهدف، لفحص ومناقشة الإجراءات المقترحة (في حالة لبنان فريق عمل المشرق العربي)، وأخيراً يتفاوض مندوبو الدول الأعضاء في المجلس ويقرّرون بالإجماع من سيتمّ إدراجه".

وعن قرار البرمان بشكل عام يقول، إنّ "أيّ قرار يصدر أو قد يصدر من قبل البرلمان الأوروبي بحقّ لبنان مثل "JOINT MOTION" رقم RC-B9-0323/2023 الصادر عن البرلمان الأوروبي للحصول على حلّ بشأن الوضع في لبنان"، يحتاج إلى تعاون لبنان لكي يصل إلى مبتغاه ويحقق أهدافه، فضلًا عن أنّه لا يمكن أن يلزم لبنان بأن يأخذ إجراءات تتناقض مع مصالحه الوطنية، لا سيّما في ما يتعلّق بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم. هذا مع الإشارة إلى أن القرار الأوروبيّ الطويل والكثيف التعليل، ليس بكليّته سلبياً بحقّ لبنان كما بالنسبة إلى قضية النازحين السوريين فيه، بل يحمل معانيَ أخرى جديرة بالدراسة، تتجاوز مسألة النازحين السوريين لتصل إلى أبعاد لبنانية داخلية لمكافحة الفساد السياسي وعرقلة المسار الديموقراطي، سواء بالنسبة إلى منع انتخاب رئيس للجمهورية أو تأجيل الانتخابات البلدية وتفجير مرفأ بيروت".

في السياسة، أكّد النائب الدكتور سليم الصايغ أنّ قرار البرلمان الأوروبي في ما خصّ لبنان والنازحين، له إيجابيات وسلبيات، وما أتى في الفقرة 13 عن النزوح السوري مرفوض ولا يحمل أيّ تأويل.

وقال لـ"النهار": "البعض تكلّم عن قرار ملتبس مبهم، لكن ما يجب قوله هو أن القرار بفقرته الثالثة عشرة ليس حمّال أوجه بل واضح ومرفوض، لأن القرار - ولو أنّه لا يقول بإبقاء السوريين في لبنان - لا يُعطي أيّ تصوّر أو طريقة عن كيفيّة إعادة السوريين إلى بلدهم. والمشكلة ليست لدى لبنان والحكومة، بالرغم من أن الحكومة تداري السوريين، وهي حريصة على مصلحة الشعب السوريّ أكثر من حكومته، وفي لبنان ثمّة مَن هو حريص على حقوق الإنسان أكثر من النظام السوري، كذلك الحكومات منذ 2011".

وأشار الصايغ إلى أن المجتمع الدولي ربط العودة السورية بالعملية السياسيّة طويلاً، وهو يدعو إلى حلّ إنسانيّ، ممّا يعني أنه يجب الانتظار طويلاً.

ورأى الصايغ أن القرار الأوروبي يأخذ مصلحة "أوروبا أولاً"، وقال: "ثمّة مجموعة في البرلمان الأوروبي تشكّل أكبر كتلة، ونحن ككتائب متحالفون معها، إنّما لا أغلبية لديها، ونحن على تواصل معهم منذ أيّام، واستطعنا أن نوصل وجهة نظرنا في كلّ المواضيع، وهو عمل تراكميّ، ووافقوا على كلّ النقاط التي تناقشنا فيها وأوضحناها لهم، إنما في داخل اللجان المشتركة وجدوا مواجهة من الأحزاب اليسارية والخضر ومجموعة الرئيس ماكرون". واعتبر أن هناك رأياً عامّاً أوروبيّاً منقسماً حول النازحين في لبنان، وتبيّن ذلك بالتصويت.

الصايغ الذي أكّد ترحيبه بكلّ البنود الـ15 ما عدا الفقرة الـ13، لفت إلى أن أزمة النازحين السوريين مسؤوليّة مشتركة بين المجتمع الدولي والحكومة السورية والحكومة اللبنانية التي هي ملحقة بسوريا حول النزوح، ولبنان يأخذ موقفاً موحّداً من العودة إنما الحكومة السورية لا تريد للنازحين العودة إليها .

وعن العقوبات يقول الصايغ: "إنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث عن عقوبات وعليهم طرحها، فدائماً يجري الحديث عن عقوبات لن تطرح في الأصل، ولا أدري إذا كانت هذه المرة بالجديّة نفسها. لكن التجارب مع الاتحاد الاوروبي في هذا الموضوع بالذات غير مشجّعة"، مشدّداً على أنّه "إذا أراد الاتحاد فرض عقوبات فلديه أدوات مناسبة وقاسية جداً، ويُمكن أن يكون لها تأثيرها الحقيقي".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار