نصرالله يضبط نار الحدود بتقويم إقليمي؟ | أخبار اليوم

نصرالله يضبط نار الحدود بتقويم إقليمي؟

| الإثنين 23 أكتوبر 2023

جبهة الجنوب تحاكي غزة وخطر على لبنان...

نصرالله يضبط نار الحدود بتقويم إقليمي؟


"النهار"- ابراهيم حيدر

خفت على نحو واضح صوت العمليات الفلسطينية لـ"حماس" والجهاد الإسلامي من جنوب لبنان مواكبة لحرب غزة. عادت الأمور إلى الأصل أي التركيز على "حزب الله" في المواجهة المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود الجنوبية، لتتوسع أخيراً وتطال مناطق بعيدة كما حدث مع الاستهداف الإسرائيلي لمجموعات المقاومة في سجد- الريحان. ومع ازدياد عمليات الحزب ضد المواقع الإسرائيلية في المستوطنات القريبة، لم يلجأ حتى الآن إلى قصف مركز في العمق، وإن كان توسّع دائرة المعارك مؤشراً على أن الحرب اقتربت من دون إعلان، تواكبها حركة تحذيرات دولية تحضّ على عدم زج لبنان في حرب غزة، فيما يعلن قياديون من "حزب الله" يومياً أنه جزء من المعركة، إذ يبدو الهدف هو إشغال الإسرائيليين في شكل متدرج من دون تفجير شامل.

في الحرب التي تُخاض ضد الفلسطينيين في غزة، لن تكون جبهة لبنان محيّدة وإن كانت راهناً في حالة توتر ومواجهات، ويبدو أن "حزب الله" لن يشعلها إلا في حال شعر أن "حماس" لم يعد في إمكانها الصمود أو ذهبت الأمور إلى مسارات أخرى. فهي لا تزال ضمن نطاق محدد إلى أن تحين لحظة الحرب الكبرى وفقاً للتطورات الميدانية في الداخل الفلسطيني وعلى أرض غزة، وفي انتظار القرار الإقليمي من المرجعية الإيرانية أو التكليف الشرعي الذي أشار إليه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.

اي حرب تنطلق من لبنان ستكون مصيرية، لذا ينتظر الحزب نتائج معركة الفلسطينيين في غزة. يسبق ذلك تهيئة الأرضية المناسبة على المستوى اللبناني لتجاوز الانقسام الراهن، من دون أن يكون الحزب قادراً على إقناع فئات لبنانية سياسية وطائفية بدعمه لـ"نصرة غزة" وإن كان اشرك "الجماعة الإسلامية" أو ما يسمى قوات الفجر في اطلاق الصواريخ للقول أن المواجهة مع إسرائيل لا تقتصر على الطرف الشيعي انما لها امتدادات بين السنة. وهي رسالة داخلية وايضاً للأميركيين والإسرائيليين، فإذا كانت حماس الفلسطينية في لبنان لا تمنحه غطاءً سنياً، فإنه يراهن على تلك الفئات اللبنانية وإن كان دورها محدوداً، علماً أن جزءاً من العمليات التي شنها الحزب في الجنوب كانت للمصادفة من بلدات سنية في المنطقة الحدودية.

وفقاً للمعطيات فإن الايام العشرة المقبلة ستحدد وجهة الحرب إن كان في غزة أو على جبهة لبنان، إذ تتكثف الجهود الديبلوماسية عربياً ودولياً على أكثر من خط ومستوى لوقف حرب غزة التي يمكن أن تشعل المنطقة. ويمكن تقييم ما يحدث فعلياً من خلال الحشد العسكري الأميركي بحاملتي الطائرات إلى المتوسط والجسر الجوي المفتوح بالسلاح والذخائر إلى إسرائيل وهو أمر لم يحدث إلا في حروب كبرى وفق مصدر ديبلوماسي متابع، إذ تقول واشنطن بوضوح أنها تدير المعركة وتوجه رسائل إلى إيران و"حزب الله" وكل الدول أنها بصدد الحسم في غزة، وإن كانت لا تريد الآن أن يتفجر الوضع على جبهة لبنان. يعني ذلك أن الأميركيين يريدون ضمان أن تخرج إسرائيل منتصرة في حربها ضد "حماس" وتتجنب في الوقت ذاته نشوب حرب إقليمية، ولذا كثرت رسائلها التحذيرية من خلال جولات وزير خارجيتها أنتوني بلينكن في المنطقة ثم حضور الرئيس جو بايدن إلى إسرائيل وإعلانه مواقف تصب في محاولة استعادة الكيان الإسرائيلي لتوازنه بعد عملية حماس.

كل المعطيات تفيد أن الدخول البري الإسرائيلي إلى غزة سيفجر جبهة الجنوب أو على الأقل سيوسع دائرتها في شكل كبير، لكن ذلك يبقى وفق المصدر الديبلوماسي غير محسوم خصوصاً إذا تمكنت حماس من الصمود، أو لم تستطع إسرائيل توجيه ضربات قاتلة لها أو تهجير قسم من الفلسطينيين إلى جنوب غزة اي على الحدود مع مصر. وبخلاف ذلك قد يرمي "حزب الله" بثقله في المعركة بقرار من دون أي اكتراث لواقع لبنان بالتوازي مع تسخين للوضع في العراق واليمن ضد الأميركيين ظهرت مؤشراته أخيراً في إطلاق الصواريخ على قواعد أميركية.

لكن ثمة احتمالات أخرى مطروحة على الطاولة على جبهتي غزة ولبنان. فإذا كان الأميركيون برأوا إيران من المشاركة في "طوفان الأقصى" التي هزّت بنية الكيان الإسرائيلي، إلا أنهم يعتبرون أنها تتهيأ لتوسيع المعركة على مختلف الجبهات خصوصاً لبنان توازياً مع حرب غزة، ولذا دفعت واشنطن بقوتها الى المتوسط لحماية إسرائيل. بالنسبة إلى واشنطن تبقى الأولوية لجبهة غزة أو ضرب "حماس" وحتى تهجير الفلسطينيين إلى مساحة لا يعود معها ممكناً تهديد إسرائيل. يندرج ذلك من ضمن الاحتمالات على جبهة لبنان، فإذا نجح الاحتلال الإسرائيلي في حربه البرية فلسطينياً، سينتقل التركيز إلى لبنان، والهدف البعيد هو توجيه ضربات لـ"حزب الله" وصولاً إلى التهجير والأرض المحروقة التي لا تعود تشكل تهديداً لإسرائيل. هذا سيناريو مطروح وفقاً لتطورات حرب غزة، وفق المصدر، لكن لم يحن وقته وظروفه بعد ولذا تبقى جبهة لبنان متوترة ضمن قواعد الاشتباك التي يلتزم بها أيضاً "حزب الله" وإن كانت المواجهات تتوسع حيناً ثم تنحسر انما بتنويعات تتركز في المواقع الأمامية.
ا
لايام المقبلة قد تحمل الكثير من المفاجآت على مختلف الجبهات، لكن الأكيد وفق المصدر الدبلوماسي ستكون في غزة وامتداداً نحو لبنان. وهذه الجبهة الاخيرة ستكون مسؤولية إشعالها الآن بيد "حزب الله"، فيما التصعيد في سوريا والعراق واليمن يرتبط بالرسائل الإيرانية إلى واشنطن كي تضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة، فيما الهدف الأبعد هو اطلاق مفاوضات تُطرح خلالها كل الملفات مع الأميركيين. وقد يكون التصعيد في الجنوب اللبناني يندرج في هذه الوجهة.

واياً تكن المسارات التي ستتخذها جبهة الجنوب، فإن الخطر بات داهماً على لبنان، وهو أمر تؤكده التحذيرات العربية والدولية من مغبة الانجرار إلى حرب واسعة، وأيضاً الإجراءات التي تتخذ لدى شركات الطيران، وطلب الدول مغادرة رعاياها. وعلى هذا لا يبدو موقف "حزب الله" غامضاً من الحرب، وإن كان أمينه العام السيد حسن نصرالله لم يظهر علناً، فهو منخرط في المعركة حتى الآن ضمن ضوابط لمنع كسر المعادلات القائمة في الإقليم، وهو تهيئة للحرب الكبرى طالما أن الترسانة العسكرية لم تستخدم بعد وهي متروكة للحظة المناسبة.
يبقى أن تكتيك "حزب الله" في المعركة اليوم، هو محاولة لعدم تكرار تجربة 2006، اي أنه يسعى لفرض قواعده قبل الحرب الكبرى، وإن كان يدفع كلفة باهظة على ما يظهر في نعي مقاتليه، لكن حرب 2006 لا تزال حاضرة بكلفتها التدميرية، في وقت لا يبدو لبنان محصناً بل منقسماً إلى أبعد الحدود. فالتعاطف الشعبي السني مع الفلسطينيين على ما يظهر في التظاهرات الشعبية، لا يعني بالضرورة أنه يحقق التغطية لـ"حزب الله" في حرب لن يسلم منها لبنان بأكمله...

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار