هندسات مالية يحتاجها لبنان وشعبه وتخنقها ضغوط المصالح الشخصية للسياسيين... | أخبار اليوم

هندسات مالية يحتاجها لبنان وشعبه وتخنقها ضغوط المصالح الشخصية للسياسيين...

انطون الفتى | الخميس 27 يوليو 2023

غبريل: لتعديل "النّقد والتسليف" بما لا يعود يسمح للدولة بأن تستدين من المصرف المركزي

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بمعزل عن السياسة، وعن تأثيراتها على مستقبل حاكمية مصرف لبنان، وعلى مدّة الشّغور المُحتَمَلَة في منصب الحاكم بعد تموز، نسأل عن الحاجة مستقبلاً الى سياسة مالية ونقدية، والى هندسات مالية مُوافِقَة لما يحتاجه الاقتصاد اللبناني، والشعب اللبناني، بعيداً من تلك التي توافق بعض المؤثّرين في السياسة اللبنانية، ومصالحهم.

 

مصالح

فبمعزل عن الحسابات والآراء السياسية، لا بدّ من الاعتراف بأن الأرقام والمال والاقتصاد... في بلد مثل لبنان، لا تتمتّع بقيمة كبيرة. فاقتصاد بلادنا هو اقتصاد المُتاح والمُمكن سياسياً، واقتصاد المسموح به تبعاً لمصالح بعض المُمسكين بزمام السلطة، وحتى لو كانت تلك المصالح مُتضاربة مع الشروط والحاجات الاقتصادية والشعبية.

هذا ما تحكّم بلبنان خلال العقود الماضية، وببيئة الأعمال فيه، وبقياس المخاطر الذي لطالما كان يتمّ تبعاً لمُنطلقات سياسية، ولمشيئة بعض الأطراف، وهو ما أسقط الاقتصاد اللبناني بقيود معيّنة، وبضغوط غير علمية، وبحالات متكرّرة من عَدَم اليقين.

فهل من مجال لتحقيق الإصلاح الأول في هذا البلد، وهو تحييد السياسة المالية والنقدية، والهندسات المالية، عن التأثيرات والرّغبات السياسية، وعن بعض المصالح؟

 

تمويل الاقتصاد

رأى الخبير المصرفي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل أن "النظرية القائلة إن مصرف لبنان موّل منظومة سياسية على مدى 30 عاماً هي كلام شعبوي. فمصرف لبنان استطاع أن يحافظ على استقرار سعر الصرف على مدى 25 عاماً، وأن يلجم التضخّم لمعدّل سنوي بـ 2.9 في المئة على مدى 25 عاماً أيضاً، بينما كان معدل التضخم في البلدان الناشئة خلال تلك الفترة بنسبة 10 في المئة سنوياً".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "مصرف لبنان قام بمبادرات أيضاً، ساهمت بالحركة الاقتصادية، وبتمويل الاقتصاد. وهو عمل دائماً ضمن الصلاحيات التي لديه، وبما يتوافق مع البيانات الحكومية، ومع واقع أنه كان هناك شبه اعتماد كلّي على القطاع المصرفي لاستقطاب الأموال وتمويل الاقتصاد، بعد انتهاء الحرب الأهلية. وبالتالي، بقيت المصارف التجارية الوسيلة الوحيدة لاستقطاب رؤوس أموال من الخارج، ولم يتمّ تطوير أسواق مالية في البلد".

 

الثقة

وأشار غبريل الى أنه "بالنّسبة الى المستقبل، أول ما يجب القيام به هو تعديل قانون النّقد والتسليف بما لا يعود يسمح للدولة بأن تستدين من المصرف المركزي. بالإضافة الى أولوية لجم التضخّم، وإبقاء مصرف لبنان الجهة الناظمة للقطاع المصرفي، والمشجّع على التنافسية فيه، وأن يكون مؤسّسة مُواكِبَة للتطوّرات الدولية المرتبطة بالمعايير المصرفية، ومعايير الحوكمة والإدارة الرشيدة، ومكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب".

وأكد أنه "لا يمكن الاعتماد على مصرف لبنان والقطاع المصرفي وكأنهما جزيرة معزولة في البلد. فجوّ التجاذبات والصدمات السياسية المتعاقبة، والشّلل المؤسّساتي، وعدم احترام المهل الدستورية، والعمل بظلّ فراغات رئاسية وحكومية، يؤثّر سلبياً على عملهما. فضلاً عن أن إضاعة الفرص الإصلاحية كمؤتمر "سيدر" مثلاً، له انعكاسات سلبية على الثقة، وعلى تدفّقات رؤوس الأموال، وعلى المناخ الاستثماري، والتصنيف الائتماني. من هنا، لا بدّ من النّظر الى الإرادة السياسية في مواكبة عمل مصرف لبنان. فالمصرف لا يتحمّل مسؤولية أزمة الحوكمة، ولا عدم احترام المهل الدستورية والقوانين. وإذا استمرّ هذا المنحى مستقبلاً، فلا مجال لاسترجاع الثقة".

 

انتظام المؤسّسات

وأوضح غبريل أن "اقتصاد لبنان تحوّل الى اقتصاد نقدي منذ بداية الأزمة. وتقديرات البنك الدولي تشير الى أن حجم الاقتصاد النقدي في البلد يبلغ 10 مليارات دولار، وهي لا تمرّ بالقطاع المصرفي الرسمي في معظمها مع الأسف. وهذه مشكلة أساسية، إذ لا يمكن الاستمرار على تلك الحالة".

وختم:"المطلوب هو برنامج إصلاحي ينقلنا من الاقتصاد النّقدي الى منح القطاع المصرفي القدرة على لعب دوره الحيوي من جديد، بما يجعل التداولات التجارية والفردية تحصل من خلاله. واستقطاب هذه الأموال الى القطاع المصرفي يتطلّب استعادة الثّقة أيضاً. واستعادة الثقة التي نتحدّث عنها ليست محصورة بخطوات تقنية فقط، بل هي تحتاج أيضاً الى تطبيق للدستور، والى التزام بالمهل الدستورية، والى احترام فصل السلطات، ودعم استقلالية القضاء، وتطبيق القوانين. فالأساس هو الحوكمة والإدارة الرشيدة، وانتظام المؤسّسات".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار