"نار عين الحلوة"...سِباق بين المعارك الضارية وبين محاولات ميدانية لوقف القتال | أخبار اليوم

"نار عين الحلوة"...سِباق بين المعارك الضارية وبين محاولات ميدانية لوقف القتال

| الأربعاء 02 أغسطس 2023

جاء في الراي الكويتية: ازداد الارتيابُ اللبناني من «سرٍّ» يكمن وراء «تفجير» عين الحلوة، وعَزَّزَهُ تنوُّع السيناريواتِ حيال خفايا «الضغط على زناد» إشعال الوضع في أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في «بلاد الأرز» التي خيّمتْ على إحيائها أمس عيد الجيش مفارقةٌ موجعة تمثّلت في انفلاشِ مَظاهر فقدان الدولة عبر قواها الأمنية والعسكرية القدرة على فرْض هيْبتها على كامل التراب اللبناني ووقوفها بموقع «المتفرّج» على حَدَثٍ خطيرٍ بدا مدجَّجاً بمخاوف كبرى من أن ينفلش على امتداد رقعة المخيمات الـ 11 الأخرى أو قسم منها.

ولم يكن عابراً أن اليوم الثالث من حريق عين الحلوة اتّسم بأعنفِ المواجهات بين «فتح» ومجموعاتٍ من الإسلاميين تتّهمهم الحركة (ولا سيما «جند الشام») بأنهم وراء اغتيال رأس الهرم الأمني في المخيم (قائد قوات الأمن الوطني في صيدا) العميد أبو أشرف العرموشي ومرافقيه الأربعة (الأحد) خلال انتقاله لإنجاز تسوية تسليم المسؤول عن مقتل عبد فرهود الذي كان برفقة الناشط الإسلامي الملقب بـ «أبو قتادة» الذي تَعرّض لإطلاق نار (السبت) من أحد الأشخاص الملقب بـ «الصومالي».

وجاء انفجار المواجهات بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة أمس، على وقع اجتماعٍ في مقر السفارة الفلسطينية لمختلف الفصائل في محاولةٍ لفرض التزام وقف إطلاق النار ولوضع قرار تشكيل لجنة تحقيق في ما حصل منذ السبت ومَن اغتال العرموشي وتسليم المسؤولين موضع تنفيذٍ، وكذلك بعيد لقاء في دار الافتاء في صيدا ضّم المرجعيات السياسية والروحية في المدينة والجوار وخلص إلى الدعوة لإنهاء القتال فوراً «وبعدها فليجلس المتخاصمون ويتفقوا».

ولم يكن ممكناً لأوساط سياسية إلا أن يرتفع لديها منسوب القلق الكبير من مخطّط ما لتكون أحداث عين الحلوة عودَ ثقابٍ يشعل المخيمات الأخرى ولا سيما الشبيهة في «تكوينها» السياسي – الأمني، وذلك ربْطاً بأجنداتٍ تتصل بالصراعاتِ الدائمة على «الأمر لمَن» وكيفية إدارة المواجهة مع اسرائيل بين الفصائل الفلسطينية سواء في الشتات أو حتى داخل الأراضي الفلسطينية ولا سيما في ضوء تعدُّد ارتباطات بعض الحركات بمحور «الممانعة» ومشروعه الاقليمي «العابِر» للقضية الفلسطينية تحت عنوان «وحدة الساحات»، وربما يكون هذا الانفلات «مفيداً» أو مطلوباً أيضاً لإعلاء البُعد الأمني في الواقع اللبناني الذي يقترب من محطاتٍ مفصلية في الأزمة الرئاسية يُخشى أن تتطلّب «مساراتٍ ساخنة» لاستيلاد حلّ يصعب تَصَوُّر أن يحلّ... على البارد.

ورغم أن أحداً لم يكن قادراً بعد على تفكيك «شيفرة» إضرام النار في واقع عين الحلوة، فإنّ اغتيال العرموشي بدا في ذاته محمَّلاً ببعض الأجوبة عن الأسئلة التي تتطاير منذ ثلاثة أيام عن خلفيات ما يجري وعما سيكون في الأيام المقبلة في حال استمرّ انهيار محاولات وقف النار أو حتى اعتماد «هدنة انسانية» تتيح لنحو 60 ألف لاجئ (ما عدا نازحين هربوا من الحرب السورية) التقاط الأنفاس أو الالتحاق بمَن فروا من المخيم.

فالعرموشي كان أكثر من رأس الهرم الأمني في عين الحلوة، إذ أكد عارفون أنه كان بمثابة مَن يُمْسِك بخيوط الاتصال مع كافة الأطراف في المخيم من مختلف الاتجاهات، وتالياً بمفاتيح تهدئة التوترات ومَنْع تَمَدُّدها، وهو ما جعل أحداث اليومين الماضييْن تفتقد «أداة ميدانية» تلجم اندفاعتها سريعاً فلا تتحوّل... جاذبة صواعق.

ولم ترَ أوساطٌ سياسية في محاولاتِ ربْط ما يحصل في عين الحلوة منذ محاولة استهداف ابو قتادة بزيارة رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج للبنان (العرموشي قريب منه) وما أشيع عن مطالب طرحها تتصل بالسلاح داخل المخيمات وخارجها إلا ما يعزّز الخوف من مكمن يُنصب للمخيم ومجمل الواقع الفلسطيني واللبناني لاعتباراتٍ متشعّبة قد تصح كلها أو بعضها، وبينها استهداف الدور المصري الساعي لتوحيد الموقف الفلسطيني (عبر اجتماع «العلمين»)، ولا سيما في ظلّ تقارير لم تتوانَ عن اعتبار «شطب» العرموشي حركة استباقية لأي ترتيبات جديدةٍ تتصل بتوزُّع «الأوزان» والقوى في عموم مخيمات لبنان.

وما فاقَم خطورة الوضع والقلق من نياتٍ لتوسيع رقعة الانفجار، أكثرُ من تطورٍ طبع مواجهات يوم أمس الضارية، من استهداف مباشر غير مسبوق للنقطة التي كانت تحتمي فيها فرق إعلامية لتغطية المعارك بقذيفةٍ سقطتْ على بُعد 10 أمتار ونجا منها الإعلاميون والمصوّرون، وكذلك استهداف إحدى فرق الإسعاف قرب حاجز الحسبة على تخوم المخيم، بالتوازي مع معلوماتٍ ربطت مجمل «استفاقة» الإسلاميين بانتقال أسماء الى عين الحلوة وخصوصاً من الشمال وسبق أن كانت لها أدوار مع «فتح الإسلام» الذي اصطدم مع الجيش اللبناني في معركة المئة يوم الشهيرة في مخيم نهر البارد صيف 2007.

وكانت المواجهات الطاحنة بعد ظهر أمس اندلعت بين فتح وبين «جند الشام» و«الشباب المسلم» ومجموعة بلاد بدر وذلك بعد ساعاتٍ انطبعت بهدوء حذر تارة ومعارك خافتة طوراً، وسط تقارير أشارت إلى أن شرارة الانفجار الأوسع شكّلها هجوم شنّته المجموعات الإسلامية على مواقع «فتح» والأمن الوطني الفلسطيني من حي الطوارئ باتجاه حي البركسات، بالتوازي مع معلومات لم تتأكد عن مقتل قيادي كبير في «جند الشام».


وفي حين نُقل عن مصدر قيادي في الحركة أنها تلقت معلومات أمنية من جهات لبنانية في شأن الهجوم الذي استعدّت للتصدي له، أبلغ قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبوعرَب لموقع «لبنان 24» أن المسلّحين المهاجمين اعتمدوا التمويه «وارتدوا ملابس نسائية وخماراً قبل تنفيذهم الهجوم»، مؤكداً «سنتصدى لهؤلاء وفتح لن تسكت عن أي اعتداء».
 

وإذ تخلل المواجهات انهمار رصاص خارج المخيم في ضواحي صيدا الشرقية والجنوبية والغربية وسقوط قذائف على منازل مواطنين في ساحة النجمة وسط المدينة وقذيفة بعد حاجز الجيش عند المدخل الشمالي لتعمير عين الحلوة قرب مسجد الموصللي الذي يؤوي نازحين من سكان المخيم، ساد اقتناعٌ بأن المعارك، التي كانت أدت لأكثر من 11 قتيلاً و80 جريحاً في حصيلةٍ مفتوحة على مزيد من الضحايا، يصعب ان يحسمها أي فريق، وسط بروز أمرين عكسا محاولة جدية لإنهاء الاقتتال:

- الأول توجيه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله تعليقاً على الاشتباكات الدائرة في عين الحلوة «نداء الى الجميع بوقف الاقتتال والاحتكام للقضاء والحكماء، والمهمّ وقف نزيف الدم بأي شكل».

 

- والثاني التقارير التي تحدثت عصراً عن أن «وفداً من الفصائل الفلسطينية والمسؤولين المركزيين في لبنان اتجه الى عين الحلوة للدخول الى خط التماس وخطوط القتال، لمحاولة وقف المعارك في المخيم».

 

وكانت هيئة العمل الفلسطيني المشترك أكدت بعد اجتماعها الطارئ بحضور سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور رفْع «الغطاء عن مرتكبي عملية الاغتيال الاجرامية الجبانة التي تعرض لها اللواء ابو اشرف العرموشي وكذلك جريمة قتل عبدالرحمن فرهود»، واضعة «هذا الفعل الاجرامي في دائرة الاجندات التي تخدم الاحتلال الصهيوني المتربص بشعبنا وقضيته وتعتبر هذا العمل المشبوه استهدافاً للكلّ الفلسطيني».


ودعت هيئة العمل إلى «تثبيت وقف اطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع فوراً والعمل على توفير المناخ الآمن لعودة كل العائلات التي نزحت من المخيم، وبناء عليه شكلت هيئة العمل لجنة ميدانية لتنفيذ ذلك».

واتفقت على «تكليف لجنة التحقيق المعينة والمشكلة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك المباشرة الفورية بعملها للكشف عن المتورطين في ارتكاب الجريمة التي حصلت لتقديمهم للجهات القضائية والأمنية اللبنانية وإنجاز مهمتها بأسرع وقت ورفع تقريرها لهيئة العمل الفلسطيني المشترك».

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار