تغيّر دولي بعد التمديد لـ "اليونيفيل" ولبنان مهدد بالتفكك... | أخبار اليوم

تغيّر دولي بعد التمديد لـ "اليونيفيل" ولبنان مهدد بالتفكك...

| الإثنين 28 أغسطس 2023

تغيّر دولي بعد التمديد لـ "اليونيفيل" ولبنان مهدد بالتفكك...

ورقة أخيرة للودريان و"حزب الله" يتمسك بفرنجية كبرهان إقليمي!


"النهار"- ابراهيم حيدر

تتراكم التعقيدات اللبنانية على وقع التطورات الأمنية والسياسية المتسارعة في الداخل وفي المنطقة، وهي لا تشي في إمكان حسم مصير الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية السنة، على الرغم مما تشيعه بعض الأطراف عن أجواء مواتية تفرضها ضغوط خارجية للتفاهم على انجاز انتخاب الرئيس أواخر أيلول، أي بعد الزيارة المفترضة للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في منتصف الشهر المقبل. وبينما تستند هذه الأطراف على ما يمكن أن يتبلور لبنانياً في التفاوض السعودي- الإيراني خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض ولقائه الأمير محمد بن سلمان، إلا أن مصادر دبلوماسية تؤكد أن لا شيء ملموساً نتج عن الزيارة بفعل التعارض في وجهات النظر والأولويات المختلفة بين الجانبين، فيما الأجواء الدولية لا تشكل رافعة للتسوية بين اللبنانيين.

يتوقع أن يكون أيلول المقبل شهراً حاسماً ومنعطفاً لما ستؤول إليه الأوضاع اللبنانية في البلد المهدد بالانهيار، وذلك بعد انتهاء العطلة الصيفية حيث الاستحقاقات تتقدم على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية، إضافة الى عودة لودريان للبحث في الاستحقاق الرئاسي كمدخل للتسوية وإعادة بناء السلطة. لكن المؤشرات لا تعكس إمكان تحقيق خروق كبرى في الاستحقاقات طالما لم تتبلور تفاهمات إقليمية تراهن عليها الأطراف وتبني حساباتها وفق مقتضياتها، فضلاً عن رهانات تستند إلى موازين القوى خصوصاً ما يتطلع إليه "#حزب الله" من تكريس واقع يحصّن مكتسباته التي يوظفها في حساباته الإقليمية ووحدة الجبهات.
وعلى ضوء هذه الرهانات ينتظر لبنان قرارمجلس الامن بالتمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" المتوقع نهاية آب الجاري، حيث تبنى عليه أيضاً ركائز حول كيفية التعامل الدولي مع لبنان وتنعكس على الاستحقاقات اللبنانية الأخرى خصوصاً الرئاسة. فإذا لم تتمكن الدبلوماسية اللبنانية من تعديل المشروع الدولي بالعودة إلى صيغة القرار قبل العام 2022 أي التنسيق بين "اليونيفيل" والجيش اللبناني، وعدم توسيع صلاحياتها بالفصل السابع، فإن ذلك يعني مزيداً من الضغوط على "حزب الله" تحديداً خصوصاً في ما يتعلق بتنفيذ القرار 1701 وهو ما سينعكس تشدداً من محور المقاومة حول الاستحقاقات الداخلية.

بعد 31 آب الجاري لن يكون كما قبله، وحتى إن تمكن لبنان من انتزاع تسوية تقضي بإبقاء عمل القوات الدولية على حاله كما في العام الماضي، من دون توسيع الصلاحيات، لن يكون القرار في صالح لبنان، إذ يتبين وفق مصادر دبلوماسية أن الوضع الدولي يركز أكثر على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية وتشديد الضغوط على "حزب الله" خصوصاً بعد البدء بالتنقيب عن الغاز في البلوك 9، وتثبيت الاستقرار في المنطقة البحرية، فيما لبنان مقيد دولياً ولا يستطيع الرهان مثلاً على الفيتو الروسي لمنع استصدار أي قرار لا يناسب لبنان.

ستنعكس هذه التطورات حتماً بمزيد من الصراع الداخلي والانهيارات المتتالية، إذ أن كل الوقائع تشير إلى أن مهمة لودريان التي ستنطلق مجدداً منتصف الشهر المقبل تواجه تعقيدات قد تؤدي إلى انتهاء المبادرة الفرنسية، واستبدالها بحراك مختلف عبر دول اللقاء الخماسي، لكن ذلك مشروط وفق المصادر الدبلوماسية بحل العقدة الإيرانية حيث تعتبر طهران أن لبنان عبر "حزب الله" خط أحمر ولا تقدم تنازلات بشأنه، فيما مقاربة السعودية اختلفت عن السنوات السابقة خصوصاً بعد التغيرات التي حدثت في ظل هيمنة "حزب الله" خلال ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون.

يستحيل التقدم نحو التسوية في ظل التطورات الإقليمية والدولية، فلا مؤشرات فعلية للحل. وتفيد المصادر في هذا الشأن أن "حزب الله" يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية أكثر من أي وقت مضى، ويرفض اي حوار لا ينطلق من هذه المعادلة، وهو يبني حساباته على أساس إقليمي، ولم يتغير موقفه حتى بعد الحوادث الامنية الأخيرة خصوصاً في الكحالة. وهو يكرس أمراً واقعاً يُجبر القوى الداخلية والإقليمية على البحث معه في الاستحقاق الرئاسي، فلا رئيس من دون التوصل إلى اتفاق مع "حزب الله". وتكشف المصادر أن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله أكد في لقاءات داخلية عقدها أخيراً تمسك الحزب بسليمان فرنجية، وهو المرشح الذي لا يطعن ظهر المقاومة ويحافظ على عناصر قوتها. ويعني موقف نصرالله أن الحزب يراهن على الوقت وتوفر اوضاع إقليمية مناسبة وترقب مساراتها خصوصاً التواصل السعودي- الإيراني، وذلك على الرغم من التوترات التي تشهدها الساحة السورية وعودة الأميركيين إلى التشدد فيها.

تثير هذه الرهانات مخاوف لدى الأفرقاء المسيحيين، وإن كان "حزب الله" يبذل جهوداً لتحييد "التيار الوطني الحر" برئاسة جبران باسيل، وعقد اتفاق معه حول ملفات محددة للمرحلة المقبلة. فإذا سلكت المسارات الإقليمية طريقها كما يراهن الحزب، ستعني نسف اتفاق الطائف والصيغة وتكريس أمر واقع جديد في لبنان يتخطى كل التسويات السابقة، وهو ما حذر منه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظته حين حذر من ضرب العيش المشترك وانتهاك الميثاق الوطني واتفاق الطائف.

لا يأتي تحذير الراعي من فراغ، خصوصاً بتركيزه على الثوابت الوطنية والميثاق والصيغة. فلبنان بعد أيلول أو قبل نهاية السنة مهدد بالانهيار الفعلي أو بحدوث تطورات تؤدي إلى فوضى قاتلة، خصوصاً مع تحلل مؤسسات الدولة، والتوترات الأمنية والاضطرابات الاجتماعية والمعيشية والعجز المالي وعدم القدرة على تأمين المتطلبات الاساسية، في غياب أي دعم خارجي، وهذا كله لا يدفع القوى الداخلية إلى البحث عن تسوية حقيقية تنتشل البلد من الفراغ واحتمالات الارتطام والمواجهة بين مكوناته.

الوضع اللبناني دخل في مرحلة حرجة، لن يكون الخروج منها ممكناً من دون تبلور تفاهمات إقليمية ودولية، على اسس متوازنة، وتقول المصادر الدبلوماسية أن الشهرين المقبلين سيحملان الكثير من الأخطار، ما لم تتقدم دول مهتمة بالشأن اللبناني على دعم مؤسسات لا تزال تحافظ على الاستقرار خصوصاً الجيش اللبناني، وتوفير متطلبات أساسية للاستمرار في القيام بمهماته للجم التوترات وضبط الأوضاع الأمنية وتوفير حد أدنى من الاستقرار. لكن هذا الدعم إذا حصل فعلاً لن يكون مؤشراً على إعادة طرح اسم قائد الجيش جوزف عون كمرشح تسووي للرئاسة، خصوصاً في ظل احتدام الصراع الداخلي، وما لم تتوفر آلية دولية وإقليمية قادرة على فرض مسار رئاسي واضح. وعليه قد تكون زيارة لودريان المقبلة إلى لبنان، الأخيرة ما لم يحقق خرقاً يمكن البناء عليه لكسر الاستعصاءات الداخلية وفي مقدمها الشروط التي يضعها "حزب الله" ورهاناته على الوقت لتغيير إقليمي قد يفتك بما تبقى من مناعة وطنية لبنانية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار