موظّفو القطاع العامّ من دون رواتب اذا نفذ انواب الحاكم قرارهم | أخبار اليوم

موظّفو القطاع العامّ من دون رواتب اذا نفذ انواب الحاكم قرارهم

| الخميس 27 يوليو 2023

قد لا تكون "محاولة" اليوم نهائية فالإثنين هو اليوم الأخير وكلّ الاحتمالات ستبقى مفتوحة

ملاك عقيل - اساس ميديا

يقدّم التخبّط الذي يحيط بِحسم مصير حاكمية مصرف لبنان نموذجاً عن "مصير" قيادة الجيش على مسافة أشهر قليلة من من موعد إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد.
موقعان مسيحيّان، يليان رئاسة الجمهورية في تراتبية أرفع المناصب المارونية، يقتربان أكثر فأكثر من فرضية الشغور التامّ مع التعذّر المستمرّ في تلمّس خارطة التسوية الشاملة التي أوّل بنودها انتخاب رئيس الجمهورية.

إنّها الفوضى
لم يعد بالإمكان حجب سيناريو صار أقرب إلى الواقع: فوضى ماليّة ونقدية كاملة قد تلاقيها فوضى أمنيّة وجولات تكسير رؤوس في شأن من سيخلف قائد الجيش بداية العام إذا بقيت الأزمة الرئاسية على حالها. وها هو الموفد الفرنسي جان إيف لودريان يبشّر بأنّ الحلّ "المفترض" لن تبدأ معالمه قبل شهر أيلول.
مهما كانت النتيجة التي سترسو عليها اليوم المناقشات  في مجلس الوزراء حول مصير الحاكمية وخلاصة لقاءات نواب الحاكم الأربعة مع الرئيس نجيب ميقاتي ومداولات الكواليس التي أبقت مشروع التمديد لرياض سلامة قائماً حتى اللحظة الأخيرة بعكس التصريحات المُعلنة من السراي وعين التينة، فإنّ الحركة الالتفافية-الاعتراضية على قرار برّي-ميقاتي بتعيين حاكم لمصرف لبنان عبر تطيير نصاب "بند التعيين" اليوم أسّست لمرحلة أكثر تأزّماً وزادت منسوب الغموض حول مصير الحاكمية.

بَرَز في هذا السياق قرار مجلس شورى الدولة برفض طلب الحكومة الاستدانة من مصرف لبنان. وهو الطلب الذي وَعَدَ ميقاتي نواب الحاكم الأربعة بتقديمه لتأمين التغطية القانونية لصرفهم من الاحتياطي الإلزامي لدفع رواتب القطاع العامّ واستيراد بعض الأدوية بعد رفض مجلس النواب القيام بالمهمّة.
هذا يعني، ومع تشدّد نواب الحاكم في رفض صرف دولار واحد بعد 31 تموز من دون قانون يشرّع لهم المسّ باحتياطي العملات الصعبة في مصرف لبنان، أنّ موظّفي القطاع العامّ سيجدون أنفسهم من دون رواتب، ونواب الحاكم الأربعة سيجدون أنفسهم في منازلهم في حال تنفيذ تهديدهم بالاستقالة.

آخر المناورات
وفق معلومات "أساس" قد لا تكون "محاولة" اليوم نهائية، فالإثنين هو اليوم الأخير في ولاية رياض سلامة، وكلّ الاحتمالات ستبقى مفتوحة، فيما أبقي على موعد الجلسة التي دعا إليها ميقاتي والتي كانت مخصّصة للبحث في الوضعين المالي والنقدي لكن نصابها سيطير حتماً في حال طرح بند التعيين.
وإذا كان الرئيس نبيه برّي قد "فَعَلها" مرّة ثانية متقمّصاً دور رئيس الحكومة بتحديد موعد في الإعلام لجلسة مجلس الوزراء قبل أن يبادر الأمين العام لمجلس الوزراء إلى الدعوة إليها (قيل أيضاً أنّ الإعلان الذي صدر من عين التينة كان متّفقاً عليه بين الرجلين)، فإنّ الدفع باتّجاه جلسة التعيين شكّل آخر "المناورات" على خطّ برّي-ميقاتي-جنبلاط لتفادي تطبيق حرفيّة قانون النقد والتسليف بجلوس نائب الحاكم الأوّل الشيعي مكان رياض سلامة، لكنّ الجلسة اصطدمت بجدار سميك من المقاطعة في ظلّ تسليم مشترك بصعوبة إكمال نصاب الحضور وأخذ قرار بالتعيين.

تطيير النصاب
في هذا السياق، أبقى الحزب ورقته مكتومة، لكنّ الأمر الحزبي، وفق معلومات "أساس"، كان يتّجه على الرغم من التصويت ضدّ التعيين إلى عدم مقاطعة وزيرَيْ الحزب مصطفى بيرم وعلي حميّة الجلسة في ظلّ موقف واضح عكسه قبل أشهر السيّد حسن نصرالله برفض إجراء حكومة نجيب ميقاتي أيّ تعيينات، وعلى رأسها حاكم مصرف لبنان. وفعليّاً ترك الحزب لغيره تطيير نصاب الجلسة. فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لاقى الحزب في موقفه وذهب إلى حدّ مقاطعة الجلسة، تعييناً وتمديداً، كما أعلن أمس الوزيران زياد مكاري وجوني القرم. وانضمّ إلى فريق المقاطعين وزير السياحة وليد نصّار (المحسوب على حصّة باسيل في الحكومة) الذي دأب على المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، ثمّ التحق بجبهة المقاطعين الوزير عصام شرف الدين، ففقدت جلسة اليوم نصاب الحضور تلقائيّاً.
أمّا التيار الوطني الحر الأكثر تشدّداً في رفض التعيين فأوعز رئيسه إلى وزير العدل هنري خوري أمس التقدّم بطلب لتعيين حارس قضائي أو مدير مؤقّت أمام قضاء العجلة الإداري في مجلس شورى الدولة تفادياً لخيار الفراغ في سدّة الحاكمية، فيما سبق لرئيس حزب القوات سمير جعجع أن دعا سابقاً، وعلناً، إلى تعيين حاكم مصرف جديد، ثمّ غيّرت كتلة القوات رأيها وضغطت باتّجاه رفض التعيين. هذه الخطوة التي يسوّق لها باسيل تلقى أيضاً معارضة سياسية كبيرة قد لا يؤثّر فيها قرار "الشورى" المنتظر لأنّه غير ملزم.

النتيجة: لا نتيجة
ما هي النتيجة العملانية لهذه المعطيات المتضاربة؟ لا توافق على التعيين، لا إمكانية للتمديد، لا مجال لتعيين حارس قضائي، لا قبول بممارسة نواب الحاكم الأربعة مهامّهم من دون قانون يشرّع الصرف من الاحتياطي وإقرار سلّة قوانين إصلاحية.
الرهان الأخير يبقى على القرار النهائي الذي سيتّخذه نواب الحاكم، فرادى أو كمجموعة، والذي لن يحسم سوى في اللحظات الأخيرة.

مرشّحون في الإعلام
فعليّاً تشكّل الأسماء التي رُميت في الإعلام للتعيين، منها المتداوَل والمعروف ومنها الجديد على السمع، حقل اختبار لجلسة التعيين الجدّيّة (غير معروفة التاريخ بعد والمرتبطة بالتسوية الكبرى) في ظلّ شبه تسليم بأنّ الموافقة الأميركية على الاسم هي من شروط صدور مرسوم التعيين.
كانت مروحة الأسماء قد قفزت من كريم سعيد شقيق النائب السابق فارس سعيد إلى المدير العامّ لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والوزير السابق منصور بطيش، وما بينهم كميل أبو سليمان ورئيس جمعية المصارف سابقاً جوزف طربيه، عاكسةً العبثية في تحديد موعد جلسة تُركت لـ "آخر لحظة" مع تسليم الجميع، من دون استثناء، بأنّها كانت ستنتهي بعدم تعيين حاكم وبإفساح الطريق أمام تطبيق المادّة 25 من قانون النقد والتسليف بتسلّم نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري صلاحيّات الحاكم... لكن بشروط.

تفرّج دوليّ
يجدر هنا التأكيد أنّ الفوضى المرافقة لحسم مصير حاكمية مصرف لبنان، بعد ولاية الـ 30 عاماً لرياض سلامة، تعكس بما لا يقبل الشكّ تفرّج دول القرار على "التخبيص" اللبناني من دون تدخّلات مؤثّرة باستثناء "فَزَع" قوى سياسية لبنانية، جاهرت في مجالسها باحتمال التمديد لسلامة، من ردّة فعل أوروبية وأميركية على التمديد لحاكم مطلوب للعدالة الدولية بموجب نشرتَيْ إنتربول.
هكذا ضَغَط برّي في الأيام الأخيرة، بعد سقوط مشروع "تمديد الضرورة" لثلاثة أو ستة أشهر لسلامة، من أجل تعيين حاكم تُجمِع كلّ القوى المسيحية على رفض صدور مرسومه مذيّلاً بثلاثة تواقيع من رئيس الحكومة من دون توقيع رئيس الجمهورية عليه، وهو الذي قدّم مقاربة مختلفة قبل أشهر مستهولاً تسلّم النائب الأول وسيم منصوري (الشيعي المحسوب عليه من ضمن حصّته في المجلس المركزي) صلاحيات الحاكم الماروني تفادياً لإشكال طائفي "مع إخواننا المسيحيين".

منذ البداية، وبعكس محاولات التعيين أو التمديد في اللحظة الأخيرة، لم يكن بالإمكان السير بهذين الخيارين: فالتعيين كان مرفوضاً من المسيحيين والحزب وغير مبرّر بمنطق تصريف الأعمال، ولا سيّما أنّ قانون النقد والتسليف يتضمّن وصفة الحلّ، مع صعوبة العثور على انتحاريّ يقبل بالجلوس مؤقّتاً مكان رياض سلامة في قمّة فقدان السيطرة السياسية والماليّة على البلد المتروك لقدره لأنّ التسوية لم تحِن بعد. وأمّا التمديد ولو يوماً واحداً لحاكم مطلوب للعدالة الدولية وفي "الإقامة الجبرية" فكان القبول به أقرب إلى "الفحشاء" السياسية. مع ذلك، لم يستسلم أهل القرار في الداخل، الأمر الذي كلّف الثنائي الشيعي تضارباً فاضحاً في الخيارات انتهى بتطبيل برّي للتعيين (والتمديد سرّاً) ودفن الحزب لهما.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار