إيران كشفت ورقتها ... السعودية اعترضت... وأميركا "تبازر " | أخبار اليوم

إيران كشفت ورقتها ... السعودية اعترضت... وأميركا "تبازر "

| الإثنين 02 أكتوبر 2023

إيران كشفت ورقتها ... السعودية اعترضت... وأميركا "تبازر "
انتهجت واشنطن سياسة تمرير الوقت بحجّة إنضاج الطبخة كما ساهمت في تحريض أعضاء "الخماسية"

د. محيي الدين الشحيمي - اساس ميديا
يبدو أن طهران وحزبها في بيروت قد كشفا أخيراً عن ورقتهما الرئاسية المستورة.

ويبدو أن ثمة اختلافاً أساسياً حيال ذلك داخل الخماسية.

وهو ما أدى إلى تعثر الاستحقاق الرئاسي، حتى الآن. 

فالمملكة العربية السعودية تعتبر لبنان قضية قائمة بذاتها. لها خصوصيتها وأولويتها عندها.

فيما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية لبنان ملفاً ملحقاً بمجموعة من الملفّات، ضمن المسألة الإيرانية.

وينبثق من هذا التباين اختلاف كبير. فالسعودية لا تقبل حلّاً على حساب لبنان. وهذا ما أثبتته تاريخياً. فيما أميركا قد لا تتردد في طرح الورقة اللبنانية في البازار الإيراني،  للبيع والشراء. وهو ما اعتادته تاريخياً أيضاً. 

فسنة 1976، وبعد أشهر على اندلاع الحرب اللبنانية، حاولت المملكة إنقاذ لبنان عبر الشرعية العربية ومؤتمر الرياض.

فيما سارعت أميركا إلى القبول بدخول الجيش السوري، ضمن رهان على تسوية مع حافظ الأسد، تستكمل اتفاق سيناء يومها.

وسنة 1982 مع اجتياح العدو الاسرائيلي، حاولت المملكة مجدداً، ودوماً عبر جامعة الدول العربية. فيما تركت أميركا لبنان لاسرائيل، ومن ثم لسوريا.

وصولاً إلى اتفاق الطائف بالذات، يوم رعت السعودية وثيقة وفاق وطني لبناني لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. فيما ذهبت أميركا إلى تلزيم لبنان كاملاً للأسد. مقابل موقفه من حربها في الخليج.  

في مشاورات الخماسية هذا كان موقف السعودية المتجدد المتكرر والدائم. وهو ما فهمته فرنسا جيّداً. ولو بعد تأخير وتجريب لبضعة أشهر. 

ففي أحدى لحظات التفاوض بين باريس وطهران وبيروت وغيرها من العواصم المعنية بأزمة الرئاسة اللبنانية، فهم أعضاء الخماسية بطريقة ما، أن الحزب يريد فرض عرف دستوري جديد، مقابل تسهيله انتخاب رئيس جديد للبنان.

شيء من نوع اتفاق دوحة-2. وإن لم يفصح الحزب ولا راعيه الإيراني عن المضمون الذي يريده منه وعن المكاسب الجديدة التي يطمح إلى فرضها عبره. ففي الدوحة-1، انتزع الحزب بسلاحه فيتو ضمنياً أو صريحاً، على آليات عمل الدولة اللبنانية كلها. من وزارة المالية إلى تكليف رئيس حكومة وتأليفها، انتهاء بانتخاب رئيس، ومروراً بكل تعيين أو تفصيل في الدولة.

وفوق ذلك كله، اعتبر سلاحه خارج أي مساءلة أو ضوابط. لا كمقاومة وحسب. بل كسلاح داخلي في كل لحظة ومحطة من حياة اللبنانيين.

هذا ما جعل السؤال أكثر قلقاً: ماذا يريد الحزب بعد إذن من دوحة -2؟!

المهم أن الرسالة وصلت إلى الخماسية، والفكرة طرحت: دوحة- 2 مقابل رئيس.

لم تنتبه واشنطن إلى أنّ ظروف اتفاق الدوحة 2008 لم تعد متوافرة اليوم. فلا الحزب قادر على اجتياح لبنان كما فعل في بيروت أيار 2008. ولا سوريا حاضرة لتحمي ظهره. ولا ثلاثي عربي تركي ليتوسط له. ولا الغرب وأوروبا تواقان لأي تسوية معه. سلسلة متغيرات جسدها عجز الحزب عن تأمين أكثرية نيابية لفرض مرشحه الرئاسي. 

نقاشات فرنسيّة في أروقة الإليزيه

حيال ذلك، تؤكد معلومات "أساس" أن دوائر الرئاسة الفرنسية تناقش ثلاث مسائل حيال لبنان:

- أولاً، الخشية من طرح الحزب وطهران لهذه المقايضة.

- ثانياً، المشاكل الكبيرة داخل الدبلوماسية الفرنسية، والتي عكست فشلها التكتيكي خارج الحدود الفرنسية والأوروبية، وخاصة في إفريقيا. خصوصاً ما وصف بصراعات الديوك الفرنسية في السيطرة على قرار السياسة الخارجية. ففيما ماكرون يدعم مبعوثه لودريان، كان بعض الرؤوس "المخفيّة" في الإدارة الفرنسية يعمل على عرقلة مساعيه.

- وثالثاً، العوامل التي أدت إلى عرقلة المساعي الفرنسية في لبنان.

الخوف والخشية "الفرنسيّان" من "دوحة" جديد

السؤال الأهم في الإليزيه الآن: ماذا لو لم تمانع أميركا شيئاً من دوحة-2؟ حتى ولو كان هذا موقفها الصامت أو المكتوم.

ذلك أن باريس لم تكن غافلة عن خطوات واشنطن داخل الخماسية: محاولتها أولاً اجتذاب قطر. ثم استمالة مصر. مع سعي للتماهي الشكلي مع السعودية. لكن المسعى الأميركي الفعلي كان يمهد لتطويق الموقف السعودي القاطع، برفض أي مس باتفاق الطائف. وللدفع عملياً لتحويل الخماسية إلى 5 زائد إيران. بحيث يصير "البازار" حول لبنان ممكناً.

وتمهيداً لهذا الهدف، انتهجت واشنطن سياسة تمرير الوقت بحجّة إنضاج الطبخة. كما ساهمت في تحريض أعضاء "الخماسية" على فرنسا. وحاولت أن تكرّس صورة "رباعية + فرنسا". وذلك لحصار باريس، وبالتالي تطويعها لحظة نضوج الصقفقة.

في دوائر الإليزيه همس عن إدراك فرنسي لتلك المحاولة. وهو ما سعت باريس لصده  بالتنسيق مع الفاتيكان. فروما أقرب إلى الرؤية الفرنسية للمشهد اللبناني. وهي تدرك مثلها أن أي تعديل على اتفاق الطائف، في ظل موازين القوى الراهنة، يشكل آخر مسمار في نعش الصيغة اللبنانية وكيانية المناصفة والعيش الواحد في لبنان.

فرنسا – السعوديّة.. لمواجهة أميركا؟

هكذا بدت فرنسا وكأنها تقترب من السعودية لبنانياً مجدّداً. وتبتعد الدولتان عن أميركا. فباريس عاجزة عن مواجهة واشنطن في بيروت بمفردها. فيما التفاهم الفرنسي السعودي يصبح حاسماً لبنانياً.

وهذا ما لاحت تباشيره في كلام لودريان الأخير، عن إسقاط المبادرة الفرنسية الأولى. كما في زيارته الرياض ولقائه وزير الخارجية السعودية، بحضور مسؤولي الملف اللبناني في المملكة.

فالمملكة تتبنى حراك قطر في الملفّ اللبناني. بما لا يخرج عن الثوابت السعودية والإجماعين العربي والدولي. وبما لا يعرّض دول الخليج لأيّ تنافر في الموضوع اللبناني.

الأفضليّة القطريّة والقواعد الفرنسيّة

هكذا تنبثق الأفضلية القطرية على المبادرة الفرنسية، من فكرتين:

- حيادية قطر وقدرتها على التواصل مع الجميع، وخاصة إيران.

- طرحها لشخصيّات تحظى بالتوافق والمقبولية المحلية اللبنانية والدولية. على عكس المبادرة الفرنسية التي حاولت تسويق مرشح الحزب بدايةً.   

وحيال هذه الأفضلية القطرية تبدو فرنسا مرحبة. فهي باتت مهتمة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي أكثر منها باسم الرئيس. وتحاول لذلك تذليل العقبات، مع حماية الطائف.

فيما الخشية المستمرة من حسابات أميركية تقوم على التالي:

- استساغة تقديم الهدايا إلى إيران وحزبها.

- استمرار الرهان على صفقة حدودية جديدة بين الحزب اسرائيل في جنوب لبنان.

- عدم اكتراث واشنطن بلبنان كدولة. فكيف بنظامه ووثيقة وفاقه الوطني؟!

- مكافأة قطر على جهودها في وساطة فدية الأسرى مع إيران.

- استمرار بايدن في منحى رئيسه السابق وسلفه أوباما. بالرهان على تفاهم نووي ولو غير مكتوب مع إيران.

- التمادي في إضعاف فرنسا ماكرون، من أوستراليا وغواصاتها إلى أفريقيا وثوراتها انتهاء بلبنان ورئاسته.

رسمياً، حرص الجانبان الأميركي والفرنسي بعد لقاءات نيويورك، على نفي أي تباين بينهما. وعلى تأكيد تطابق موقفهما في لبنان.

لكن المحك سيكون لحظة تفتح إيران ورقة حزبها، أو تفضحها: نريد ثمناً جديداً مقابل التسوية. أعطونا شيئاً بين الدوحة والطائف، وإلا لا رئيس، كما حقق الطائف والدوحة.

عند هذا الامتحان، ستظهر حقيقة مواقف الجميع. وسيعرف فعلاً ما سيكون مستقبل لبنان.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار